للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَمَا لَا تَنْتَقِلُ إلَى الْأُخْتِ، وَكَوْنُهُنَّ فُرُوعًا لَهَا، لَا يُوجِبُ سُقُوطَ حُقُوقِهِنَّ بِسُقُوطِ حَقِّهَا، كَمَا لَوْ سَقَطَ حَقُّهَا لِكَوْنِهَا مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الْحَضَانَةِ، أَوْ لِتَزَوُّجِهَا وَهَكَذَا الْحُكْمُ فِي الْأَبِ إذَا أَسْقَطَ حَقَّهُ، هَلْ يَسْقُطُ حَقُّ أُمَّهَاتِهِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ وَإِنْ كَانَتْ أُخْتٌ مِنْ أَبَوَيْنِ، وَأُخْتٌ مِنْ أَبٍ، فَأَسْقَطَتْ الْأُخْتُ مِنْ الْأَبَوَيْنِ حَقَّهَا، لَمْ يَسْقُطْ حَقُّ الْأُخْتِ مِنْ الْأَبِ؛ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَهَا مِنْ غَيْرِ جِهَتِهَا، وَلَيْسَتْ فَرْعًا عَلَيْهَا.

[مَسْأَلَةٌ أُخِذَ الْوَلَدُ مِنْ الْأُمِّ إذَا تَزَوَّجَتْ ثُمَّ طَلُقَتْ هَلْ تَرْجِعُ حَضَانَتُهَا]

(٦٥٥٥) مَسْأَلَةٌ:؛ قَالَ: (وَإِذَا أُخِذَ الْوَلَدُ مِنْ الْأُمِّ إذَا تَزَوَّجَتْ، ثُمَّ طَلُقَتْ، رَجَعَتْ عَلَى حَقِّهَا مِنْ كَفَالَتِهِ) وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، إلَّا أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ وَالْمُزَنِّي قَالَا: إنْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا، لَمْ يَعُدْ حَقُّهَا؛ لِأَنَّ الزَّوْجِيَّةَ قَائِمَةٌ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ كَانَتْ فِي صُلْبِ النِّكَاحِ وَلَنَا، أَنَّهَا مُطْلَقَةٌ، فَعَادَ حَقُّهَا مِنْ الْحَضَانَةِ، كَالْبَائِنِ وَقَوْلُهُمْ: إنَّهَا زَوْجَةٌ قُلْنَا: إلَّا أَنَّهُ قَدْ عَزَلَهَا عَنْ فِرَاشِهِ، وَلَمْ يَبْقَ لَهَا عَلَيْهِ قَسْمٌ، وَلَا لَهَا بِهِ شُغْلٌ، وَعُقِدَ سَبَبُ زَوَالِ نِكَاحِهَا، فَأَشْبَهَتْ الْبَائِنَ فِي عِدَّتِهَا وَيُخَرَّجُ عِنْدَنَا مِثْلُ قَوْلِهِمَا، لِكَوْنِ النِّكَاحِ قَبْلَ الدُّخُولِ مُزِيلًا لِحَقِّ الْحَضَانَةِ، مَعَ عَدَمِ الْقَسْمِ وَالشُّغْلِ بِالزَّوْجِ.

[فَصْلٌ مَا يَمْنَعُ الِاسْتِحْقَاقَ بِالْحَضَانَةِ]

(٦٥٥٦) فَصْلٌ: وَكُلُّ قَرَابَةٍ تُسْتَحَقُّ بِهَا الْحَضَانَةُ، مَنَعَ مِنْهَا مَانِعٌ، كَرِقٍّ، أَوْ كُفْرٍ، أَوْ فُسُوقٍ، أَوْ جُنُونٍ، أَوْ صِغَرٍ، إذَا زَالَ الْمَانِعُ، مِثْلُ أَنْ عَتَقَ الرَّقِيقُ، وَأَسْلَمَ الْكَافِرُ، وَعَدَلَ الْفَاسِقُ، وَعَقَلَ الْمَجْنُونُ، وَبَلَغَ الصَّغِيرُ، عَادَ حَقُّهُمْ مِنْ الْحَضَانَةِ؛ لِأَنَّ سَبَبهَا قَائِمٌ، وَإِنَّمَا امْتَنَعَتْ لِمَانِعٍ، فَإِذَا زَالَ الْمَانِعُ، عَادَ الْحَقُّ بِالسَّبَبِ السَّابِقِ الْمُلَازِمِ، كَالزَّوْجَةِ إذَا طَلُقَتْ.

[مَسْأَلَةٌ تَزَوَّجَتْ الْمَرْأَةُ فَهَلْ لِزَوْجِهَا مَنَعَهَا مِنْ رَضَاعِ وَلَدِهَا]

(٦٥٥٧) مَسْأَلَةٌ:؛ قَالَ: (وَإِذَا تَزَوَّجَتْ الْمَرْأَةُ، فَلِزَوْجِهَا أَنْ يَمْنَعَهَا مِنْ رَضَاعِ وَلَدِهَا، إلَّا أَنْ يُضْطَرَّ إلَيْهَا، وَيُخْشَى عَلَيْهِ التَّلَفُ) وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ لِلزَّوْجِ مَنْعَ امْرَأَتِهِ مِنْ رَضَاعِ وَلَدِهَا مِنْ غَيْرِهِ، وَمِنْ رَضَاعِ وَلَدِ غَيْرِهَا، إلَّا أَنْ يُضْطَرَّ إلَيْهَا؛ لِأَنَّ عَقْدَ النِّكَاحِ يَقْتَضِي تَمْلِيكَ الزَّوْجِ الِاسْتِمْتَاعَ فِي كُلِّ الزَّمَانِ، مِنْ كُلِّ الْجِهَاتِ، سِوَى أَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ، وَالرَّضَاعُ يُفَوِّتُ عَلَيْهِ الِاسْتِمْتَاعَ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ، فَكَانَ لَهُ الْمَنْعُ كَالْخُرُوجِ مِنْ مَنْزِله فَإِنْ اُضْطُرَّ الْوَلَدُ، بِأَنْ لَا تُوجَدَ مُرْضِعَةٌ سِوَاهَا، أَوْ لَا يَقْبَلُ الْوَلَدُ الِارْتِضَاعَ مِنْ غَيْرِهَا، وَجَبَ التَّمْكِينُ مِنْ إرْضَاعِهِ؛ لِأَنَّهَا حَالُ ضَرُورَةٍ، وَحِفْظٌ لِنَفْسِ وَلَدِهَا، فَقُدِّمَ عَلَى حَقِّ الزَّوْجِ، كَتَقْدِيمِ الْمُضْطَرِّ عَلَى الْمَالِكِ إذَا لَمْ يَكُنْ بِالْمَالِكِ مِثْلُ ضَرُورَتِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>