[مَسْأَلَة كَانَ الزَّوْجَانِ فِي الْبَيْتِ فَافْتَرَقَا أَوْ مَاتَا فَادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا فِي الْبَيْتِ أَنَّهُ لَهُ]
(٨٥٥٧) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: وَإِذَا كَانَ الزَّوْجَانِ فِي الْبَيْتِ، فَافْتَرَقَا، أَوْ مَاتَا، فَادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا فِي الْبَيْتِ أَنَّهُ لَهُ، أَوْ وَرِثَهُ، حُكِمَ بِمَا كَانَ يَصْلُحُ لِلرِّجَالِ لِلرَّجُلِ، وَمَا كَانَ يَصْلُحُ لِلنِّسَاءِ لِلْمَرْأَةِ، وَمَا كَانَ يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ لَهُمَا، فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ الزَّوْجَيْنِ إذَا اخْتَلَفَا فِي مَتَاعِ الْبَيْتِ، أَوْ فِي بَعْضِهِ، فَقَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا: جَمِيعُهُ لِي. أَوْ قَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا: هَذِهِ الْعَيْنُ لِي، وَكَانَتْ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ، ثَبَتَ لَهُ، بِلَا خِلَافٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةٌ فَالْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ، أَنَّ مَا يَصْلُحُ لِلرِّجَالِ؛ مِنْ الْعَمَائِمِ، وَقُمْصَانِهِمْ، وَجِبَابِهِمْ، وَالْأَقْبِيَةِ، وَالطَّيَالِسَةِ، وَالسِّلَاحِ، وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ، الْقَوْلُ فِيهِ قَوْلُ الرَّجُلِ مَعَ يَمِينِهِ، وَمَا يَصْلُحُ لِلنِّسَاءِ؛ كَحُلِيِّهِنَّ، وَقُمُصِهِنَّ، وَمَقَانِعِهِنَّ، وَمَغَازِلِهِنَّ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَرْأَةِ مَعَ يَمِينِهَا. وَمَا يَصْلُحُ لَهُمَا؛ كَالْمَفَارِشِ، وَالْأَوَانِي، فَهُوَ بَيْنَهُمَا، وَسَوَاءٌ كَانَ فِي أَيْدِيهِمَا مِنْ طَرِيقِ الْمُشَاهَدَةِ، أَوْ مِنْ طَرِيقِ الْحُكْمِ، وَسَوَاءٌ اخْتَلَفَا فِي حَالِ الزَّوْجِيَّةِ، أَوْ بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ، وَسَوَاءٌ اخْتَلَفَا، أَوْ اخْتَلَفَ وَرَثَتُهُمَا، أَوْ أَحَدُهُمَا وَوَرَثَةُ الْآخَرِ.
قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ؛ مِنْهُمْ يَعْقُوبُ بْنُ بُخْتَانَ، فِي الرَّجُلِ يُطَلِّقُ زَوْجَتَهُ، أَوْ يَمُوتُ، فَتَدَّعِي الْمَرْأَةُ الْمَتَاعَ: فَمَا كَانَ يَصْلُحُ لِلرِّجَالِ، فَهُوَ لِلرَّجُلِ، وَمَا كَانَ مِنْ مَتَاعِ النِّسَاءِ، فَهُوَ لِلنِّسَاءِ، وَمَا اسْتَقَامَ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ فَهُوَ بَيْنَهُمَا. وَإِنْ كَانَ الْمَتَاعُ عَلَى يَدَيْ غَيْرِهِمَا، فَمَنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ، دُفِعَ إلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُمَا بَيِّنَةٌ، أَقْرَعَ بَيْنَهُمَا، فَمَنْ كَانَتْ لَهُ الْقُرْعَةُ، حَلَفَ وَأُعْطِيَ الْمَتَاعَ. وَقَالَ، فِي رِوَايَةِ مِهَنًا: وَكَذَلِكَ إنْ اخْتَلَفَا، وَأَحَدُهُمَا مَمْلُوكٌ. وَبِهَذَا قَالَ الثَّوْرِيُّ، وَابْنُ أَبِي لَيْلَى، وَقَالَ الْقَاضِي: هَذَا إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا كَانَتْ أَيْدِيهِمَا عَلَيْهِ مِنْ طَرِيقِ الْحُكْمِ، أَمَّا مَا كَانَ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا مِنْ طَرِيقِ الْمُشَاهَدَةِ، فَهُوَ لَهُ مَعَ يَمِينِهِ.
وَإِنْ كَانَ فِي أَيْدِيهِمَا، قُسِمَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ سَوَاءٌ كَانَ يَصْلُحُ لَهُمَا، أَوْ لِأَحَدِهِمَا. وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، إلَّا أَنَّهُمَا قَالَا: مَا يَصْلُحُ لَهُمَا وَيَدُهُمَا عَلَيْهِ مِنْ طَرِيقِ الْحُكْمِ، فَالْقَوْلُ فِيهِ قَوْلُ الرَّجُلِ مَعَ يَمِينِهِ. وَإِذَا اخْتَلَفَ أَحَدُهُمَا وَوَرِثَهُ الْآخَرُ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ النَّافِي مِنْهُمَا لِأَنَّ الْيَدَ الْمُشَاهَدَةَ أَقْوَى مِنْ الْيَدِ الْحُكْمِيَّةِ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ تَنَازَعَ الْخَيَّاطُ وَصَاحِبُ الدَّارِ فِي الْإِبْرَةِ وَالْمِقَصِّ، كَانَتْ لِلْخَيَّاطِ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: الْقَوْلُ قَوْلُ الْمَرْأَةِ، فِيمَا جَرَتْ الْعَادَةُ أَنَّهُ قَدْرُ جِهَازِ مِثْلِهَا. وَقَالَ مَالِكٌ مَا صَلَحَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، فَهُوَ لَهُ، وَمَا صَلَحَ لَهُمَا، كَانَ لِلرَّجُلِ، سَوَاءٌ كَانَ فِي أَيْدِيهِمَا مِنْ طَرِيقِ الْمُشَاهَدَةِ، أَوْ مِنْ طَرِيقِ الْحُكْمِ؛ لِأَنَّ الْبَيْتَ لِلرَّجُلِ، وَيَدَهُ أَقْوَى؛ لِأَنَّ عَلَيْهِ السُّكْنَى وَقَالَ الشَّافِعِيُّ، وَزُفَرُ، وَالْبَتِّيُّ كُلُّ مَا فِي الْبَيْتِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، فَيَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى نِصْفِهِ وَيَأْخُذُهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute