للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْلٌ أَعْتَقَ أَمَتَهُ فِي صِحَّتِهِ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا فِي مَرَضِهِ]

(٤٦١١) فَصْلٌ: وَإِنْ أَعْتَقَ أَمَتَهُ فِي صِحَّتِهِ، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا فِي مَرَضِهِ، صَحَّ، وَوَرِثَتْهُ بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ. وَإِنْ أَعْتَقَهَا فِي مَرَضِهِ، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا، وَكَانَتْ تَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِهِ، فَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ عَنْ أَحْمَدَ، أَنَّهَا تُعْتَقُ وَتَرِثُ. وَهَذَا اخْتِيَارُ أَصْحَابِنَا. وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّهَا امْرَأَةٌ نِكَاحُهَا صَحِيحٌ، وَلَمْ يُوجَدْ فِي حَقِّهَا مَانِعٌ مِنْ مَوَانِعِ الْإِرْثِ، وَهِيَ الرِّقُّ وَالْقَتْلُ وَاخْتِلَافُ الدِّينِ، فَتَرِثُ، كَمَا لَوْ كَانَ أَعْتَقَهَا فِي صِحَّتِهِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: تُعْتَقُ وَلَا تَرِثُ؛ لِأَنَّهَا لَوْ وَرِثَتْ لَكَانَ إعْتَاقُهَا وَصِيَّةً لِوَارِثٍ، فَيُؤَدِّي تَوْرِيثُهَا إلَى إسْقَاطِ تَوْرِيثِهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَقْتَضِي إبْطَالَ عِتْقِهَا، فَيَبْطُلُ نِكَاحُهَا ثُمَّ يَبْطُلُ إرْثُهَا، فَكَانَ إبْطَالُ الْإِرْثِ وَحْدَهُ وَتَصْحِيحُ الْعِتْقِ وَالنِّكَاحِ أَوْلَى.

[فَصْل أَعْتَقَ أَمَةً لَا يَمْلِكْ غَيْرهَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا]

(٤٦١٢) فَصْلٌ: وَإِنْ أَعْتَقَ أَمَةً لَا يَمْلِكُ غَيْرَهَا، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا، فَالنِّكَاحُ صَحِيحٌ فِي الظَّاهِرِ. فَإِنْ مَاتَ، وَلَمْ يَمْلِكْ شَيْئًا آخَرَ، تَبَيَّنَ أَنَّ نِكَاحَهَا بَاطِلٌ، وَيَسْقُطُ مَهْرُهَا إنْ كَانَ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا. وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيِّ. وَيُعْتَقُ مِنْهَا ثُلُثُهَا، وَيُرَقُّ ثُلُثَاهَا. فَإِنْ كَانَ قَدْ دَخَلَ بِهَا وَمَهْرُهَا نِصْفُ قِيمَتِهَا، عَتَقَ مِنْهَا ثَلَاثَةُ أَسْبَاعِهَا، وَيَرِقُّ أَرْبَعَةُ أَسْبَاعِهَا. وَحِسَابُ ذَلِكَ أَنْ تَقُولَ: عَتَقَ مِنْهَا شَيْءٌ، وَلَهَا بِصَدَاقِهَا نِصْفُ شَيْءٍ، وَلِلْوَرَثَةِ شَيْئَانِ، فَيُجْمَعُ ذَلِكَ فَيَكُونُ ثَلَاثَةَ أَشْيَاءَ وَنِصْفًا، نَبْسُطُهَا فَتَكُونُ سَبْعَةً، لَهَا مِنْهَا ثَلَاثَةٌ، وَلَهُمْ أَرْبَعَةٌ، وَلَا شَيْءَ لِلْمَيِّتِ سِوَاهَا، فَنَجْعَلُ لِنَفْسِهَا مِنْهَا ثَلَاثَةَ أَسْبَاعِهَا يَكُونُ حُرًّا وَالْبَاقِي لِلْوَرَثَةِ. وَإِنْ أَحَبَّ الْوَرَثَةُ أَنْ يَدْفَعُوا إلَيْهَا حِصَّتَهَا مِنْ مَهْرِهَا، وَهُوَ سُبْعَاهُ، وَيُعْتَقُ مِنْهَا سُبْعَاهَا وَيَسْتَرِقُّوا خَمْسَةَ أَسْبَاعِهَا، فَلَهُمْ ذَلِكَ. وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يُحْسَبُ مَهْرُهَا مِنْ قِيمَتِهَا، وَلَهَا ثُلُثُ الْبَاقِي، وَتَسْعَى فِيمَا بَقِيَ وَهُوَ ثُلُثُ قِيمَتِهَا. فَإِنْ كَانَ يَمْلِكُ مَعَ الْجَارِيَةِ قَدْرَ نِصْفِ قِيمَتِهَا، وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا، عَتَقَ مِنْهَا نِصْفُهَا، وَرَقَّ نِصْفُهَا؛ لِأَنَّ نِصْفَهَا هُوَ ثُلُثُ الْمَالِ، وَإِنْ دَخَلَ بِهَا، عَتَقَ مِنْهَا ثَلَاثَةُ أَسْبَاعِهَا، وَلَهَا ثَلَاثَةُ أَسْبَاعِ مَهْرِهَا، وَإِنَّمَا قَلَّ الْعِتْقُ فِيهَا لِأَنَّهَا لَمَّا أَخَذَتْ ثَلَاثَةَ أَسْبَاعِ مَهْرِهَا، نَقَصَ الْمَالُ بِهِ، فَيُعْتَقُ مِنْهَا ثُلُثُ الْبَاقِي، وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَسْبَاعِهَا. وَحِسَابُهَا أَنْ تَقُولَ: عَتَقَ مِنْهَا شَيْءٌ، وَلَهَا بِمَهْرِهَا نِصْفُ شَيْءٍ، وَلِلْوَرَثَةِ شَيْئَانِ، يَعْدِلُ ذَلِكَ الْجَارِيَةَ وَنِصْفَ قِيمَتِهَا، فَالشَّيْءُ سُبْعَاهَا وَسُبْعَا نِصْفِ قِيمَتِهَا وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَسْبَاعِهِ، فَهُوَ الَّذِي عَتَقَ مِنْهَا، وَتَأْخُذْ نِصْفَ ذَلِكَ مِنْ الْمَالِ بِمَهْرِهَا، وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَسْبَاعِهِ. فَإِنْ كَانَ يَمْلِكُ مَعَهَا مِثْلَ قِيمَتِهَا، وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا، عَتَقَ ثُلُثَاهَا، وَرَقَّ ثُلُثُهَا، وَبَطَلَ نِكَاحُهَا. وَإِنْ كَانَ دَخَلَ بِهَا عَتَقَ أَرْبَعَةُ أَسْبَاعِهَا، وَلَهَا أَرْبَعَةُ أَسْبَاعِ مَهْرِهَا، وَيَبْقَى لِلْوَرَثَةِ ثَلَاثَةُ أَسْبَاعِهَا وَخَمْسَةُ أَسْبَاعِ قِيمَتِهَا، وَذَلِكَ يَعْدِلُ مِثْلَيْ مَا عَتَقَ مِنْهَا. وَحِسَابُهَا أَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>