والثَّالِثُ، يَكْفِي ثَمَانِيَةٌ. وَالرَّابِعُ، يَكُونُونَ أَرْبَعَةً، يَشْهَدُونَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ. وَالْخَامِسُ، يَكْفِي شَاهِدَانِ يَشْهَدَانِ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ شُهُودِ الْأَصْلِ. وَهَذَا إثْبَاتٌ لَحَدِّ الزِّنَى بِشَاهِدَيْنِ، وَهُوَ بَعِيدٌ.
[فَصْل شَهِدَ بِالْحَقِّ شَاهِدَا أَصْلٍ وَشَاهِدَا فَرْعٍ يَشْهَدَانِ عَلَى شَهَادَةِ أَصِلْ آخَر]
(٨٤١٤) فَصْلٌ: وَإِنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ شَاهِدَا أَصْلٍ، وَشَاهِدَا فَرْعٍ، يَشْهَدَانِ عَلَى شَهَادَةِ أَصْلٍ آخَرَ، جَازَ. وَإِنْ شَهِدَ شَاهِدُ أَصْلٍ، وَشَاهِدُ فَرْعٍ، خُرِّجَ فِيهِ مِنْ الْخِلَافِ مَا ذَكَرْنَا مِنْ قَبْلُ، وَإِنْ شَهِدَ شَاهِدُ أَصْلٍ، ثُمَّ شَهِدَ هُوَ وَآخَرُ فَرْعًا عَلَى شَاهِدِ أَصْلٍ آخَرَ، لَمْ تُفِدْ شَهَادَتُهُ الْفَرْعِيَّةُ شَيْئًا، وَكَانَ حُكْمُ ذَلِكَ حُكْمَ مَا لَوْ شَهِدَ عَلَى شَهَادَتِهِ شَاهِدٌ وَاحِدٌ.
[مَسْأَلَة يَشْهَدُ عَلَى مَنْ سَمِعَهُ يُقِرُّ بِحَقِّ]
(٨٤١٥) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَيَشْهَدُ عَلَى مَنْ سَمِعَهُ يُقِرُّ بِحَقِّ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ لِلشَّاهِدِ: اشْهَدْ عَلَى) اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ عَنْ أَحْمَدَ، فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، فَالْمَذْهَبُ مَا ذَكَرَهُ الْخِرَقِيِّ، وَبِهِ قَالَ الشَّعْبِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ. وَعَنْ أَحْمَدَ، رِوَايَةٌ ثَانِيَةٌ، لَا يَشْهَدُ حَتَّى يَقُولَ لَهُ الْمُقِرُّ: اشْهَدْ عَلَى.
كَمَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى شَهَادَةِ رَجُلٍ حَتَّى يَسْتَرْعِيَهُ إيَّاهَا، وَيَقُولَ لَهُ: اشْهَدْ عَلَى شَهَادَتِي. وَعَنْهُ، رِوَايَةٌ ثَالِثَةٌ، إذَا سَمِعَهُ يُقِرُّ بِقَرْضٍ، لَا يَشْهَدُ، وَإِذَا سَمِعَهُ يُقِرُّ بِدَيْنٍ، يَشْهَدُ؛ لِأَنَّ الْمُقِرَّ بِالدَّيْنِ مُعْتَرِفٌ أَنَّهُ عَلَيْهِ، وَالْمُقِرَّ بِالْقَرْضِ لَا يَعْتَرِفُ بِذَلِكَ، لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ اقْتَرَضَ مِنْهُ، ثُمَّ وَفَّاهُ، وَعَنْهُ رِوَايَةٌ رَابِعَةٌ، إذَا سَمِعَ شَيْئًا، فَدُعِيَ إلَى الشَّهَادَةِ، فَهُوَ بِالْخِيَارِ، إنْ شَاءَ شَهِدَ، وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَشْهَدْ. قَالَ: وَلَكِنْ يَجِبُ عَلَيْهِ إذَا أُشْهِدَ إذَا دُعِيَ، {وَلا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا} [البقرة: ٢٨٢] . قَالَ: إذَا أُشْهِدُوا.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى: إذَا سَمِعَ رَجُلًا يُقِرُّ لَرَجُلٍ بِحَقٍّ، وَلَمْ يَقُلْ: اشْهَدْ عَلَيَّ بِذَلِكَ. وَسَمِعَ الشَّاهِدَ فَلَهُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْهِ، فَيَقُولَ: أَشْهَدُ أَنِّي حَضَرْت إقْرَارَ فُلَانٍ بِكَذَا. وَلَا يَقُولَ: أَشْهَدُ عَلَى إقْرَارِهِ. وَإِنْ سَمِعَهُ يَقُولُ: اقْتَرَضْت مِنْ فُلَانٍ، أَوْ قَبَضْت مِنْ فُلَانٍ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَشْهَدَ بِهِ
وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ الشَّاهِدَ يَشْهَدُ بِمَا عَلِمَهُ، وَقَدْ حَصَلَ لَهُ الْعِلْمُ بِسَمَاعِهِ، فَجَازَ أَنْ يَشْهَدَ بِهِ، كَمَا يَجُوزُ أَنْ يَشْهَدَ بِمَا رَآهُ مِنْ الْأَفْعَالِ. وَذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّ فِي الْأَفْعَالِ رِوَايَتَيْنِ؛ إحْدَاهُمَا، لَا يَشْهَدُ بِهِ حَتَّى يَقُولَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ: اشْهَدْ. وَهَذَا إنْ أَرَادَ بِهِ الْعُمُومَ فِي جَمِيعِ الْأَفْعَالِ، فَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُؤَدِّي إلَى مَنْعِ الشَّهَادَةِ عَلَيْهَا بِالْكُلِّيَّةِ، فَإِنَّ الْغَاصِبَ لَا يَقُولُ لَأَحَدٍ: اشْهَدْ عَلَى أَنِّي أَغْصِبُ. وَلَا السَّارِقُ، وَلَا الزَّانِي، وَلَا الْقَاتِلُ، وَأَشْبَاهُ هَؤُلَاءِ. وَقَدْ شَهِدَ أَبُو بَكْرَةَ وَأَصْحَابُهُ عَلَى الْمُغِيرَةِ بِالزِّنَى، فَلَمْ يَقُلْ عُمَرُ: هَلْ أَشْهَدَكُمْ أَوْ لَا.
وَلَمْ يَقُلْ هَذَا أَحَدٌ مِنْ الصَّحَابَةِ وَلَا مِنْ غَيْرِهِمْ وَلَا قَالَ الَّذِينَ شَهِدُوا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute