للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلَمْ يُفَرِّقْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَهُمَا، وَاسْتَقَرَّتْ عِنْدَهُ امْرَأَتُهُ بِذَلِكَ النِّكَاحِ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: وَشُهْرَةُ هَذَا الْحَدِيثِ أَقْوَى مِنْ إسْنَادِهِ وَقَالَ ابْن شِهَابٍ: أَسْلَمَتْ أُمُّ حَكِيمٍ يَوْمَ الْفَتْحِ، وَهَرَبَ زَوْجُهَا عِكْرِمَةُ حَتَّى أَتَى الْيَمَنَ، فَارْتَحَلَتْ حَتَّى قَدِمَتْ عَلَيْهِ الْيُمْنَ، فَدَعَتْهُ إلَى الْإِسْلَامِ، فَأَسْلَمَ، وَقَدِمَ فَبَايَعَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَثَبَتَا عَلَى نِكَاحِهِمَا

وَقَالَ ابْنُ شُبْرُمَةَ: كَانَ النَّاسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُسْلِمُ الرَّجُلُ قَبْلَ الْمَرْأَةِ، وَالْمَرْأَةُ قَبْلَ الرَّجُلِ، فَأَيُّهُمَا أَسْلَمَ قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّةِ الْمَرْأَةِ، فَهِيَ امْرَأَتُهُ، وَإِنْ أَسْلَمَ بَعْدَ الْعِدَّةِ، فَلَا نِكَاحَ بَيْنَهُمَا. وَلِأَنَّ أَبَا سُفْيَانَ خَرَجَ فَأَسْلَمَ عَامَ الْفَتْحِ قَبْلَ دُخُولِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَكَّةَ، وَلَمْ تُسْلِمْ هِنْدُ امْرَأَتُهُ حَتَّى فَتَحَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَكَّةَ، فَثَبَتَا عَلَى النِّكَاحِ. وَأَسْلَمَ حَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ قَبْلَ امْرَأَتِهِ. وَخَرَجَ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ فَلَقِيَا النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَامَ الْفَتْحِ بِالْأَبْوَاءِ فَأَسْلَمَا قَبْلَ نِسَائِهِمَا وَلَمْ يُعْلَمْ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَرَّقَ بَيْنَ أَحَدٍ مِمَّنْ أَسْلَمَ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ، وَيَبْعُدُ أَنْ يَتَّفِقَ إسْلَامُهُمَا دَفْعَةً وَاحِدَةً، وَيُفَارِقُ مَا قَبْلَ الدُّخُولِ، فَإِنَّهُ لَا عِدَّةَ لَهَا فَتَتَعَجَّلُ الْبَيْنُونَةُ، كَالْمُطَلَّقَةِ وَاحِدَةً، وَهَاهُنَا لَهَا عِدَّةٌ، فَإِذَا انْقَضَتْ، تَبَيَّنَّا وُقُوعَ الْفُرْقَةِ مِنْ حِينَ أَسْلَمَ الْأَوَّلُ، فَلَا يُحْتَاجُ إلَى عِدَّةٍ ثَانِيَةٍ؛ لِأَنَّ اخْتِلَافَ الدِّينِ سَبَبُ الْفُرْقَةِ، فَتُحْتَسَبُ الْفُرْقَةُ مِنْهُ كَالطَّلَاقِ.

[الْفَصْلُ الْخَامِس أَسْلَمَ أُحُد الزَّوْجَيْنِ وَتَخَلَّفَ الْآخَرُ حَتَّى انْقَضَتْ عِدَّةُ الْمَرْأَةِ]

(٥٤٣٣) الْفَصْلُ الْخَامِسُ: أَنَّهُ إذَا أَسْلَمَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ. وَتَخَلَّفَ الْآخَرُ حَتَّى انْقَضَتْ عِدَّةُ الْمَرْأَةِ، انْفَسَخَ النِّكَاحُ. فِي قَوْلِ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: لَمْ يَخْتَلِفْ الْعُلَمَاءُ فِي هَذَا، إلَّا شَيْءٌ رُوِيَ عَنْ النَّخَعِيِّ، شَذَّ فِيهِ عَنْ جَمَاعَةِ الْعُلَمَاءِ، فَلَمْ يَتْبَعْهُ عَلَيْهِ أَحَدٌ، زَعَمَ أَنَّهَا تُرَدُّ إلَى زَوْجِهَا، وَإِنْ طَالَتْ الْمُدَّةُ؛ لِمَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَدَّ زَيْنَبَ عَلَى زَوْجِهَا أَبِي الْعَاصِ بِنِكَاحِهَا الْأَوَّلِ.» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.

وَاحْتَجَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>