لِإِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى. فَإِنْ كَانَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي، انْبَنَى ذَلِكَ عَلَى الْخِلَافِ فِي تَقْدِيمِ بَيِّنَةِ الدَّاخِلِ وَالْخَارِجِ، فَإِنْ قَدَّمْنَا بَيِّنَةَ الدَّاخِلِ، فَهُوَ لِلْمُشْتَرِي، وَإِنْ قَدَّمْنَا بَيِّنَةَ الْخَارِجِ، قُدِّمَ الْعِتْقُ؛ لِأَنَّهُ خَارِجٌ. وَإِنْ كَانَ فِي يَدِ الْبَائِعِ، وَقُلْنَا: إنَّ الْبَيِّنَتَيْنِ تَسْقُطَانِ بِالتَّعَارُضِ، صَارَا كَمَنْ لَا بَيِّنَةَ لَهُمَا، وَيَرْجِعُ إلَى السَّيِّدِ، فَإِنْ أَنْكَرَهُمَا، حَلَفَ لَهُمَا، وَإِنْ أَقَرَّ بِالْعِتْقِ، ثَبَتَ، وَلَمْ يَحْلِفْ الْعَبْدُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِأَنَّهُ مَا أَعْتَقَهُ، لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ، فَلَا فَائِدَةَ فِي إحْلَافِهِ، وَيَحْلِفُ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي. وَإِنْ أَقَرَّ لِلْمُشْتَرِي ثَبَتَ الْمِلْكُ، وَلَمْ يَحْلِفْ الْعَبْدُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ لَهُ أَنَّهُ كَانَ أَعْتَقَهُ، لَمْ يَلْزَمْهُ غُرْمٌ، فَلَا فَائِدَةَ فِي إحْلَافِهِ.
وَإِنْ قُلْنَا: يُسْتَعْمَلَانِ فَاعْتَرَفَ لِأَحَدِهِمَا لَمْ يُرَجَّحْ بِاعْتِرَافِهِ لِأَنَّ مِلْكُهُ قَدْ زَالَ فَإِنْ قُلْنَا تُرَجَّحُ إحْدَى الْبَيِّنَتَيْنِ بِالْقُرْعَةِ أَقْرَعْنَا بَيْنَهُمَا، فَمَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ، قَدَّمْنَاهُ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ هَذَا قِيَاسُ قَوْلِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ. فَعَلَى هَذَا، يَحْلِفُ مَنْ خَرَجَتْ لَهُ الْقُرْعَةُ، فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ. وَإِنْ قُلْنَا: يُقْسَمُ. قَسَمْنَا الْعَبْدَ، فَجَعَلْنَا نِصْفَهُ مَبِيعًا وَنِصْفَهُ حُرًّا، وَيَسْرِي الْعِتْقُ إلَى جَمِيعِهِ إنْ كَانَ الْبَائِعُ مُوسِرًا؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ قَامَتْ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ أَعْتَقَهُ مُخْتَارًا، وَقَدْ ثَبَتَ الْعِتْقُ فِي نِصْفِهِ بِشَهَادَتِهِمَا.
[فَصْل ادَّعَى رَجُلٌ زَوْجِيَّةَ امْرَأَةٍ فَأَقَرَّتْ بِذَلِكَ]
(٨٥٢٦) فَصْلٌ: إذَا ادَّعَى رَجُلٌ زَوْجِيَّةَ امْرَأَةٍ، فَأَقَرَّتْ بِذَلِكَ، قُبُلِ إقْرَارُهَا، لِأَنَّهَا أَقَرَّتْ عَلَى نَفْسِهَا وَهِيَ غَيْرُ مُتَّهَمَةٍ، فَإِنَّهَا لَوْ أَرَادَتْ ابْتِدَاءَ النِّكَاحِ، لَمْ تُمْنَعْ مِنْهُ. وَإِنْ ادَّعَاهَا اثْنَانِ، فَأَقَرَّتْ لِأَحَدِهِمَا، لَمْ يُقْبَلْ مِنْهَا؛ لِأَنَّ الْآخَرَ يَدَّعِي مِلْكَ نِصْفِهَا، وَهِيَ مُعْتَرِفَةٌ أَنَّ ذَلِكَ قَدْ مَلَكَ عَلَيْهَا، فَصَارَ إقْرَارُهَا بِحَقِّ غَيْرِهَا؛ وَلِأَنَّهَا مُتَّهَمَةٌ، فَإِنَّهَا لَوْ أَرَادَتْ ابْتِدَاءَ تَزْوِيجِ أَحَدِ الْمُتَدَاعِيَيْنِ، لَمْ يَكُنْ لَهَا ذَلِكَ قَبْلَ الِانْفِصَالِ مِنْ دَعْوَى الْآخَرِ. فَإِنْ قِيلَ: فَلَوْ تَدَاعَيَا عَيْنًا فِي يَدِ ثَالِثٍ، فَأَقَرَّ لِأَحَدِهِمَا، قُبِلَ. قُلْنَا: لَا يَثْبُتُ الْمِلْكُ بِإِقْرَارِهِ فِي الْعَيْنِ، وَإِنَّمَا يَجْعَلُهُ كَصَاحِبِ الْيَدِ، فَيَحْلِفُ، وَالنِّكَاحُ لَا يُسْتَحَقُّ بِالْيَمِينِ، فَلَمْ يَنْفَعْ الْإِقْرَارُ بِهِ هَاهُنَا، فَإِنْ كَانَ لِأَحَدِ الْمُتَدَاعِيَيْنِ بَيِّنَةٌ، حُكِمَ لَهُ بِهَا؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ حُجَّةٌ فِي النِّكَاحِ وَغَيْرِهِ.
وَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ، تَعَارَضَتَا، وَسَقَطَتَا، وَحِيلَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَهَا، وَلَا يُرَجَّحُ أَحَدُ الْمُتَدَاعِيَيْنِ بِإِقْرَارِ الْمَرْأَةِ؛ لِمَا ذَكَرْنَا، وَلَا بِكَوْنِهَا فِي بَيْتِهِ وَيَدِهِ؛ لِأَنَّ الْيَدَ لَا تَثْبُتُ عَلَى حُرَّةٍ، وَلَا سَبِيلَ إلَى الْقِسْمَةِ هَاهُنَا، وَلَا إلَى الْقُرْعَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مَعَ الْقُرْعَةِ مِنْ الْيَمِينِ، وَلَا مَدْخَلَ لَهَا فِي النِّكَاحِ.
[فَصْل قَالَ السَّيِّدُ لِعَبْدِهِ إنْ قُتِلْت فَأَنْتَ حُرٌّ ثُمَّ مَاتَ فَادَّعَى الْعَبْدُ أَنَّهُ قُتِلَ وَأَنْكَرَ الْوَرَثَةُ]
(٨٥٢٧) فَصْلٌ: إذَا قَالَ السَّيِّدُ لِعَبْدِهِ: إنْ قُتِلْتُ فَأَنْتَ حُرٌّ. ثُمَّ مَاتَ، فَادَّعَى الْعَبْدُ أَنَّهُ قُتِلَ، وَأَنْكَرَ الْوَرَثَةُ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُمْ مَعَ أَيْمَانِهِمْ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْقَتْلِ، فَإِنْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِدَعْوَاهُ، عَتَقَ، وَإِنْ أَقَامَ الْوَرَثَةُ بَيِّنَةً بِمَوْتِهِ، قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْعَبْدِ، فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ؛ لِأَنَّهَا تَشْهَدُ بِزِيَادَةِ، وَهِيَ الْقَتْلُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute