للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى مُوَكِّلِهِ، كَخِيَارِ الشَّرْطِ. وَقَالَ أَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ: لَا يُقْبَلُ إقْرَارُ الْوَكِيلِ بِذَلِكَ. وَهُوَ أَصَحُّ؛ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ عَلَى الْغَيْرِ، فَلَمْ يُقْبَلْ، كَالْأَجْنَبِيِّ، فَإِذَا رَدَّهُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْوَكِيلِ، لَمْ يَمْلِكْ الْوَكِيلُ رَدَّهُ عَلَى الْمُوَكِّلِ؛ لِأَنَّهُ رَدَّهُ بِإِقْرَارِهِ، وَهُوَ غَيْرُ مَقْبُولٍ عَلَى غَيْرِهِ. ذَكَرَهُ الْقَاضِي.

فَإِنْ أَنْكَرَهُ الْوَكِيلُ فَتَوَجَّهَتْ الْيَمِينُ عَلَيْهِ، فَنَكِلَ عَنْهَا، فَرُدَّ عَلَيْهِ بِنُكُولِهِ، فَهَلْ لَهُ رَدُّهُ عَلَى الْمُوَكِّلِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ؛ أَحَدِهِمَا، لَيْسَ لَهُ رَدُّهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَجْرِي مَجْرَى إقْرَارِهِ. وَالثَّانِي، لَهُ رَدُّهُ؛ لِأَنَّهُ يَرْجِعُ إلَيْهِ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ قَامَتْ بِهِ بَيِّنَةٌ.

[فَصْلٌ اشْتَرَى جَارِيَة عَلَى أَنَّهَا بَكْر ثُمَّ قَالَ الْمُشْتَرِي إنَّمَا هِيَ ثَيِّب]

(٣٠٣٠) فَصْلٌ: وَلَوْ اشْتَرَى جَارِيَةً عَلَى أَنَّهَا بِكْرٌ، ثُمَّ قَالَ الْمُشْتَرِي: إنَّمَا هِيَ ثَيِّبٌ. أَرَيْت النَّسَاءَ الثِّقَاتِ، وَيُقْبَلُ قَوْلُ امْرَأَةٍ ثِقَةٍ. فَإِنْ وَطِئَهَا الْمُشْتَرِي، وَقَالَ: مَا أَصَبْتهَا بِكْرًا. خُرِّجَ فِيهِ وَجْهَانِ، بِنَاءً عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ فِيمَا إذَا اخْتَلَفَا فِي الْعَيْبِ الْحَادِثِ.

[فَصْلٌ رَدَّ الْمُشْتَرِي السِّلْعَة بِعَيْبِ فِيهَا فَأَنْكَرَ الْبَائِع كَوَّنَهَا سِلْعَته]

(٣٠٣١) فَصْلٌ: وَإِنْ رَدَّ الْمُشْتَرِي السِّلْعَةَ بِعَيْبٍ فِيهَا، فَأَنْكَرَ الْبَائِعُ كَوْنَهَا سِلْعَتَهُ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ مَعَ يَمِينِهِ. وَبِهِ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ. وَنَحْوَهُ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ، فَإِنَّهُ قَالَ فِي مَنْ صَرَفَ دَرَاهِمَ بِدَنَانِيرَ، ثُمَّ رَجَعَ بِدِرْهَمٍ، فَقَالَ الصَّيْرَفِيُّ: لَيْسَ هَذَا دِرْهَمِي يَحْلِفُ الصَّيْرَفِيُّ: بِاَللَّهِ لَقَدْ وَفَّيْتُكَهُ، وَيَبْرَأُ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ مُنْكِرٌ كَوْنَ هَذِهِ سِلْعَتَهُ، وَمُنْكِرٌ لِاسْتِحْقَاقِ الْفَسْخِ، وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُنْكِرِ. فَأَمَّا إنْ جَاءَ لِيَرُدَّ السِّلْعَةَ بِخِيَارٍ، فَأَنْكَرَ الْبَائِعُ أَنَّهَا سِلْعَتُهُ، فَحَكَى ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ أَحْمَدَ، أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُشْتَرِي. وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ، وَإِسْحَاقَ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ؛ لِأَنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَى اسْتِحْقَاقِ فَسْخِ الْعَقْدِ، وَالرَّدُّ بِالْعَيْبِ بِخِلَافِهِ.

[مَسْأَلَةٌ اشْتَرَى شَيْئًا مَأْكُوله فِي جَوْفه فَكَسَرَهُ فَوَجَدَهُ فَاسِدًا]

(٣٠٣٢) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَإِذَا اشْتَرَى شَيْئًا، مَأْكُولُهُ فِي جَوْفِهِ، فَكَسَرَهُ، فَوَجَدَهُ فَاسِدًا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِمَكْسُورِهِ قِيمَةٌ، كَبَيْضِ الدَّجَاجِ، رَجَعَ بِالثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ، وَإِنْ كَانَ لِمَكْسُورِهِ قِيمَةٌ، كَجَوْزِ الْهِنْدِ، فَهُوَ مُخَيَّرٌ فِي الرَّدِّ وَأَخْذِ الثَّمَنِ، وَعَلَيْهِ أَرْشُ الْكَسْرِ، أَوْ يَأْخُذُ مَا بَيْنَ صَحِيحِهِ وَمَعِيبِهِ) وَجُمْلَةُ ذَلِكَ، أَنَّهُ إذَا اشْتَرَى مَا لَا يُطَّلَعُ عَلَى عَيْبِهِ إلَّا بِكَسْرِهِ، كَالْبِطِّيخِ، وَالرُّمَّانِ، وَالْجَوْزِ، وَالْبَيْضِ، فَكَسَرَهُ فَبَانَ عَيْبُهُ، فَفِيهِ رِوَايَتَانِ؛ إحْدَاهُمَا، لَا يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِشَيْءٍ، وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْبَائِعِ تَدْلِيسٌ، وَلَا تَفْرِيطٌ؛ لِعَدَمِ مَعْرِفَتِهِ بِعَيْبِهِ، وَكَوْنِهِ لَا يُمْكِنُهُ الْوُقُوفُ عَلَيْهِ إلَّا بِكَسْرِهِ، فَجَرَى مَجْرَى الْبَرَاءَةِ مِنْ الْعُيُوبِ.

وَالثَّانِيَةُ، يَرْجِعُ عَلَيْهِ. وَهِيَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ، وَقَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّ عَقْدَ الْبَيْعِ اقْتَضَى السَّلَامَةَ مِنْ عَيْبٍ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ الْمُشْتَرِي، فَإِذَا بَانَ مَعِيبًا، ثَبَتَ لَهُ الْخِيَارُ، وَلِأَنَّ الْبَائِعَ إنَّمَا يَسْتَحِقُّ ثَمَنَ الْمَعِيبِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>