فَإِنْ كَانَ فِي وَقْتَيْنِ مُتَبَاعِدَيْنِ، أَوْ لَيْلَتَيْنِ، لَمْ يَجِبْ الْقَطْعُ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا سَرِقَةٌ مُفْرَدَةٌ لَا تَبْلُغُ نِصَابًا. وَكَذَلِكَ إنْ كَانَا فِي لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ وَبَيْنَهُمَا مُدَّةٌ طَوِيلَةٌ. وَإِنْ تَقَارَبَا، وَجَبَ قَطْعُهُ؛ لِأَنَّهَا سَرِقَةٌ وَاحِدَةٌ، وَإِذَا بُنِيَ فِعْلُ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ عَلَى فِعْلِ شَرِيكِهِ، فَبِنَاءُ فِعْلِ الْوَاحِدِ بَعْضِهِ عَلَى بَعْضٍ أَوْلَى.
الشَّرْطُ الْخَامِسُ وَالسَّادِسُ وَالسَّابِعُ: كَوْنُ السَّارِقِ مُكَلَّفًا، وَثَبَتَتْ السَّرِقَةُ، وَيُطَالِبُ بِهَا الْمَالِكُ بِالْمَعْرُوفِ، وَتَنْتَفِي الشُّبُهَاتُ. وَيُذْكَرُ ذَلِكَ فِي مَوَاضِعِهِ.
[مَسْأَلَةٌ كَانَ الْمَسْرُوقُ ثَمَرًا أَوْ كَثَرًا]
(٧٢٧٤) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَسْرُوقُ ثَمَرًا أَوْ كَثَرًا، فَلَا قَطْعَ فِيهِ) يَعْنِي بِهِ الثَّمَرَ فِي الْبُسْتَانِ قَبْلَ إدْخَالِهِ الْحِرْزَ، فَهَذَا لَا قَطْعَ فِيهِ عِنْدَ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ.
كَذَلِكَ الْكَثَرُ الْمَأْخُوذُ مِنْ النَّخْلِ، وَهُوَ جُمَّارُ النَّخْلِ. رُوِيَ مَعْنَى هَذَا الْقَوْلِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ. وَبِهِ قَالَ عَطَاءٌ، وَمَالِكٌ، وَالثَّوْرِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ. وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ: إنْ كَانَ مِنْ ثَمَرٍ أَوْ بُسْتَانٍ مُحْرَزٍ، فَفِيهِ الْقَطْعُ. وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ إنْ لَمْ يَصِحَّ خَبَرُ رَافِعٍ. قَالَ: وَلَا أَحْسَبُهُ ثَابِتًا. وَاحْتَجَّا بِظَاهِرِ الْآيَةِ، وَبِقِيَاسِهِ عَلَى سَائِرِ الْمُحْرَزَاتِ.
وَلَنَا مَا رَوَى رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «لَا قَطْعَ فِي ثَمَرٍ وَلَا كَثَرٍ» . أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد، وَابْنُ مَاجَهْ. وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، «عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ الثَّمَرِ الْمُعَلَّقِ، فَقَالَ: مَنْ أَصَابَ بِفِيهِ مِنْ ذِي حَاجَةٍ، غَيْرَ مُتَّخِذٍ خُبْنَةً، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَمَنْ خَرَجَ بِشَيْءٍ مِنْهُ، فَعَلَيْهِ غَرَامَةُ مِثْلَيْهِ وَالْعُقُوبَةُ، وَمَنْ سَرَقَ مِنْهُ شَيْئًا بَعْدَ أَنْ يُؤْوِيَهُ الْجَرِينُ، فَبَلَغَ ثَمَنَ الْمِجَنِّ، فَعَلَيْهِ الْقَطْعُ» . وَهَذَا يَخُصُّ عُمُومَ الْآيَةِ؛ وَلِأَنَّ الْبُسْتَانَ لَيْسَ بِحِرْزٍ لِغَيْرِ الثَّمَرِ، فَلَا يَكُونُ حِرْزًا لَهُ، كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ مَحُوطًا، فَأَمَّا إنْ كَانَتْ نَخْلَةٌ أَوْ شَجَرَةٌ فِي دَارٍ مُحْرِزَةٍ، فَسَرَقَ مِنْهَا نِصَابًا، فَفِيهِ الْقَطْعُ؛ لِأَنَّهُ سَرَقَ مِنْ حِرْزٍ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ -.
[فَصْلٌ سَرَقَ مِنْ الثَّمَرِ الْمُعَلَّقِ]
(٧٢٧٥) فَصْلٌ: وَإِنْ سَرَقَ مِنْ الثَّمَرِ الْمُعَلَّقِ، فَعَلَيْهِ غَرَامَةُ مِثْلَيْهِ. وَبِهِ قَالَ إِسْحَاقُ؛ لِلْخَبَرِ الْمَذْكُورِ. وَقَالَ أَحْمَدُ: لَا أَعْلَمُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute