وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَلَى مَا ادَّعَاهُ؛ ادَّعَى أَحَدُهُمْ جَمِيعَهُ، وَادَّعَى آخَرُ ثُلُثَيْهِ، وَادَّعَى آخَرُ نِصْفَهُ؟ فَأَجَابَ فِيهِمْ بِشِعْرٍ: يَقُولُ
نَظَرْت أَبَا يَعْقُوبَ فِي الْحِسَبِ الَّتِي ... طَرَتْ فَأَقَامَتْ مِنْهُمْ كُلَّ قَاعِدِ
فَلِلْمُدَّعِي الثُّلْثَيْنِ ثُلْثٌ وَلِلَّذِي ... اسْتَلَاطَ جَمِيعُ الْمَالِ عِنْدَ التَّحَاشُدِ
مِنْ الْمَالِ نِصْفٌ غَيْرُ مَا سَيَنُوبُهُ ... وَحِصَّتُهُ مِنْ نِصْفِ ذَا الْمَالِ زَائِدِ
وَلِلْمُدَّعِي نِصْفًا مِنْ الْمَالِ رُبْعُهُ ... وَيُؤْخَذُ نِصْفُ السُّدْسِ مِنْ كُلِّ وَاحِدِ
وَهَذَا قَوْلُ مَنْ قَسَمَ الْمَالَ بَيْنَهُمْ عَلَى حَسَبِ الْعَوْلِ، فَكَأَنَّ الْمَسْأَلَةَ عَالَتْ مِنْ سِتَّةٍ إلَى ثَلَاثَةَ عَشَرَ؛ وَذَلِكَ أَنَّهُ أَخَذَ مَخْرَجَ الْكُسُورِ، وَهِيَ سِتَّةٌ فَجَعَلَهَا لِمُدَّعِي الْكُلِّ، وَثُلُثَاهَا أَرْبَعَةٌ لِمُدَّعِي الثُّلُثَيْنِ، وَنِصْفُهَا ثَلَاثَةٌ، لِمُدَّعِي النِّصْفِ، صَارَتْ ثَلَاثَةَ عَشَرَ.
[فَصْل الدَّارُ فِي أَيْدِي أَرْبَعَةٍ فَادَّعَى أَحَدُهُمْ جَمِيعَهَا وَالثَّانِي ثُلُثَيْهَا وَالثَّالِثُ نِصْفَهَا وَالرَّابِعُ ثُلْثَهَا]
(٨٥١٤) فَصْلٌ: فَإِنْ كَانَتْ الدَّارُ فِي أَيْدِي أَرْبَعَةٍ، فَادَّعَى أَحَدُهُمْ جَمِيعَهَا، وَالثَّانِي ثُلُثَيْهَا، وَالثَّالِثُ نِصْفَهَا، وَالرَّابِعُ ثُلْثَهَا، وَلَا بَيِّنَةَ لَهُمْ، حَلَفَ كُلُّ وَاحِدٍ وَلَهُ رُبْعُهَا؛ لِأَنَّهَا فِي يَدِهِ، وَالْقَوْلُ قَوْلُ صَاحِبِ الْيَدِ مَعَ يَمِينِهِ. وَإِنْ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِمَا ادَّعَاهُ بَيِّنَةً، قُسِمَتْ بَيْنَهُمْ أَرْبَاعًا أَيْضًا؛ لِأَنَّنَا إنْ قُلْنَا: تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الدَّاخِلِ. فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ دَاخِلٌ فِي رُبْعِهَا، فَتُقَدَّم بَيِّنَتُهُ فِيهِ. وَإِنْ قُلْنَا: تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ. فَإِنَّ الرَّجُلَيْنِ إذَا ادَّعَيَا عَيْنًا فِي يَدِ غَيْرِهِمَا، فَأَنْكَرَهُمَا، وَأَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةً بِدَعْوَاهُ، تَعَارَضَتَا، وَأُقِرَّ الشَّيْءُ فِي يَدِ مَنْ هُوَ فِي يَدِهِ. وَإِنْ كَانَتْ الدَّارُ فِي يَدِ خَامِسٍ لَا يَدَّعِيهَا، وَلَا بَيِّنَةَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ بِمَا ادَّعَاهُ، فَالثُّلُثُ لِمُدَّعِي الْكُلِّ؛ لِأَنَّ أَحَدًا لَا يُنَازِعُهُ فِيهِ، وَيُقْرَعُ بَيْنَهُمْ فِي الْبَاقِي، فَإِنْ خَرَجَتْ الْقُرْعَةُ لِصَاحِبِ الْكُلِّ، أَوْ لِمُدَّعِي الثُّلُثَيْنِ، أَخَذَهُ، وَإِنْ وَقَعَتْ لِمُدَّعِي النِّصْفِ، أَخَذَهُ، وَأَقْرَعَ بَيْنَ الْبَاقِينَ فِي الْبَاقِي، وَإِنْ وَقَعَتْ لِصَاحِبِ الثُّلُثِ، أَخَذَهُ، وَأَقْرَعَ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ فِي الثُّلُثِ الْبَاقِي. وَهَذَا قَوْلُ أَبِي عُبَيْدٍ، وَالشَّافِعِيِّ إذْ كَانَ بِالْعِرَاقِ، إلَّا أَنَّهُمْ عَبَّرُوا عَنْهُ بِعِبَارَةٍ أُخْرَى، فَقَالُوا: لِمُدَّعِي الْكُلِّ الثُّلُثُ، وَيُقْرَعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُدَّعِي الثُّلُثَيْنِ فِي السُّدُسِ الزَّائِدِ عَنْ النِّصْفِ، ثُمَّ يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ مُدَّعِي النِّصْفِ فِي السُّدُسِ الزَّائِدِ عَنْ الثُّلُثِ، ثُمَّ يُقْرَعُ بَيْنَ الْأَرْبَعَةِ فِي الثُّلُثِ الْبَاقِي، وَيَكُونُ الْإِقْرَاعُ فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ.
وَعَلَى الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى، الثُّلُثُ لِمُدَّعِي الْكُلِّ، وَيُقْسَمُ السُّدُسُ الزَّائِدُ عَنْ النِّصْفِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُدَّعِي الثُّلُثَيْنِ، ثُمَّ يُقْسَمُ السُّدُسُ الزَّائِدُ عَنْ الثُّلُثِ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ مُدَّعِي النِّصْفِ أَثْلَاثًا، ثُمَّ يُقْسَمُ الثُّلُثُ الْبَاقِي بَيْنَ الْأَرْبَعَةِ أَرْبَاعًا، وَتَصِحُّ الْمَسْأَلَةُ مِنْ سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ سَهْمًا، لِصَاحِبِ الْكُلِّ ثُلُثُهَا اثْنَا عَشَرَ، وَنِصْفُ السُّدُسِ الزَّائِدِ عَلَى النِّصْفِ ثَلَاثَةٌ، وَثُلُثُ السُّدُسِ الزَّائِدِ عَنْ الثُّلُثِ سَهْمَانِ، وَرُبْعُ الثُّلُثِ الْبَاقِي ثَلَاثَةٌ، فَيَحْصُلُ لَهُ عِشْرُونَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute