رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» . وَلِمَا تَقَدَّمَ مِنْ حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ وَغَيْرِهِ، وَلِأَنَّهَا آيَةٌ مِنْ الْفَاتِحَةِ، فَيَجْهَرُ بِهَا الْإِمَامُ فِي صَلَاةِ الْجَهْرِ، كَسَائِرِ آيَاتِهَا.
وَلَنَا، حَدِيثُ أَنَسٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغَفَّلِ. وَعَنْ عَائِشَةَ، - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - «، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَفْتَتِحُ الصَّلَاةَ بِالتَّكْبِيرِ وَالْقِرَاءَةَ بِالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَرَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: قَسَمْتُ الصَّلَاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ، وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ، فَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. قَالَ اللَّهُ: حَمِدَنِي عَبْدِي. وَذَكَرَ الْخَبَرَ.» أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.
وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ " بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ "، وَلَمْ يَجْهَرْ بِهَا. وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ الَّذِي احْتَجُّوا بِهِ لَيْسَ فِيهِ أَنَّهُ جَهَرَ بِهَا، وَلَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَسْمَعَ مِنْهُ حَالَ الْإِسْرَارِ، كَمَا سَمِعَ الِاسْتِفْتَاحَ وَالِاسْتِعَاذَةَ مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَ إسْرَارِهِ بِهِمَا، وَقَدْ رَوَى أَبُو قَتَادَةَ، «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُسْمِعُهُمْ الْآيَةَ أَحْيَانًا فِي صَلَاةِ الظُّهْرِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَحَدِيثُ أُمِّ سَلَمَةَ لَيْسَ فِيهِ أَنَّهُ جَهَرَ بِهَا، وَسَائِرُ أَخْبَارِ الْجَهْرِ ضَعِيفَةٌ؛ فَإِنَّ رُوَاتَهَا هُمْ رُوَاةُ الْإِخْفَاءِ، وَإِسْنَادُ الْإِخْفَاءِ صَحِيحٌ ثَابِتٌ بِغَيْرِ خِلَافٍ فِيهِ، فَدَلَّ عَلَى ضَعْفِ رِوَايَةِ الْجَهْرِ، وَقَدْ بَلَغَنَا أَنَّ الدَّارَقُطْنِيّ قَالَ: لَمْ يَصِحَّ فِي الْجَهْرِ حَدِيثٌ.
[فَصْلٌ الْبَسْمَلَة هَلْ هِيَ آيَةٌ مِنْ الْفَاتِحَة يَجِبُ قِرَاءَتُهَا فِي الصَّلَاةِ أَوْ لَا]
(٦٦٩) فَصْلٌ: وَاخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ عَنْ أَحْمَدَ؛ هَلْ هِيَ آيَةٌ مِنْ الْفَاتِحَةِ يَجِبُ قِرَاءَتُهَا فِي الصَّلَاةِ، أَوْ لَا؟ فَعَنْهُ أَنَّهَا مِنْ الْفَاتِحَةِ. وَذَهَبَ إلَيْهِ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ابْنُ بَطَّةَ، وَأَبُو حَفْصٍ. وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْمُبَارَكِ، وَالشَّافِعِيِّ، وَإِسْحَاقَ، وَأَبِي عُبَيْدٍ. قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: مَنْ تَرَكَ (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) فَقَدْ تَرَكَ مِائَةً وَثَلَاثَ عَشْرَةَ آيَةً.
وَكَذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ: هِيَ آيَةٌ مِنْ كُلِّ سُورَةٍ؛ لِحَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ. وَرَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إذَا قَرَأْتُمْ: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، فَاقْرَءُوا: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. فَإِنَّهَا أُمُّ الْكِتَابِ، وَإِنَّهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute