كَافِرٌ لَا عَهْدَ لَهُ، فَلَمْ يَضْمَنْ، كَالصِّبْيَانِ وَالْمَجَانِينِ. فَأَمَّا إذَا كَانَ لَهُ عَهْدٌ، فَلَهُ دِيَةُ أَهْلِ دِينِهِ، فَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ دِينُهُ، فَفِيهِ دِيَةُ الْمَجُوسِيِّ؛ لِأَنَّهُ الْيَقِينُ، وَمَا زَادَ مَشْكُوكٌ فِيهِ.
[مَسْأَلَةٌ دِيَةُ الْحُرَّةِ الْمُسْلِمَةِ]
(٦٨٣٧) مَسْأَلَةٌ:؛ قَالَ: (وَدِيَةُ الْحُرَّةِ الْمُسْلِمَةِ، نِصْفُ دِيَةِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ) قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ دِيَةَ الْمَرْأَةِ نِصْفُ دِيَةِ الرَّجُلِ. وَحَكَى غَيْرُهُمَا عَنْ ابْنِ عُلَيَّةَ، وَالْأَصَمِّ، أَنَّهُمَا قَالَا: دِيَتُهَا كَدِيَةِ الرَّجُلِ؛ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «فِي نَفْسِ الْمُؤْمِنَةِ مِائَةٌ مِنْ الْإِبِلِ» . وَهَذَا قَوْلٌ شَاذٌّ، يُخَالِفُ إجْمَاعَ الصَّحَابَةِ، وَسُنَّةَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنَّ فِي كِتَابِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ: «دِيَةُ الْمَرْأَةِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ دِيَةِ الرَّجُلِ» . وَهِيَ أَخَصُّ مِمَّا ذَكَرُوهُ، وَهُمَا فِي كِتَابٍ وَاحِدٍ، فَيَكُونُ مَا ذَكَرْنَا مُفَسِّرًا لِمَا ذَكَرُوهُ، مُخَصَّصًا لَهُ، وَدِيَةُ نِسَاءِ كُلِّ أَهْلِ دِينٍ عَلَى النِّصْفِ مِنْ دِيَةِ رِجَالِهِمْ، عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ فِي مَوْضِعه.
[مَسْأَلَةٌ جِرَاح الرَّجُل وَالْمَرْأَةُ فِي الدِّيَةِ]
(٦٨٣٨) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَتُسَاوِي جِرَاحُ الْمَرْأَةِ جِرَاحَ الرَّجُلِ إلَى ثُلُثِ الدِّيَةِ، فَإِنْ جَاوَزَ الثُّلُثَ، فَعَلَى النِّصْفِ) وَرُوِيَ هَذَا عَنْ عُمَرَ، وَابْنِ عُمَرَ، وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ. وَبِهِ قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَالزُّهْرِيُّ، وَقَتَادَةُ، وَالْأَعْرَجُ، وَرَبِيعَةُ، وَمَالِكٌ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: وَهُوَ قَوْلُ فُقَهَاءِ الْمَدِينَةِ السَّبْعَةِ، وَجُمْهُورِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ.
وَحُكِيَ عَنْ الشَّافِعِيِّ فِي الْقَدِيمِ. وَقَالَ الْحَسَنُ يَسْتَوِيَانِ إلَى النِّصْفِ. وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهَا عَلَى النِّصْفِ فِيمَا قَلَّ وَكَثُرَ. وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ. وَبِهِ قَالَ الثَّوْرِيُّ، وَاللَّيْثُ، وَابْنُ أَبِي لَيْلَى، وَابْنُ شُبْرُمَةَ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَالشَّافِعِيُّ فِي ظَاهِرِ مَذْهَبِهِ. وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ؛ لِأَنَّهُمَا شَخْصَانِ تَخْتَلِفُ دِيَتُهُمَا، فَاخْتَلَفَ أَرْشُ أَطْرَافِهِمَا، كَالْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ، وَلِأَنَّهَا جِنَايَةٌ لَهَا أَرْشٌ مُقَدَّرٌ، فَكَانَ مِنْ الْمَرْأَةِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ الرَّجُلِ، كَالْيَدِ. وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّهُ قَالَ: تُعَاقِلُ الْمَرْأَةُ الرَّجُلَ إلَى نِصْفِ عُشْرِ الدِّيَةِ، فَإِذَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ، فَهِيَ عَلَى النِّصْفِ؛ لِأَنَّهَا تُسَاوِيه فِي الْمُوضِحَةِ.
وَلَنَا، مَا رَوَى عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «عَقْلُ الْمَرْأَةِ مِثْلُ عَقْلِ الرَّجُلِ، حَتَّى يَبْلُغَ الثُّلُثَ مِنْ دِيَتِهَا» أَخْرَجَهُ النَّسَائِيّ. وَهُوَ نَصٌّ يُقَدَّمُ عَلَى مَا سِوَاهُ. وَقَالَ رَبِيعَةُ: قُلْت لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ: كَمْ فِي إصْبَعِ الْمَرْأَةِ؟ قَالَ: عَشْرٌ. قُلْت: فَفِي إصْبَعَيْنِ؟ قَالَ: عِشْرُونَ. قُلْت: فَفِي ثَلَاثِ أَصَابِعَ؟ قَالَ: ثَلَاثُونَ. قُلْت: فَفِي أَرْبَعٍ؟ قَالَ: عِشْرُونَ. قَالَ: قُلْت: لَمَّا عَظُمَتْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute