وَحْدَهَا، لِاخْتِصَاصِهَا بِالِائْتِمَامِ بِالْمُقِيمِ.
وَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ مُقِيمًا، فَاسْتَخْلَفَ مُسَافِرًا مِمَّنْ كَانَ مَعَهُ فِي الصَّلَاةِ، فَعَلَى الْجَمِيعِ الْإِتْمَامُ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَخْلَفَ قَدْ لَزِمَهُ الْإِتْمَامُ بِاقْتِدَائِهِ بِالْمُقِيمِ، فَصَارَ كَالْمُقِيمِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ دَخَلَ مَعَهُ فِي الصَّلَاةِ، وَكَانَ اسْتِخْلَافُهُ قَبْلَ مُفَارَقَةِ الْأُولَى، فَعَلَيْهَا الْإِتْمَامُ؛ لِائْتِمَامِهَا بِمُقِيمٍ، وَيَقْصُرُ الْإِمَامُ وَالطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ.
وَإِنْ اسْتَخْلَفَ بَعْدَ دُخُولِ الثَّانِيَةِ مَعَهُ، فَعَلَى الْجَمِيعِ الْإِتْمَامُ، وَلِلْمُسْتَخْلَفِ الْقَصْرُ وَحْدَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتَمَّ بِمُقِيمٍ
[مَسْأَلَةٌ صَلَاةُ الْمُسَافِرِ وَالْمُقِيمِ خَلْفَ مُسَافِرٍ]
(١٢٧٦) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَإِذَا صَلَّى مُسَافِرٌ وَمُقِيمٌ خَلْفَ مُسَافِرٍ، أَتَمَّ الْمُقِيمُ إذَا سَلَّمَ إمَامُهُ) أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الْمُقِيمَ إذَا ائْتَمَّ بِالْمُسَافِرِ، وَسَلَّمَ الْمُسَافِرُ مِنْ رَكْعَتَيْنِ، أَنَّ عَلَى الْمُقِيمِ إتْمَامَ الصَّلَاةِ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ: «شَهِدْتُ الْفَتْحَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَقَامَ بِمَكَّةَ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ لَيْلَةً، لَا يُصَلِّي إلَّا رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ يَقُولُ لِأَهْلِ الْبَلَدِ: صَلُّوا أَرْبَعًا، فَإِنَّا سَفَرٌ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.
وَلِأَنَّ الصَّلَاةَ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ أَرْبَعًا، فَلَمْ يَكُنْ لَهُ تَرْكُ شَيْءٍ مِنْ رَكَعَاتِهَا، كَمَا لَوْ لَمْ يَأْتَمَّ بِمُسَافِرٍ.
[فَصْلٌ يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ إذَا صَلَّى بِمُقِيمِينَ أَنْ يَقُولَ لَهُمْ عَقِيبَ تَسْلِيمِهِ]
(١٢٧٧) فَصْلٌ: وَيُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ إذَا صَلَّى بِمُقِيمِينَ أَنْ يَقُولَ لَهُمْ عَقِيبَ تَسْلِيمِهِ: أَتِمُّوا، فَإِنَّا سَفَرٌ. لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ الْحَدِيثِ، وَلِئَلَّا يَشْتَبِهَ عَلَى الْجَاهِلِ عَدَدُ رَكَعَاتِ الصَّلَاةِ، فَيَظُنُّ أَنَّ الرُّبَاعِيَّةَ رَكْعَتَانِ. وَقَدْ رَوَى الْأَثْرَمُ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، أَنَّ عُثْمَانَ إنَّمَا أَتَمَّ الصَّلَاةَ لِأَنَّ الْأَعْرَابَ حَجُّوا، فَأَرَادَ أَنْ يُعَرِّفَهُمْ أَنَّ الصَّلَاةَ أَرْبَعٌ.
[فَصْلٌ أَمَّ الْمُسَافِرُ الْمُقِيمِينَ فَأَتَمَّ بِهِمْ الصَّلَاةَ]
(١٢٧٨) فَصْلٌ: وَإِذَا أَمَّ الْمُسَافِرُ الْمُقِيمِينَ، فَأَتَمَّ بِهِمْ الصَّلَاةَ، فَصَلَاتُهُمْ تَامَّةٌ صَحِيحَةٌ. وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ وَإِسْحَاقُ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَالثَّوْرِيُّ: تَفْسُدُ صَلَاةُ الْمُقِيمِينَ، وَتَصِحُّ صَلَاةُ الْإِمَامِ وَالْمُسَافِرِينَ مَعَهُ. وَعَنْ أَحْمَدَ نَحْوُ ذَلِكَ. قَالَ الْقَاضِي: لِأَنَّ الرَّكْعَتَيْنِ الْأُخْرَيَيْنِ نَفْلٌ مِنْ الْإِمَامِ، فَلَا يَؤُمُّ بِهَا مُفْتَرِضِينَ.
وَلَنَا، أَنَّ الْمُسَافِرَ يَلْزَمُهُ الْإِتْمَامُ بِنِيَّتِهِ، فَيَكُونُ الْجَمِيعُ وَاجِبًا، وَلَوْ كَانَتْ نَفْلًا فَائْتِمَامُ الْمُفْتَرِضِ بِالْمُتَنَفِّلِ جَائِزٌ، عَلَى مَا مَضَى.
[فَصْلٌ أَمَّ الْمُسَافِرُ مُسَافِرِينَ فَنَسِيَ فَصَلَّاهَا تَامَّةً]
(١٢٧٩) فَصْلٌ: وَإِنْ أَمَّ الْمُسَافِرُ مُسَافِرِينَ، فَنَسِيَ فَصَلَّاهَا تَامَّةً، صَحَّتْ صَلَاتُهُ وَصَلَاتُهُمْ، وَلَا يَلْزَمُ لِذَلِكَ سُجُودُ سَهْوٍ؛ لِأَنَّهَا زِيَادَةٌ لَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ عَمْدُهَا، فَلَا يَجِبُ السُّجُودُ لِسَهْوِهَا، كَزِيَادَاتِ الْأَقْوَالِ، مِثْلِ الْقِرَاءَةِ فِي السُّجُودِ وَالْقُعُودِ، وَهَلْ يُشْرَعُ السُّجُودُ لَهَا؟ يُخَرَّجُ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ فِي الزِّيَادَاتِ الْمَذْكُورَةِ. وَاخْتَارَ