وَلَنَا، عُمُومُ الْأَحَادِيثِ الَّتِي سَنَذْكُرُهَا؛ وَلِأَنَّ غَيْرَ الْمُكَلَّفَةِ تُسَاوِي الْمُكَلَّفَةَ فِي اجْتِنَابِ الْمُحَرَّمَات، كَالْخَمْرِ وَالزِّنَى، وَإِنَّمَا يَفْتَرِقَانِ فِي الْإِثْمِ، فَكَذَلِكَ الْإِحْدَادُ، وَلِأَنَّ حُقُوقَ الذِّمِّيَّةِ فِي النِّكَاحِ كَحُقُوقِ الْمُسْلِمَةِ، فَكَذَلِكَ فِيمَا عَلَيْهَا. (٦٣٨٩) فَصْلٌ: وَلَا إحْدَادَ عَلَى غَيْرِ الزَّوْجَاتِ، كَأُمِّ الْوَلَدِ إذَا مَاتَ سَيِّدُهَا، قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: لَا أَعْلَمُهُمْ يَخْتَلِفُونَ فِي ذَلِكَ. وَكَذَلِكَ الْأَمَةُ الَّتِي يَطَؤُهَا سَيِّدُهَا، إذَا مَاتَ عَنْهَا، وَلَا الْمَوْطُوءَةُ بِشُبْهَةٍ، وَالْمَزْنِيُّ بِهَا؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، أَنْ تُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثٍ، إلَّا عَلَى زَوْجٍ، أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا» .
وَلَا إحْدَادَ عَلَى الرَّجْعِيَّةِ. بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ؛ لِأَنَّهَا فِي حُكْمِ الزَّوْجَاتِ، لَهَا أَنْ تَتَزَيَّنَ لِزَوْجِهَا، وَتَسْتَشْرِفَ لَهُ، لِيَرْغَبَ فِيهَا، وَتَتَّفِقَ عِنْدَهُ، كَمَا تَفْعَلُ فِي صُلْبِ النِّكَاحِ. وَلَا إحْدَادَ عَلَى الْمَنْكُوحَةِ نِكَاحًا فَاسِدًا؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ زَوْجَةً عَلَى الْحَقِيقَةِ، وَلَا لَهَا مَنْ كَانَتْ تَحِلُّ لَهُ وَيَحِلُّ لَهَا، فَتَحْزَنَ عَلَى فَقْدِهِ.
[فَصْلٌ تَجْتَنِبُ الْحَادَّةُ مَا يَدْعُو إلَى جِمَاعِهَا]
(٦٣٩٠) فَصْلٌ: وَتَجْتَنِبُ الْحَادَّةُ مَا يَدْعُو إلَى جِمَاعِهَا، وَيُرَغِّبُ فِي النَّظَرِ إلَيْهَا، وَيُحَسِّنُهَا، وَذَلِكَ أَرْبَعَةُ أَشْيَاءَ؛ أَحَدُهَا الطِّيبُ، وَلَا خِلَافَ فِي تَحْرِيمِهِ عِنْدَ مَنْ أَوْجَبَ الْإِحْدَادَ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا تَمَسُّ طِيبًا، إلَّا عِنْدَ أَدْنَى طُهْرِهَا، إذَا طَهُرَتْ مِنْ حَيْضِهَا بِنُبْذَةٍ مِنْ قُسْطٍ أَوْ أَظْفَارٍ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَرَوَتْ زَيْنَبُ بِنْتُ أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَتْ: «دَخَلْتُ عَلَى أُمِّ حَبِيبَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ تُوُفِّيَ أَبُوهَا أَبُو سُفْيَانَ، فَدَعَتْ بِطِيبٍ فِيهِ صُفْرَةٌ، خَلُوقٌ أَوْ غَيْرُهُ، فَدَهَنَتْ مِنْهُ جَارِيَةً، ثُمَّ مَسَّتْ بِعَارِضِهَا، ثُمَّ قَالَتْ: وَاَللَّهِ مَا لِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute