بِالطِّيبِ مِنْ حَاجَةٍ، غَيْرَ أَنِّي سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، أَنْ تُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ، إلَّا عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَلِأَنَّ الطِّيبَ يُحَرِّكُ الشَّهْوَةَ، وَيَدْعُو إلَى الْمُبَاشَرَةِ. وَلَا يَجُوزُ لَهَا اسْتِعْمَالُ الْأَدْهَانِ الْمُطَيِّبَةِ، كَدُهْنِ الْوَرْدِ وَالْبَنَفْسَجِ وَالْيَاسَمِينِ وَالْبَانِ، وَمَا أَشْبَهُهُ؛ لِأَنَّهُ اسْتِعْمَالٌ لِلطِّيبِ.
فَأَمَّا الْأَدْهَانُ بِغَيْرِ الْمُطَيَّبِ، كَالزَّيْتِ وَالشَّيْرَجِ وَالسَّمْنِ، فَلَا بَأْسَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِطِيبٍ. الثَّانِي: اجْتِنَابُ الزِّينَةِ، وَذَلِكَ وَاجِبٌ فِي قَوْلِ عَامَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ؛ مِنْهُمْ ابْنُ عُمَرَ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَعَطَاءٌ. وَجَمَاعَةُ أَهْلِ الْعِلْمِ يَكْرَهُونَ ذَلِكَ، وَيَنْهَوْنَ عَنْهُ، وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ: أَحَدُهَا الزِّينَةُ فِي نَفْسِهَا، فَيَحْرُمُ عَلَيْهَا أَنْ تَخْتَضِبَ، وَأَنْ تُحَمِّرَ وَجْهَهَا بالكلكون، وَأَنْ تُبَيِّضَهُ بأسفيداج الْعَرَائِسِ، وَأَنْ تَجْعَلَ عَلَيْهِ صَبْرًا يُصَفِّرُهُ، وَأَنْ تَنْقُشَ وَجْهَهَا وَيَدَيْهَا، وَأَنْ تُحَفِّفَ وَجْهَهَا، وَمَا أَشْبَهَهُ مِمَّا يُحْسِنهَا، وَأَنْ تَكْتَحِلَ بِالْإِثْمِدِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ؛ وَذَلِكَ لِمَا رَوَتْ أُمُّ سَلَمَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا، لَا تَلْبَسُ الْمُعَصْفَرَ مِنْ الثِّيَابِ، وَلَا الْمُمَشَّقَ، وَلَا الْحُلِيَّ، وَلَا تَخْتَضِبُ، وَلَا تَكْتَحِلُ» . رَوَاهُ النَّسَائِيّ، وَأَبُو دَاوُد.
وَرَوَتْ أُمُّ عَطِيَّةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا تُحِدُّ الْمَرْأَةُ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، إلَّا عَلَى زَوْجٍ، فَإِنَّهَا تُحِدُّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا، وَلَا تَلْبَسُ ثَوْبًا مَصْبُوغًا، إلَّا ثَوْبَ عَصْبٍ، وَلَا تَكْتَحِلُ، وَلَا تَمَسُّ طِيبًا إلَّا عِنْدَ أَدْنَى طُهْرِهَا، إذَا طَهُرَتْ مِنْ حَيْضِهَا، بِنُبْذَةٍ مِنْ قُسْطٍ أَوْ أَظْفَارٍ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَتْ: «جَاءَتْ امْرَأَةٌ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّ ابْنَتِي تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا، وَقَدْ اشْتَكَتْ عَيْنَهَا، أَفَتَكْحُلُهَا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: لَا. مَرَّتَيْنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute