للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْإِخَاءِ، فَلَا تَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ لِلذِّمِّيِّ، وَلِأَنَّهُ لَا يَأْمَنُ اخْتِلَاطَ طَعَامِهِمْ بِالْحَرَامِ وَالنَّجَاسَةِ، وَلَكِنْ تَجُوزُ إجَابَتُهُمْ؛ لِمَا رَوَى أَنَسٌ، أَنْ يَهُودِيًّا «دَعَا النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى خُبْزِ شَعِيرٍ، وَإِهَالَةٍ سَنِخَةٍ، فَأَجَابَهُ» . ذَكَرَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، فِي " الزُّهْدِ ".

[فَصْلٌ دَعَاهُ رَجُلَانِ إلَى وَلِيمَة وَلَمْ يُمَكِّن الْجَمْع بَيْنَهُمَا]

فَصْلٌ: فَإِنْ دَعَاهُ رَجُلَانِ، وَلَمْ يُمْكِنْ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا، وَسَبَقَ أَحَدُهُمَا، أَجَابَ السَّابِقَ؛ لِأَنَّ إجَابَتَهُ وَجَبَتْ حِينَ دَعَاهُ، فَلَمْ يَزُلْ الْوُجُوبُ بِدُعَاءِ الثَّانِي، وَلَمْ تَجِبْ إجَابَةُ الثَّانِي؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مُمْكِنَةٍ مَعَ إجَابَةِ الْأَوَّلِ، فَإِنْ اسْتَوَيَا، أَجَابَ أَقْرَبَهُمَا مِنْهُ بَابًا؛ لِمَا رَوَى أَبُو دَاوُد، بِإِسْنَادِهِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «إذَا اجْتَمَعَ دَاعِيَانِ، فَأَجِبْ أَقْرَبَهُمَا بَابًا؛ فَإِنَّ أَقْرَبَهُمَا جِوَارًا، فَإِنْ سَبَقَ أَحَدُهُمَا، فَأَجِبْ الَّذِي سَبَقَ» . وَرَوَى الْبُخَارِيُّ بِإِسْنَادِهِ «عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّ لِي جَارَيْنِ، فَإِلَى أَيِّهِمَا أُهْدِي؟ قَالَ أَقْرَبُهُمَا مِنْك بَابًا» . وَلِأَنَّ هَذَا مِنْ أَبْوَابِ الْبِرِّ؛ فَقُدِّمَ بِهَذِهِ الْمَعَانِي، فَإِنْ اسْتَوَيَا، أَجَابَ أَقْرَبَهُمَا رَحِمًا؛ لِمَا فِيهِ مِنْ صِلَةِ الرَّحِمِ، فَإِنْ اسْتَوَيَا، أَجَابَ أَدْيَنَهُمَا، فَإِنْ اسْتَوَيَا أَقْرَعَ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ الْقُرْعَةَ تُعَيِّنُ الْمُسْتَحِقَّ عِنْدَ اسْتِوَاءِ الْحُقُوقِ.

[مَسْأَلَة فِي الْوَلِيمَة إنْ لَمْ يُحِبَّ أَنْ يُطْعِم دَعَا وَانْصَرَفَ]

(٥٦٧٠) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (فَإِنْ لَمْ يُحِبَّ أَنْ يُطْعِمَ، دَعَا وَانْصَرَفَ) . وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ الْوَاجِبَ الْإِجَابَةُ إلَى الدَّعْوَةِ؛ لِأَنَّهَا الَّذِي أَمَرَ بِهِ وَتَوَعَّدَ عَلَى تَرْكِهِ، أَمَّا الْأَكْلُ فَغَيْرُ وَاجِبٍ، صَائِمًا كَانَ أَوْ مُفْطِرًا. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ، لَكِنْ إنْ كَانَ الْمَدْعُوُّ صَائِمًا صَوْمًا وَاجِبًا أَجَابَ، وَلَمْ يُفْطِرْ؛ لِأَنَّ الْفِطْرَ غَيْرُ جَائِزٍ؛ فَإِنَّ الصَّوْمَ وَاجِبٌ، وَالْأَكْلَ غَيْرُ وَاجِبٍ، وَقَدْ رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ فَلْيُجِبْ، فَإِنْ كَانَ صَائِمًا فَلْيَدْعُ - وَإِنْ كَانَ مُفْطِرًا فَلْيُطْعِمْ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَفِي رِوَايَةٍ " فَلْيُصَلِّ ". يَعْنِي: يَدْعُو. وَدُعِيَ ابْنُ عُمَرَ إلَى وَلِيمَةٍ، فَحَضَرَ وَمَدَّ يَدَهُ وَقَالَ:

<<  <  ج: ص:  >  >>