أَحَدُهُمَا، يُكْمَلُ الْعِتْقُ مِنْ أَحَدِهِمَا بِالْقُرْعَةِ بَيْنَهُمَا، كَمَا لَوْ أَعْتَقَ الْعَبْدَيْنِ فَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ الثُّلُثِ إلَّا أَحَدُهُمَا
وَالثَّانِي، يُقَسَّمُ مَا بَقِيَ مِنْ الثُّلُثِ بَيْنَهُمَا بِغَيْرِ قُرْعَةٍ، لِأَنَّهُ أَوْقَعَ عِتْقًا مُشَقَّصًا فَلَمْ يُكْمِلْهُ، بِخِلَافِ مَا إذَا أَعْتَقَ الْعَبْدَيْنِ، وَلِهَذَا إذَا لَمْ يَخْرُجْ مِنْ الثُّلُثِ إلَّا الشِّقْصَانِ أَعْتَقْنَاهُمَا، وَلَمْ يُقْرَعْ بَيْنَهُمَا، وَلَمْ يُكْمِلْهُ مِنْ أَحَدِهِمَا. وَلَوْ أَوْصَى بِإِعْتَاقِ النَّصِيبَيْنِ، وَأَنْ يُكْمَلَ عِتْقُهُمَا مِنْ ثُلُثِهِ، وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ الثُّلُثِ إلَّا النَّصِيبَانِ وَقِيمَةُ بَاقِي أَحَدِهِمَا، أَقْرَعْنَا بَيْنَهُمَا، فَمَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ كَمُلَ الْعِتْقُ فِيهِ، لِأَنَّ الْمُوصِيَ أَوْصَى بِتَكْمِيلِ الْعِتْقِ، فَجَرَى مَجْرَى إعْتَاقِهِمَا، بِخِلَافِ الَّتِي قَبْلَهَا.
[فَصْلٌ مِلْك الْمَرِيض مِنْ يُعْتِق عَلَيْهِ بِغَيْرِ عِوَض]
(٤٦٩٩) فَصْلٌ: وَإِذَا مَلَكَ الْمَرِيضُ مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ بِغَيْرِ عِوَضٍ، كَالْهِبَةِ وَالْمِيرَاثِ، عَتَقَ، وَوَرِثَ الْمَرِيضَ إذَا مَاتَ. وَبِهَذَا قَالَ مَالِكٌ، وَأَكْثَرُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يُعْتَقُ، وَلَا يَرِثُ؛ لِأَنَّ عِتْقَهُ وَصِيَّةٌ، فَلَا يَجْتَمِعُ مَعَ الْمِيرَاثِ. وَهَذَا لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ وَصِيَّةً لَاعْتُبِرَ مِنْ الثُّلُثِ، كَمَا لَوْ اشْتَرَاهُ.
وَجَعَلَ أَهْلُ الْعِرَاقِ عِتْقَ الْمَوْهُوبِ وَصِيَّةً، يُعْتَبَرُ خُرُوجُهُ مِنْ الثُّلُثِ، فَإِنْ خَرَجَ مِنْ الثُّلُثِ عَتَقَ وَوَرِثَ، وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ الثُّلُثِ سَعَى فِي قِيمَةِ بَاقِيهِ، وَلَمْ يَرِثْ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ: يُحْتَسَبُ بِقِيمَتِهِ مِنْ مِيرَاثِهِ، فَإِنْ فَضَلَ مِنْ قِيمَتِهِ شَيْءٌ سَعَى فِيهِ. وَلَنَا، أَنَّ الْوَصِيَّةَ هِيَ التَّبَرُّعُ بِمَالِهِ بِعَطِيَّةٍ أَوْ إتْلَافٍ، أَوْ التَّسَبُّبُ إلَى ذَلِكَ، وَلَمْ يُوجَدْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ لَيْسَ مِنْ فِعْلِهِ، وَلَا يَقِفُ عَلَى اخْتِيَارِهِ، وَقَبُولُ الْهِبَةِ لَيْسَ بِعَطِيَّةٍ
وَلَا إتْلَافٍ لِمَالِهِ، وَإِنَّمَا هُوَ تَحْصِيلُ شَيْءٍ يَتْلَفُ بِتَحْصِيلِهِ فَأَشْبَهَ قَبُولَهُ لِشَيْءٍ لَا يُمْكِنُهُ حِفْظُهُ، أَوْ لِمَا يَتْلَفُ بِبَقَائِهِ. فِي وَقْتٍ لَا يُمْكِنُهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ، وَفَارَقَ الشِّرَاءَ؛ فَإِنَّهُ تَضْيِيعٌ لِمَالِهِ فِي ثَمَنِهِ. وَقَالَ الْقَاضِي: هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ قِيَاسُ قَوْلِ أَحْمَدَ؛ لِأَنَّهُ قَالَ فِي مَوَاضِعَ: إذَا وَقَفَ فِي مَرَضِهِ عَلَى وَرَثَتِهِ صَحَّ، وَلَمْ يَكُنْ وَصِيَّةً؛ لِأَنَّ الْوَقْفَ لَيْسَ بِمَالٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يُبَاعُ وَلَا يُورَثُ. قَالَ الْخَبْرِيُّ: هَذَا قَوْلُ أَحْمَدَ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ وَأَهْلِ الْبَصْرَةِ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ عَنْ أَحْمَدَ خِلَافًا
فَأَمَّا إنْ اشْتَرَى مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ، فَقَالَ الْقَاضِي: إنْ حَمَّلَهُ الثُّلُثَ عَتَقَ وَوَرِثَهُ. وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ. وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ الثُّلُثِ عَتَقَ مِنْهُ بِقَدْرِ الثُّلُثِ، وَيَرِثُ بِقَدْرِ مَا فِيهِ مِنْ الْحُرِّيَّةِ، وَبَاقِيهِ عَلَى الرِّقِّ، فَإِنْ كَانَ الْوَارِثُ مِمَّنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ إذَا مَلَكَهُ، عَتَقَ عَلَيْهِ إذَا وَرِثَهُ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ، وَيُحْتَسَبُ بِقِيمَتِهِ مِنْ مِيرَاثِهِ، فَإِنْ فَضَلَ مِنْ قِيمَتِهِ شَيْءٌ سَعَى فِيهِ. وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ مَالِكٍ: يُعْتَقُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، وَيَرِثُ كَالْمَوْهُوبِ وَالْمَوْرُوثِ
وَهُوَ قِيَاسُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute