للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُنْذُ وَطِئَهَا الْمُشْتَرِي، فَلَا يَلْحَقُ نَسَبُهُ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَيَكُونُ مِلْكًا لِلْمُشْتَرِي، وَلَا يَمْلِكُ فَسْخَ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّ الْحَمْلَ تَجَدَّدَ فِي مِلْكِهِ ظَاهِرًا.

فَإِنْ ادَّعَاهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَهُوَ لِلْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ وُلِدَ فِي مِلْكِهِ مَعَ احْتِمَالِ كَوْنِهِ مِنْهُ، وَإِنْ ادَّعَاهُ الْبَائِعُ وَحْدَهُ، فَصَدَّقَهُ الْمُشْتَرِي، لَحِقَهُ، وَكَانَ الْبَيْعُ بَاطِلًا، وَإِنْ كَذَّبَهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي فِي مِلْكِ الْوَلَدِ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ انْتَقَلَ إلَيْهِ ظَاهِرًا، فَلَمْ تُقْبَلْ دَعْوَى الْبَائِعِ فِيمَا يُبْطِلُ حَقَّهُ كَمَا لَوْ أَقَرَّ بَعْدَ الْبَيْعِ أَنَّ الْجَارِيَةَ مَغْصُوبَةٌ أَوْ مُعْتَقَةٌ. وَهَلْ يَثْبُتُ نَسَبُ الْوَلَدِ مِنْ الْبَائِعِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا، يَثْبُتُ؛ لِأَنَّهُ نَفْعٌ لِلْوَلَدِ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ عَلَى الْمُشْتَرِي، فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيهِ، كَمَا لَوْ أَقَرَّ لِوَلَدِهِ بِمَالٍ. وَالثَّانِي، لَا يُقْبَلُ؛ لِأَنَّ فِيهِ ضَرَرًا عَلَى الْمُشْتَرِي، فَإِنَّهُ لَوْ أَعْتَقَهُ كَانَ أَبُوهُ أَحَقَّ بِمِيرَاثِهِ مِنْهُ؛ وَلِذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ عَبْدَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّهُ أَخُو صَاحِبِهِ، لَمْ يُقْبَلْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ.

الْحَالُ الرَّابِعُ: أَنْ تَأْتِيَ بِهِ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ وَطِئَهَا الْمُشْتَرِي قَبْلَ اسْتِبْرَائِهَا، فَنَسَبُهُ لَاحِقٌ بِالْمُشْتَرِي، فَإِنْ ادَّعَاهُ الْبَائِعُ، فَأَقَرَّ لَهُ الْمُشْتَرِي، لَحِقَهُ، وَبَطَلِ الْبَيْعُ، وَإِنْ كَذَّبَهُ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي. وَإِنْ ادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّهُ مِنْ الْآخَرِ، عُرِضَ عَلَى الْقَافَةِ، فَأُلْحِقَ بِمَنْ أَلْحَقَتْهُ بِهِ، لِحَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْن عَوْفٍ؛ وَلِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ كَوْنَهُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَإِنْ أَلْحَقَتْهُ الْقَافَةُ بِهِمَا لَحِقَ بِهِمَا، وَيَنْبَغِي أَنْ يَبْطُلَ الْبَيْعُ، وَتَكُونَ أُمَّ وَلَدٍ لِلْبَائِعِ؛ لِأَنَّنَا نَتَبَيَّنُ أَنَّهَا كَانَتْ حَامِلًا مِنْهُ قَبْلَ بَيْعِهَا.

الْحَالُ الْخَامِسُ، إذَا أَتَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ بَاعَهَا، وَلَمْ يَكُنْ أَقَرَّ بِوَطْئِهَا، فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ فِي الظَّاهِرِ، وَالْوَلَدُ مَمْلُوكٌ لِلْمُشْتَرِي، فَإِنْ ادَّعَاهُ الْبَائِعُ، فَالْحُكْمُ فِيهِ كَمَا ذَكَرْنَا فِي الْحَالِ الثَّالِثِ، سَوَاءٌ.

[مَسْأَلَةٌ تَجْتَنِبُ الزَّوْجَةِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا الطِّيبَ وَالزِّينَةَ]

(٦٣٨٨) مَسْأَلَةٌ: قَالَ وَتَجْتَنِبُ الزَّوْجَةِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا الطِّيبَ وَالزِّينَةَ، وَالْبَيْتُوتَةَ فِي غَيْرِ مَنْزِلِهَا، وَالْكُحْلَ بِالْإِثْمِدِ، وَالنِّقَابَ هَذَا يُسَمَّى الْإِحْدَادَ، وَلَا نَعْلَمُ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ خِلَافًا فِي وُجُوبِهِ عَلَى الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا، إلَّا عَنْ الْحَسَنِ، فَإِنَّهُ قَالَ: لَا يَجِبُ الْإِحْدَادُ. وَهُوَ قَوْلٌ شَذَّ بِهِ أَهْلَ الْعِلْمِ وَخَالَفَ بِهِ السُّنَّةَ، فَلَا يُعَرَّجُ عَلَيْهِ، وَيَسْتَوِي فِي وُجُوبِهِ الْحُرَّةُ وَالْأَمَةُ، وَالْمُسْلِمَةُ وَالذِّمِّيَّةُ، وَالْكَبِيرَةُ وَالصَّغِيرَةُ. وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: لَا إحْدَادَ عَلَى ذِمِّيَّةٍ وَلَا صَغِيرَةٍ؛ لِأَنَّهُمَا غَيْرُ مُكَلَّفَتَيْنِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>