وَلَنَا، مَا رَوَى الْحَارِثُ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا تُقْعِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ» . وَعَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذَا رَفَعْتَ رَأْسَك مِنْ السُّجُودِ فَلَا تُقْعِ كَمَا يُقْعِي الْكَلْبُ» . رَوَاهُمَا ابْنُ مَاجَهْ. وَفِي صِفَةِ جُلُوسِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَدِيثِ أَبِي حُمَيْدٍ: ثُمَّ ثَنَى رِجْلَهُ الْيُسْرَى، وَقَعَدَ عَلَيْهَا. وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَفْتَرِشُ رِجْلَهُ الْيُسْرَى، وَيَنْصِبُ الْيُمْنَى، وَيَنْهَى عَنْ عُقْبَةِ الشَّيْطَانِ» . وَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ أَكْثَرُ وَأَصَحُّ، فَتَكُونُ أَوْلَى. وَأَمَّا ابْنُ عُمَرَ، فَإِنَّهُ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ لِكِبَرِهِ، وَيَقُولُ: لَا تَقْتَدُوا بِي.
[مَسْأَلَة يَقُولَ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ رَبِّ اغْفِرْ لِي رَبِّ اغْفِرْ لِي]
مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَيَقُولُ: رَبِّ اغْفِرْ لِي رَبِّ اغْفِرْ لِي) الْمُسْتَحَبُّ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ أَنْ يَقُولَ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ: رَبِّ اغْفِرْ لِي، رَبِّ اغْفِرْ لِي: يُكَرِّرُ ذَلِكَ مِرَارًا، وَالْوَاجِبُ مِنْهُ مَرَّةٌ، وَأَدْنَى الْكَمَالِ ثَلَاثٌ، وَالْكَمَالُ مِنْهُ مِثْلُ الْكَمَالِ فِي تَسْبِيحِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، عَلَى مَا مَضَى مِنْ اخْتِلَافِ الرِّوَايَتَيْنِ، وَاخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ مِثْلُ مَا ذَكَرْنَا فِي تَسْبِيحِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ. وَالْأَصْلُ فِي هَذَا مَا رَوَى حُذَيْفَةُ «، أَنَّهُ صَلَّى مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَكَانَ يَقُولُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ: رَبِّ اغْفِرْ لِي، رَبِّ اغْفِرْ لِي» . احْتَجَّ بِهِ أَحْمَدُ، رَوَاهُ النَّسَائِيّ، وَابْنُ مَاجَهْ.
وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ. اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي، وَارْحَمْنِي، وَاهْدِنِي، وَعَافِنِي؛ وَارْزُقْنِي» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَابْنُ مَاجَهْ، إلَّا أَنَّهُ قَالَ: فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ. وَإِنْ قَالَ: رَبِّ اغْفِرْ لَنَا. أَوْ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَنَا، مَكَانَ: رَبِّ اغْفِرْ لِي. جَازَ
[مَسْأَلَة إذَا فَرَغَ مِنْ الْجَلْسَةِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ]
(٧٣٣) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (ثُمَّ يُكَبِّرُ، وَيَخِرُّ سَاجِدًا) وَجُمْلَتُهُ أَنَّهُ إذَا فَرَغَ مِنْ الْجَلْسَةِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ، سَجَدَ سَجْدَةً أُخْرَى عَلَى صِفَةِ الْأُولَى، سَوَاءً. وَهِيَ وَاجِبَةٌ إجْمَاعًا. وَكَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ لَمْ يُخْتَلَفْ عَنْهُ فِي ذَلِكَ.
[فَصْلٌ شُرُوعُ الْمَأْمُومِ فِي أَفْعَالِ الصَّلَاةِ مِنْ الرَّفْعِ وَالْوَضْعِ بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ]
(٧٣٤) فَصْلٌ: وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ شُرُوعُ الْمَأْمُومِ فِي أَفْعَالِ الصَّلَاةِ؛ مِنْ الرَّفْعِ وَالْوَضْعِ، بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ مِنْهُ، وَيُكْرَهُ فِعْلُهُ مَعَهُ فِي قَوْلِ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ. وَاسْتَحَبَّ مَالِكٌ أَنْ تَكُونَ أَفْعَالُهُ مَعَ أَفْعَالِ الْإِمَامِ. وَلَنَا، مَا رَوَى الْبَرَاءُ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، لَمْ نَزَلْ قِيَامًا حَتَّى نَرَاهُ قَدْ وَضَعَ جَبْهَتَهُ فِي الْأَرْضِ، ثُمَّ نَتَّبِعُهُ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَلِلْبُخَارِيِّ: «لَمْ يَحْنِ أَحَدٌ مِنَّا ظَهْرَهُ حَتَّى يَقَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَاجِدًا، ثُمَّ نَقَعُ سُجُودًا بَعْدَهُ» .
وَعَنْ أَبِي مُوسَى، قَالَ: «إنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَطَبَنَا، فَبَيَّنَ لَنَا سُنَّتَنَا، وَعَلَّمَنَا صَلَاتَنَا فَقَالَ: إذَا صَلَّيْتُمْ فَأَقِيمُوا صُفُوفَكُمْ، وَلْيَؤُمَّكُمْ أَحَدُكُمْ، فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا - إلَى قَوْلِهِ - فَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا، فَإِنَّ الْإِمَامَ يَرْكَعُ قَبْلَكُمْ وَيَرْفَعُ قَبْلَكُمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: فَتِلْكَ بِتِلْكَ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَفِي لَفْظٍ: «فَمَهْمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute