بِقِسْطِهِ، كَمَا لَوْ رَجَعَ الْجَمِيعُ، وَلِأَنَّ مَا تَضَمَّنَهُ كُلُّ وَاحِدٍ مَعَ اتِّفَاقِهِمْ عَلَى الرُّجُوعِ، يَضْمَنُهُ إذَا انْفَرَدَ بِالرُّجُوعِ، كَمَا لَوْ كَانُوا أَرْبَعَةً.
وَقَوْلُهُمْ: إنَّ دَمَهُ غَيْرُ مَحْقُونٍ. غَيْرُ صَحِيحٍ؛ فَإِنَّ الْكَلَامَ فِيمَا إذَا قُتِلَ، وَلَمْ يَبْقَ لَهُ دَمٌ يُوصَفُ بِحَقْنٍ وَلَا عَدَمِهِ، وَقِيَامُ الشَّهَادَةِ لَا يَمْنَعُ وُجُوبَ الْقِصَاصِ، كَمَا لَوْ شَهِدَتْ لِرَجَلٍ بِاسْتِحْقَاقِ الْقِصَاصِ، فَاسْتَوْفَاهُ، ثُمَّ أَقَرَّ بِأَنَّهُ قَتَلَهُ ظُلْمًا، وَأَنَّ الشُّهُودَ شُهِدُوا بِالزُّورِ، وَالتَّفْرِيقُ بَيْنَ الْقِصَاصِ وَالرَّجْمِ بِكَوْنِ دَمِ الْقَاتِلِ غَيْرَ مَحْقُونٍ، لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَحْقُونٍ بِالنِّسْبَةِ إلَى مَنْ قَتَلَهُ، وَلِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مُؤَاخَذٌ بِإِقْرَارِهِ. وَلَا يُعْتَبَرُ قَوْلُ شَرِيكِهِ، وَلِهَذَا لَوْ أَقَرَّ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ بِعَمْدِهِمَا، وَقَالَ الْآخَرُ: أَخْطَأْنَا. وَجَبَ الْقِصَاصُ عَلَى الْمُقِرِّ بِالْعَمْدِ.
[فَصْل حَكَمَ الْحَاكِمُ فِي الْمَالِ بِشَهَادَةِ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ ثُمَّ رَجَعُوا عَنْ الشَّهَادَةِ]
(٨٤٦٢) فَصْلٌ: وَإِذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ فِي الْمَالِ بِشَهَادَةِ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ، ثُمَّ رَجَعُوا عَنْ الشَّهَادَةِ، تَوَزَّعَ الضَّمَانُ عَلَيْهِمْ عَلَى الرَّجُلِ نِصْفُهُ، وَعَلَى كُلِّ امْرَأَةٍ رُبْعُهُ. إنْ رَجَعَ أَحَدُهُمْ وَحْدَهُ، فَعَلَيْهِ مِنْ الضَّمَانِ حِصَّتُهُ. وَإِنْ كَانَ الشُّهُودُ رَجُلًا وَعَشْرَ نِسْوَةٍ، فَرَجَعُوا، فَعَلَى الرَّجُلِ السُّدُسُ، وَعَلَى كُلِّ امْرَأَةٍ نِصْفُ السُّدُسِ. وَبِهَذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ؛ لِأَنَّ كُلَّ امْرَأَتَيْنِ كَرَجُلٍ، فَالْعَشْرُ كَخَمْسَةِ رِجَالٍ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَجِبَ عَلَيْهِنَّ النِّصْفُ، وَعَلَى الرَّجُلِ النِّصْفُ. وَبِهَذَا قَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ؛ لِأَنَّ الرَّجُلَ نِصْفُ الْبَيِّنَةِ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ رَجَعَ وَحْدَهُ بَعْدَ الْحُكْمِ، كَانَ كَرُجُوعِهِنَّ كُلِّهِنَّ، فَيَكُونُ الرَّجُلُ حِزْبًا وَالنِّسَاءُ حِزْبًا. فَإِنْ رَجَعَ بَعْضُ النِّسْوَةِ وَحْدَهُ، أَوْ الرَّجُلُ، فَعَلَى الرَّاجِعِ مِثْلُ مَا عَلَيْهِ إذَا رَجَعَ الْجَمِيعُ. وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ، مَتَى رَجَعَ مِنْ النِّسْوَةِ مَا زَادَ عَلَى اثْنَيْنِ، فَلَيْسَ عَلَى الرَّاجِعَاتِ شَيْءٌ، وَقَدْ مَضَى الْكَلَامُ مَعَهُمْ فِي هَذَا.
[فَصْل شَهِدَ أَرْبَعَةٌ بِأَرْبَعِمِائَةٍ فَحُكْمَ الْحَاكِمُ بِهَا ثُمَّ رَجَعَ وَاحِدٌ]
(٨٤٦٣) فَصْلٌ: وَإِذَا شَهِدَ أَرْبَعَةٌ بِأَرْبَعِمِائَةٍ، فَحَكَمَ الْحَاكِمُ بِهَا، ثُمَّ رَجَعَ وَاحِدٌ عَنْ مِائَةٍ، وَآخَرُ عَنْ مِائَتَيْنِ، وَالثَّالِثُ عَنْ ثَلَاثِمِائَةٍ، وَالرَّابِعُ عَنْ أَرْبَعِمِائَةٍ، فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِمَّا رَجَعَ عَنْهُ بِقِسْطِهِ؛ فَعَلَى الْأَوَّلِ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ، وَعَلَى الثَّانِي خَمْسُونَ، وَعَلَى الثَّالِثِ: خَمْسَةٌ وَسَبْعُونَ، وَعَلَى الرَّابِعِ: مِائَةٌ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مُقِرٌّ بِأَنَّهُ فَوَّتَ عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ رُبْعَ مَا رَجَعَ عَنْهُ. وَيَقْتَضِي مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ، أَنْ لَا يَلْزَمَ الرَّاجِعَ عَنْ الثَّلَاثِمِائَةِ وَالْأَرْبَعمِائَةِ أَكْثَرُ مِنْ خَمْسِينَ خَمْسِينَ؛ لِأَنَّ الْمِائَتَيْنِ لَا تَلْزَمُ الرَّاجِعَ عَنْ الثَّلَاثِمِائَةِ لِأَنَّ الْمِائَتَيْنِ الَّتِي رَجَعَا عَنْهُمَا قَدْ بَقِيَ بِهَا شَاهِدَانِ.
[فَصْل شَهِدَ أَرْبَعَةٌ بِالزِّنَى وَاثْنَانِ بِالْإِحْصَانِ فَرُجِمَ ثُمَّ رَجَعُوا عَنْ الشَّهَادَةِ]
(٨٤٦٤) فَصْلٌ: وَإِذَا شَهِدَ أَرْبَعَةٌ بِالزِّنَى، وَاثْنَانِ بِالْإِحْصَانِ، فَرُجِمَ، ثُمَّ رَجَعُوا عَنْ الشَّهَادَةِ، فَالضَّمَانُ عَلَى جَمِيعِهِمْ. وَقَالَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute