عَلَيْهِ، أَوْ وَلَدَتْ الْأَمَةُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي، ثُمَّ مَاتَ وَلَدُهَا، احْتَمَلَ أَنْ يَضْمَنَ تِلْكَ الزِّيَادَةَ؛ لِأَنَّهَا زِيَادَةٌ فِي عَيْنٍ مَضْمُونَةٍ، أَشْبَهَتْ الزِّيَادَةَ فِي الْمَغْصُوبِ، وَاحْتَمَلَ أَنْ لَا يَضْمَنَهَا؛ لِأَنَّهُ دَخَلَ عَلَى أَنْ لَا يَكُونَ فِي مُقَابَلَةِ الزِّيَادَةِ عِوَضٌ، فَعَلَى هَذَا تَكُونُ الزِّيَادَةُ أَمَانَةً فِي يَدِهِ، فَإِنْ تَلِفَتْ بِتَفْرِيطِهِ، أَوْ عُدْوَانِهِ، ضَمِنَهَا، وَإِلَّا فَلَا، وَإِنْ تَلْفِتْ الْعَيْنُ بَعْدَ زِيَادَتِهَا أَسْقَطَ تِلْكَ الزِّيَادَةَ مِنْ الْقِيمَةِ، وَضَمِنَهَا بِمَا بَقِيَ مِنْ الْقِيمَةِ، حِينَ التَّلَفِ. قَالَ الْقَاضِي: وَهَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ.
[فَصْلٌ بَاعَ بَيْعًا فَاسِدًا وَتُقَابِضَا ثُمَّ أَتْلَفَ الْبَائِعُ الثَّمَنَ ثُمَّ أَفْلَسَ]
(٣١٢٦) فَصْلٌ: إذَا بَاعَ بَيْعًا فَاسِدًا وَتَقَابَضَا ثُمَّ أَتْلَفَ الْبَائِعُ الثَّمَنَ ثُمَّ أَفْلَسَ فَلَهُ الرُّجُوعُ فِي الْمَبِيعِ وَلِلْمُشْتَرِي أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ الْمُشْتَرِي أَحَقُّ بِالْمَبِيعِ مِنْ سَائِرِ الْغُرَمَاءِ لِأَنَّهُ فِي يَدِهِ فَكَانَ أَحَقَّ بِهِ كَالْمُرْتَهِنِ. وَلَنَا أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْهُ وَثِيقَةً فَلَمْ يَكُنْ أَحَقَّ بِهِ كَمَا لَوْ كَانَ وَدِيعَةً عِنْدَهُ بِخِلَافِ الْمُرْتَهِنِ فَإِنَّهُ قَبَضَهُ عَلَى أَنَّهُ وَثِيقَةٌ بِحَقِّهِ.
[فَصْلٌ قَالَ بِعْ عَبْدك مِنْ فُلَان عَلَى أَنَّ عَلَيَّ خَمْسَمِائَةٍ فَبَاعَهُ بِهَذَا الشَّرْطِ]
(٣١٢٧) فَصْلٌ: إذَا قَالَ: بِعْ عَبْدَك مِنْ فُلَانٍ عَلَى أَنَّ عَلَيَّ خَمْسَمِائَةٍ فَبَاعَهُ بِهَذَا الشَّرْطِ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ لِأَنَّ الثَّمَنَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ جَمِيعَهُ عَلَى الْمُشْتَرِي فَإِذَا شَرَطَ كَوْنَ بَعْضِهِ عَلَى غَيْرِهِ، لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الْمَنْعَ، وَالثَّمَنُ عَلَى غَيْرِهِ، وَلَا يُشْبِهُ هَذَا مَا لَوْ قَالَ: أَعْتِقْ عَبْدَكَ، أَوْ طَلِّقْ امْرَأَتَكَ وَعَلَيَّ خَمْسُمِائَةٍ لِكَوْنِ هَذَا عِوَضًا فِي مُقَابَلَةِ فَكِّ الزَّوْجِيَّةِ وَرَقَبَةِ الْعَبْدِ، وَلِذَلِكَ لَمْ يَجُزْ فِي النِّكَاحِ أَمَّا فِي مَسْأَلَتِنَا فَإِنَّهُ مُعَاوَضَةٌ فِي مُقَابَلَةِ نَقْلِ الْمِلْكِ، فَلَا يَثْبُتُ لِمَنْ الْعِوَضُ عَلَى غَيْرِهِ، وَإِنْ كَانَ هَذَا الْقَوْلُ عَلَى وَجْهِ الضَّمَانِ صَحَّ الْبَيْعُ وَلَزِمَ الضَّمَانُ.
[فَصْلٌ فِي بَيْع الْعُرْبُونِ]
(٣١٢٨) فَصْلٌ وَالْعُرْبُونُ فِي الْبَيْعِ هُوَ أَنْ يَشْتَرِيَ السِّلْعَةَ فَيَدْفَعَ إلَى الْبَائِعِ دِرْهَمًا أَوْ غَيْرَهُ عَلَى أَنَّهُ إنْ أَخَذَ السِّلْعَةَ احْتَسَبَ بِهِ مِنْ الثَّمَنِ، وَإِنْ لَمْ يَأْخُذْهَا فَذَلِكَ لِلْبَائِعِ يُقَالُ عُرْبُونٌ وَأُرْبُونٌ وَعُرْبَانٌ وَأُرْبَانٌ، قَالَ أَحْمَدْ لَا بَأْسَ بِهِ وَفَعَلَهُ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ أَجَازَهُ، وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ لَا بَأْسَ بِهِ، وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَابْنُ سِيرِينَ لَا بَأْسَ إذَا كَرِهَ السِّلْعَةَ أَنْ يَرُدَّهَا يَرُدُّ مَعَهَا شَيْئًا وَقَالَ أَحْمَدُ هَذَا فِي مَعْنَاهُ، وَاخْتَارَ أَبُو الْخَطَّابِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ يُرْوَى ذَلِكَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَالْحَسَنِ لِأَنَّ «النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ بَيْعِ الْعُرْبُونِ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، وَلِأَنَّهُ شَرَطَ لِلْبَائِعِ شَيْئًا بِغَيْرِ عِوَضٍ فَلَمْ يَصِحَّ كَمَا لَوْ شَرَطَهُ لِأَجْنَبِيٍّ وَلِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْخِيَارِ الْمَجْهُولِ فَإِنَّهُ اشْتَرَطَ أَنَّ لَهُ رَدَّ الْبَيْعِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ مُدَّةٍ فَلَمْ يَصِحَّ كَمَا لَوْ قَالَ وَلِي الْخِيَارُ مَتَى شِئْتُ رَدَدْت السِّلْعَةَ وَمَعَهَا دِرْهَمًا، وَهَذَا هُوَ الْقِيَاسُ وَإِنَّمَا صَارَ أَحْمَدُ فِيهِ إلَى مَا رُوِيَ فِيهِ عَنْ نَافِعِ بْنِ عَبْدِ الْحَارِثِ أَنَّهُ اشْتَرَى لِعُمَرَ دَارَ السِّجْنِ مِنْ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ فَإِنْ رَضِيَ عُمَرُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute