للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَتَى عَادَ السَّمْعُ، فَإِنْ كَانَ قَبْلَ أَخْذِ الدِّيَةِ، سَقَطَتْ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ، رُدَّتْ. عَلَى مَا قُلْنَا فِي الْبَصَرِ.

[مَسْأَلَةٌ دِيَة قَرْع الرَّأْس إذَا لَمْ يَنْبُت الشَّعْر]

(٦٩١٢) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَفِي قَرْعِ الرَّأْسِ إذَا لَمْ يَنْبُتْ الشَّعْرُ الدِّيَةُ. وَفِي شَعْرِ اللِّحْيَةِ الدِّيَةُ، إذَا لَمْ يَنْبُتْ. وَفِي الْحَاجِبَيْنِ الدِّيَةُ إذَا لَمْ تَنْبُتْ) هَذِهِ الشُّعُورُ الثَّلَاثَةُ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا دِيَةٌ. وَذَكَرَ أَصْحَابُنَا مَعَهَا شَعْرًا رَابِعًا، وَهُوَ أَهْدَابُ الْعَيْنَيْنِ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ قَبْلَ هَذَا. فَفِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا دِيَةٌ. وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيِّ وَمِمَّنْ أَوْجَبَ فِي الْحَاجِبَيْنِ الدِّيَةَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَشُرَيْحٌ وَالْحَسَنُ وَقَتَادَةُ وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، أَنَّهُمَا قَالَا فِي الشَّعْرِ: فِيهِ الدِّيَةُ. وَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ: فِيهِ حُكُومَةٌ. وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ؛ لِأَنَّهُ إتْلَافُ جَمَالٍ مِنْ غَيْرِ مَنْفَعَةٍ؛ فَلَمْ تَجِبْ فِيهِ الدِّيَةُ، كَالْيَدِ الشَّلَّاءِ وَالْعَيْنِ الْقَائِمَةِ.

وَلَنَا، أَنَّهُ أَذْهَبَ الْجَمَالَ عَلَى الْكَمَالِ، فَوَجَبَ فِيهِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ كَأُذُنِ الْأَصَمِّ، وَأَنْفِ الْأَخْشَمِ، وَمَا ذَكَرُوهُ مَمْنُوعٌ؛ فَإِنَّ الْحَاجِبَ يَرُدُّ الْعَرَقَ عَنْ الْعَيْنِ وَيُفَرِّقُهُ، وَهُدْبُ الْعَيْنِ يَرُدُّ عَنْهَا وَيَصُونُهَا، فَجَرَى مَجْرَى أَجْفَانِهَا. وَيَنْتَقِضُ مَا ذَكَرُوهُ بِالْأَصْلِ الَّذِي قِسْنَا عَلَيْهِ، وَيُفَارِقُ الْيَدَ الشَّلَّاءَ، فَإِنَّهُ لَيْسَ جَمَالُهَا كَامِلًا (٦٩١٣) فَصْلٌ: وَفِي أَحَدِ الْحَاجِبَيْنِ نِصْفُ الدِّيَةِ؛ لِأَنَّ كُلَّ شَيْئَيْنِ فِيهِمَا الدِّيَةُ، فَفِي أَحَدِهِمَا نِصْفُهَا، كَالْيَدَيْنِ. وَفِي بَعْضِ ذَلِكَ، أَوْ ذَهَابِ شَيْءٍ مِنْ الشُّعُورِ الْمَذْكُورَةِ، مِنْ الدِّيَةَ بِقِسْطِهِ مِنْ دِيَتِهِ، يُقَدَّرُ بِالْمِسَاحَةِ، كَالْأُذُنَيْنِ، وَمَارِنِ الْأَنْفِ.

وَلَا فَرْقَ فِي هَذِهِ الشُّعُورِ بَيْن كَوْنِهَا كَثِيفَةً أَوْ خَفِيفَةً، أَوْ جَمِيلَةً أَوْ قَبِيحَةً، أَوْ كَوْنِهَا مِنْ صَغِيرٍ أَوْ كَبِيرٍ؛ لِأَنَّ سَائِرَ مَا فِيهِ الدِّيَةُ مِنْ الْأَعْضَاءِ، لَا يَفْتَرِقُ الْحَالُ فِيهِ بِذَلِكَ. وَإِنْ أَبْقَى مِنْ لِحْيَتِهِ مَا لَا جَمَالَ فِيهِ، أَوْ مِنْ غَيْرِهَا مِنْ الشَّعْرِ، فَفِيهِ وَجْهَانِ؛ أَحَدُهُمَا، يُؤْخَذُ بِالْقِسْطِ؛ لِأَنَّهُ مَحَلٌّ يَجِبُ فِي بَعْضِهِ بِحِصَّتِهِ، فَأَشْبَهَ الْأُذُنَ وَمَارِنَ الْأَنْفِ. وَالثَّانِي: تَجِبُ الدِّيَةُ كَامِلَةً؛ لِأَنَّهُ أَذْهَبَ الْمَقْصُودَ كُلَّهُ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ أَذْهَبَ ضَوْءَ الْعَيْنَيْنِ؛ وَلِأَنَّ جِنَايَتَهُ رُبَّمَا أَحْوَجَتْ إلَى إذْهَابِ الْبَاقِي، لِزِيَادَتِهِ فِي الْقُبْحِ عَلَى ذَهَابِ الْكُلِّ، فَتَكُونُ جِنَايَتُهُ سَبَبًا لِذَهَابِ الْكُلِّ، فَأَوْجَبَتْ دِيَتَهُ، كَمَا لَوْ ذَهَبَ بِسِرَايَةِ الْفِعْلِ، أَوْ كَمَا لَوْ احْتَاجَ فِي دَوَاءِ شَجَّةِ الرَّأْسِ إلَى مَا ذَهَبَ بِضَوْءِ عَيْنِهِ.

[فَصْل دِيَة الشَّعْر الَّذِي لَا يُرْجَى عَوْدُهُ]

(٦٩١٤) فَصْلٌ: وَلَا تَجِبُ الدِّيَةُ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الشُّعُورِ إلَّا بِذَهَابِهِ عَلَى وَجْهٍ لَا يُرْجَى عَوْدُهُ، مِثْلُ أَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>