لِأَنَّ الْقُرْعَةَ دَخَلَتْ لِأَجْلِ الْعِتْقِ دُونَ الدَّيْنِ، فَيُقَالُ لِلْوَرَثَةِ اقْضُوا ثُلُثَيْ الدَّيْنِ. وَهُوَ بِقَدْرِ قِيمَةِ نِصْفِ الْعَبْدَيْنِ اللَّذَيْنِ بَقِيَا إمَّا مِنْ الْعَبِيدِ، وَإِمَّا مِنْ غَيْرِهِمْ، وَيَجِبُ رَدُّ نِصْفِ الْعَبْدِ الَّذِي عَتَقَ، فَإِذَا كَانَ الَّذِي أَعْتَقَ عَبْدَيْنِ، أَقْرَعْنَا بَيْنَهُمَا، فَإِذَا خَرَجَتْ الْقُرْعَةُ عَلَى أَحَدِهِمَا، فَكَانَ بِقَدْرِ سُدُسِ التَّرِكَةِ، عَتَقَ، وَبِيعَ الْآخَرُ فِي الدَّيْنِ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ، عَتَقَ مِنْهُ بِقَدْرِ السُّدُسِ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ عَتَقَ، وَعَتَقَ مِنْ الْآخَرِ تَمَامُ السُّدُسِ.
[مَسْأَلَة أَعْتَقَ ثَلَاثَةً فِي مَرَضِهِ لَمْ يُعْرَفْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُمْ أَوْ دُبْرهمْ أَوْ وَصَّى بِعِتْقِهِمْ]
. (٨٦٣١) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَلَوْ أَعْتَقَهُمْ، وَهُمْ ثَلَاثَةٌ، فَأَعْتَقْنَا مِنْهُمْ وَاحِدًا لِعَجْزِ ثُلُثِهِ عَنْ أَكْثَرَ مِنْهُ، ثُمَّ ظَهَرَ لَهُ مَالٌ يُخْرِجُونَ مِنْ ثُلُثِهِ، عَتَقَ مَنْ أَرْقِ مِنْهُمْ) وَجُمْلَتُهُ أَنَّهُ إذَا أَعْتَقَ ثَلَاثَةً فِي مَرَضِهِ، لَمْ يُعْرَفْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُمْ، أَوْ دَبَّرَهُمْ، أَوْ وَصَّى بِعِتْقِهِمْ لَمْ يَعْتِقْ مِنْهُمْ إلَّا ثُلُثُهُمْ، وَيَرِقُّ الثُّلُثَانِ، إذَا لَمْ يُجِزْ الْوَرَثَةُ عِتْقَهُمْ، فَإِذَا فَعَلْنَا ذَلِكَ، ثُمَّ ظَهَرَ لَهُ مَالٌ بِقَدْرِ مِثْلَيْهِمْ تَبَيَّنَّا أَنَّهُمْ قَدْ عَتَقُوا مِنْ حِينِ أَعْتَقَهُمْ، أَوْ مِنْ حِينِ مَوْتِهِ إنْ كَانَ دَبَّرَهُمْ؛ لِأَنَّهُ التَّدْبِيرَ وَتَصَرُّفَ الْمَرِيضِ فِي ثُلُثِ مَالِهِ جَائِزٌ نَافِذٌ، وَقَدْ بَانَ أَنَّهُمْ ثُلُثُ مَالِهِ، وَخَفَاءُ ذَلِكَ عَلَيْنَا لَا يَمْنَعُ كَوْنَهُ مَوْجُودًا، فَلَا يَمْنَعُ كَوْنَ الْعِتْقِ وَاقِعًا. فَعَلَى هَذَا، يَكُونُ حُكْمُهُمْ حُكْمَ الْأَحْرَارِ مِنْ حِينَ أَعْتَقَهُمْ، فَيَكُونُ كَسْبُهُمْ. لَهُمْ، وَإِنْ كَانُوا قَدْ تَصَرَّفَ فِيهِمْ بِبَيْعٍ، أَوْ هِبَةٍ، أَوْ رَهْنٍ، أَوْ تَزْوِيجٍ بِغَيْرِ إذْنٍ، كَانَ ذَلِكَ بَاطِلًا.
وَإِنْ كَانُوا قَدْ تَصَرَّفُوا، فَحُكْمُ تَصَرُّفِهِمْ حُكْمُ تَصَرُّفِ الْأَحْرَارِ، فَلَوْ تَزَوَّجَ عَبْدٌ مِنْهُمْ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ، كَانَ نِكَاحُهُ صَحِيحًا، وَالْمَهْرُ عَلَيْهِ وَاجِبٌ، وَإِنْ ظَهَرَ لَهُ مَالٌ بِقَدْرِ قِيمَتِهِمْ، عَتَقَ ثُلُثَاهُمْ؛ لِأَنَّهَا ثُلُثُ جَمِيعِ الْمَالِ، فَيُقْرَعُ بَيْنَ الِاثْنَيْنِ اللَّذَيْنِ أَوْقَفْنَاهُمَا، فَيَعْتِقُ أَحَدُهُمَا، وَيَرِقُّ الْآخَرُ، إنْ كَانَا مُتَسَاوِيَيْنِ فِي الْقِيمَةِ. وَإِنْ ظَهَرَ لَهُ مَالٌ بِقَدْرِ نِصْفِهِمْ، عَتَقَ نِصْفُهُمْ، وَإِنْ كَانَ بِقَدْرِ ثُلُثِهِمْ، عَتَقَ أَرْبَعَةُ أَتْسَاعِهِمْ، وَكَلَّمَا ظَهَرَ لَهُ مَالٌ، عَتَقَ مِنْ الْعَبْدَيْنِ اللَّذَيْنِ رَقَّا بِقَدْرِ ثُلُثِهِ.
[فَصْل وَصَّى بِعِتْقِ عَبْدٍ لَهُ يَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِهِ]
. (٨٦٣٢) فَصْلٌ: وَإِذَا وَصَّى بِعِتْقِ عَبْدٍ لَهُ يَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِهِ، وَجَبَ عَلَى الْوَصِيِّ إعْتَاقُهُ، فَإِنْ أَوْصَى بِذَلِكَ وَرَثَتَهُ، لَزِمَهُمْ إعْتَاقُهُ، فَإِنْ امْتَنَعُوا، أَجْبَرَهُمْ السُّلْطَانُ، فَإِنْ أَصَرُّوا عَلَى الِامْتِنَاعِ، أَعْتَقَهُ السُّلْطَانُ، أَوْ مَنْ يَنُوبُ مَنَابَهُ، كَالْحَاكِمِ؛ لِأَنَّ هَذَا حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى وَلِلْعَبْدِ، وَمَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ ذَلِكَ، نَابَ السُّلْطَانُ عَنْهُ أَوْ نَائِبُهُ، كَالزَّكَاةِ وَالدُّيُونِ. فَإِذَا أَعْتَقَهُ الْوَارِثُ أَوْ السُّلْطَانِ عَتَقَ، وَمَا اكْتَسَبَهُ فِي حَيَاةِ الْمُوصِي، فَهُوَ لِلْمُوصِي، يَكُونُ مِنْ جُمْلَةِ تَرِكَتِهِ إنْ بَقِيَ بَعْدَهُ؛ لِأَنَّهُ كَسْبُ عَبْدِهِ الْقِنِّ وَمَا كَسَبَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ وَقَبْلَ إعْتَاقِهِ، فَهُوَ لِلْوَارِثِ. وَقَالَ الْقَاضِي: هُوَ لِلْعَبْدِ؛ لِأَنَّهُ كَسَبَهُ بَعْدَ اسْتِقْرَارِ سَبَبِ الْعِتْقِ فِيهِ، فَكَانَ لَهُ كَكَسْبِ الْمُكَاتَبِ.
وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ: فِيهِ قَوْلَانِ، مَبْنِيَّانِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي كَسْبِ الْعَبْدِ الْمُوصَى بِهِ قَبْلَ قَبُولِ الْوَصِيَّةِ. وَلَنَا أَنَّهُ عَبْدٌ قِنٌّ، فَكَانَ كَسْبُهُ لِلْوَرَثَةِ، كَغَيْرِ الْمُوصَى بِعِتْقِهِ، وَكَالْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ. وَفَارَقَ الْمُكَاتَبَ؛
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute