للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْلٌ بَانَتْ امْرَأَةُ الصَّغِيرِ أَوْ السَّفِيهِ أَوْ الْمَجْنُونِ عَلَى وَجْهٍ يُسْقِطُ صَدَاقَهَا عَنْهُمْ]

(٥٦٢٤) فَصْلٌ: وَلَوْ بَانَتْ امْرَأَةُ الصَّغِيرِ أَوْ السَّفِيهِ أَوْ الْمَجْنُونِ، عَلَى وَجْهٍ يُسْقِطُ صَدَاقَهَا عَنْهُمْ، مِثْلُ أَنْ تَفْعَلَ امْرَأَتُهُ مَا يَنْفَسِخُ بِهِ نِكَاحُهَا؛ مِنْ رَضَاعِ مَنْ يَنْفَسِخُ نِكَاحُهَا بِرَضَاعِهِ، أَوْ رِدَّةٍ، أَوْ بِصِفَةٍ لَطَلَاقٍ مِنْ السَّفِيهِ، أَوْ رَضَاعٍ مِنْ أَجْنَبِيَّةٍ لِمَنْ يَنْفَسِخُ نِكَاحُهَا بِرَضَاعِهِ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ، لَمْ يَكُنْ لَوَلِيِّهِمْ الْعَفْوُ عَنْ شَيْءٍ مِنْ الصَّدَاقِ، رِوَايَةً وَاحِدَةً. وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ قَوْلًا وَاحِدًا. وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الصَّغِيرَةِ أَنَّ وَلِيَّهَا أَكْسَبَهَا الْمَهْرَ بِتَزْوِيجِهَا، وَهَاهُنَا لَمْ يُكْسِبْهُ شَيْئًا، إنَّمَا رَجَعَ الْمَهْرُ إلَيْهِ بِالْفُرْقَةِ.

[فَصْلٌ عَفَتْ الْمَرْأَةُ عَنْ صَدَاقِهَا الَّذِي لَهَا عَلَى زَوْجِهَا أَوْ عَنْ بَعْضِهِ أَوْ وَهَبَتْهُ لَهُ بَعْدَ قَبْضِهِ]

(٥٦٢٥) فَصْلٌ: وَإِذَا عَفَتْ الْمَرْأَةُ عَنْ صَدَاقِهَا الَّذِي لَهَا عَلَى زَوْجِهَا أَوْ عَنْ بَعْضِهِ أَوْ وَهَبَتْهُ لَهُ بَعْدَ قَبْضِهِ، وَهِيَ جَائِزَةُ الْأَمْرِ فِي مَالِهَا جَازَ ذَلِكَ وَصَحَّ. وَلَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {إِلا أَنْ يَعْفُونَ} [البقرة: ٢٣٧] يَعْنِي الزَّوْجَاتِ. وَقَالَ تَعَالَى: {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا} [النساء: ٤] قَالَ أَحْمَدُ، فِي رِوَايَةِ الْمَرُّوذِيِّ: لَيْسَ شَيْءٌ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا} [النساء: ٤] سَمَّاهُ غَيْرَ الْمَهْرِ تَهَبُهُ الْمَرْأَةُ لِلزَّوْجِ. وَقَالَ عَلْقَمَةُ لِامْرَأَتِهِ: هَبِي لِي مِنْ الْهَنِيءِ الْمَرِيءِ. يَعْنِي مِنْ صَدَاقِهَا. وَهَلْ لَهَا الرُّجُوعُ فِيمَا وَهَبَتْ زَوْجَهَا؟ فِيهِ عَنْ أَحْمَدَ رِوَايَاتٌ، وَاخْتِلَافٌ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ ذَكَرْنَاهُ فِيمَا مَضَى.

[فَصْلٌ طَلُقَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ وَتَنَصَّفَ الْمَهْرُ بَيْنَهُمَا]

(٥٦٢٦) فَصْلٌ: إذَا طَلُقَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَتَنَصَّفَ الْمَهْرُ بَيْنَهُمَا، لَمْ يَخْلُ مِنْ أَنْ يَكُونَ دَيْنًا أَوْ عَيْنًا، فَإِنْ كَانَ دَيْنًا لَمْ يَخْلُ إمَّا أَنْ يَكُونَ دَيْنًا فِي ذِمَّةِ الزَّوْجِ لَمْ يُسَلِّمْهُ إلَيْهَا، أَوْ فِي ذِمَّتِهَا، بِأَنْ تَكُونَ قَدْ قَبَضَتْهُ، وَتَصَرَّفَتْ فِيهِ أَوْ تَلِفَ فِي يَدِهَا، وَأَيُّهُمَا كَانَ فَإِنَّ لِلَّذِي لَهُ الدَّيْنُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْ حَقِّهِ مِنْهُ، بِأَنْ يَقُولَ: عَفَوْت عَنْ حَقِّي مِنْ الصَّدَاقِ، أَوْ أَسْقَطْته، أَوْ أَبْرَأْتُك مِنْهُ أَوْ مَلَّكْتُك إيَّاهُ، أَوْ وَهَبْتُك، أَوْ أَحْلَلْتُك مِنْهُ، أَوْ أَنْتَ مِنْهُ فِي حِلٍّ، أَوْ تَرَكْته لَك. وَأَيُّ ذَلِكَ قَالَ: سَقَطَ بِهِ الْمَهْرُ، وَبَرِئَ مِنْهُ الْآخَرُ، وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْهُ، لِأَنَّهُ إسْقَاطُ حَقٍّ فَلَمْ يَفْتَقِرْ إلَى قَبُولٍ، كَإِسْقَاطِ الْقِصَاصِ وَالشُّفْعَةِ وَالْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ، وَلِذَلِكَ صَحَّ إبْرَاءُ الْمَيِّتِ مَعَ عَدَمِ الْقَبُولِ مِنْهُ، وَلَوْ رَدَّ ذَلِكَ لَمْ يَرْتَدَّ، وَبَرِئَ مِنْهُ، لِمَا ذَكَرْنَاهُ.

وَإِنْ أَحَبَّ الْعَفْوَ مِنْ الصَّدَاقِ فِي ذِمَّتِهِ، لَمْ يَصِحَّ الْعَفْوُ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ فِي ذِمَّةِ الزَّوْجِ فَقَدْ سَقَطَ عَنْهُ بِالطَّلَاقِ وَإِنْ كَانَ فِي ذِمَّةِ الزَّوْجَةِ، فَلَا يَثْبُتُ فِي ذِمَّتِهَا إلَّا النِّصْفُ الَّذِي يَسْتَحِقُّهُ الزَّوْجُ، وَأَمَّا النِّصْفُ الَّذِي لَهَا، فَهُوَ حَقُّهَا تَصَرَّفَتْ فِيهِ، فَلَمْ يَثْبُتْ فِي ذِمَّتِهَا مِنْهُ شَيْءٌ، وَلِأَنَّ الْجَمِيعَ كَانَ مِلْكًا لَهَا تَصَرَّفَتْ فِيهِ، وَإِنَّمَا يَتَجَدَّدُ مِلْكُ الزَّوْجِ لِلنِّصْفِ بِطَلَاقِهِ، فَلَا يَثْبُتُ فِي ذِمَّتِهَا غَيْرُ ذَلِكَ. وَأَيُّهُمَا أَرَادَ تَكْمِيلَ الصَّدَاقِ لِصَاحِبِهِ، فَإِنَّهُ يُجَدِّدُ لَهُ هِبَةً مُبْتَدَأَةً.

وَأَمَّا إنْ كَانَ الصَّدَاقُ عَيْنًا فِي يَدِ أَحَدِهِمَا، فَعَفَا الَّذِي هُوَ

<<  <  ج: ص:  >  >>