للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحَدُهَا، تَلْزَمُهُ تِسْعَةٌ. وَهَذَا يُحْكَى عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ لِأَنَّ " مِنْ " لِابْتِدَاءِ الْغَايَةِ، وَأَوَّلُ الْغَايَةِ مِنْهَا، وَ " إلَى " لِانْتِهَائِهَا، فَلَا يَدْخُلُ فِيهَا، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة: ١٨٧] . وَالثَّانِي، تَلْزَمُهُ ثَمَانِيَةٌ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ وَالْعَاشِرَ حَدَّانِ، فَلَا يَدْخُلَانِ فِي الْإِقْرَارِ، وَلَزِمَهُ مَا بَيْنَهُمَا، كَاَلَّتِي قَبْلَهَا.

وَالثَّالِثُ، تَلْزَمُهُ عَشَرَةٌ؛ لِأَنَّ الْعَاشِرَ أَحَدُ الطَّرَفَيْنِ، فَيَدْخُلُ فِيهَا كَالْأَوَّلِ، وَكَمَا لَوْ قَالَ: قَرَأْت الْقُرْآنَ مِنْ أَوَّلِهِ إلَى آخِرِهِ. فَإِنْ قَالَ: أَرَدْت بِقَوْلِيِّ مِنْ وَاحِدٍ إلَى عَشَرَةٍ. مَجْمُوعَ الْأَعْدَادِ كُلِّهَا، أَيْ الْوَاحِدِ وَالِاثْنَيْنِ وَكَذَلِكَ إلَى الْعَشَرَةِ، لَزِمَهُ خَمْسَةٌ وَخَمْسُونَ دِرْهَمًا. وَاخْتِصَارُ حِسَابِهِ أَنْ تَزِيدَ أَوَّلَ الْعَدَدِ وَهُوَ الْوَاحِدُ عَلَى الْعَشَرَةِ، فَيَصِيرَ أَحَدَ عَشَرَ، ثُمَّ تَضْرِبَهَا فِي نِصْفِ الْعَشَرَةِ، فَمَا بَلَغَ فَهُوَ الْجَوَابُ.

[فَصْلٌ قَالَ لَهُ عَلَيَّ دَرَاهِمُ]

(٣٨٤٦) فَصْلٌ: وَإِنْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ دَرَاهِمُ. لَزِمَهُ ثَلَاثَةٌ. لِأَنَّهَا أَقَلُّ الْجَمْعِ. وَإِنْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ دَرَاهِمُ كَثِيرَةٌ، أَوْ وَافِرَةٌ، أَوْ عَظِيمَةٌ. لَزِمَهُ ثَلَاثَةٌ.

وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ بِدُونِ الْعَشَرَةِ؛ لِأَنَّهَا أَقَلُّ جَمْعِ الْكَثْرَةِ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: لَا يُقْبَلُ أَقَلُّ مِنْ مِائَتَيْنِ؛ لِأَنَّ بِهَا يَحْصُلُ الْغِنَى، وَتَجِبُ الزَّكَاةُ. وَلَنَا، أَنَّ الْكَثْرَةَ وَالْعَظَمَةَ لَا حَدَّ لَهَا شَرْعًا وَلَا لُغَةً وَلَا عُرْفًا، وَتَخْتَلِفُ بِالْإِضَافَاتِ وَأَحْوَالِ النَّاسِ، فَالثَّلَاثَةُ أَكْثَرُ مِمَّا دُونَهَا وَأَقَلُّ مِمَّا فَوْقَهَا، وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَسْتَعْظِمُ الْيَسِيرَ، وَمِنْهُمْ مِنْ لَا يَسْتَعْظِمُ الْكَثِيرَ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُقِرَّ أَرَادَ كَثِيرَةً بِالنِّسْبَةِ إلَى مَا دُونَهَا، أَوْ كَثِيرَةً فِي نَفْسِهِ، فَلَا تَجِبُ الزِّيَادَةُ بِالِاحْتِمَالِ.

[فَصْلٌ قَالَ لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمَانِ فِي عَشَرَةٍ وَقَالَ أَرَدْت الْحِسَابَ]

(٣٨٤٧) فَصْلٌ: وَإِنْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمَانِ فِي عَشَرَةٍ. وَقَالَ: أَرَدْت الْحِسَابَ. لَزِمَهُ عِشْرُونَ. وَإِنْ قَالَ: أَرَدْت دِرْهَمَيْنِ مَعَ عَشَرَةٍ. وَلَمْ يَكُنْ يَعْرِفُ الْحِسَابَ، قُبِلَ مِنْهُ، وَلَزِمَهُ اثْنَا عَشَرَ؛ لِأَنَّ كَثِيرًا مِنْ الْعَامَّةِ يُرِيدُونَ بِهَذَا اللَّفْظِ هَذَا الْمَعْنَى.

وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْحِسَابِ، احْتَمَلَ أَنْ لَا يُقْبَلَ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ الْحِسَابِ اسْتِعْمَالُ أَلْفَاظِهِ لِمَعَانِيهَا فِي اصْطِلَاحِهِمْ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقْبَلَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْنَعُ أَنْ يَسْتَعْمِلَ اصْطِلَاحَ الْعَامَّةِ. وَإِنْ قَالَ: أَرَدْت دِرْهَمَيْنِ فِي عَشَرَةٍ لِي. لَزِمَهُ دِرْهَمَانِ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ مَا يَقُولُ. وَإِنْ قَالَ: دِرْهَمَانِ فِي دِينَارٍ. لَمْ يَحْتَمِلْ الْحِسَابَ، وَسُئِلَ عَنْ مُرَادِهِ، فَإِنْ قَالَ: أَرَدْت الْعَطْفَ أَوْ مَعْنَى مَعَ. لَزِمَهُ الدِّرْهَمَانِ وَالدِّينَارُ.

وَإِنْ قَالَ: أَسْلَمْتُهُمَا فِي دِينَارٍ. فَصَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ؛ بَطَلَ إقْرَارُهُ؛ لِأَنَّ سَلْمَ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ فِي الْآخَرِ لَا يَصِحُّ، وَإِنْ كَذَّبَهُ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُقَرِّ لَهُ؛ لِأَنَّ الْمُقِرَّ وَصَلَ إقْرَارَهُ بِمَا يُسْقِطُهُ، فَلَزِمَهُ مَا أَقَرَّ بِهِ، وَبَطَلَ قَوْلُهُ فِي دِينَارٍ. وَكَذَلِكَ إنْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمَانِ فِي ثَوْبٍ. وَفَسَّرَهُ بِالسَّلْمِ، أَوْ قَالَ: فِي ثَوْبٍ اشْتَرَيْته مِنْهُ إلَى سَنَةٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>