كَلِمَةٍ، لَمْ يَجِبْ غَيْرُ أَرْشِ الْحَرْفِ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ إنَّمَا يَجِبُ لِمَا تَلِفَ.
وَإِنْ ذَهَبَ حَرْفٌ، فَأَبْدَلَ مَكَانَهُ حَرْفًا آخَرَ، كَأَنَّهُ يَقُولُ: دِرْهَمٌ. فَصَارَ يَقُولُ: دِلْهَمٌ. أَوْ: دِغْهَمٌ. أَوْ: دِيْهَمٌ. فَعَلَيْهِ ضَمَانُ الْحَرْفِ الذَّاهِبِ؛ لِأَنَّ مَا تَبَدَّلَ لَا يَقُومُ مَقَامَ الذَّاهِبِ فِي الْقِرَاءَةِ وَلَا غَيْرِهَا؛ فَإِنْ جَنَى عَلَيْهِ فَذَهَبَ الْبَدَلُ، وَجَبَتْ دِيَتُهُ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ أَصْلٌ. وَإِنْ لَمْ يَذْهَبْ شَيْءٌ مِنْ الْكَلَامِ، لَكِنْ حَصَلَتْ فِيهِ عَجَلَةٌ أَوْ تَمْتَمَةٌ أَوْ فَأْفَأَةٌ، فَعَلَيْهِ حُكُومَةٌ لِمَا حَصَلَ مِنْ النَّقْصِ وَالشَّيْنِ، وَلَمْ تَجِبْ الدِّيَةُ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ بَاقِيَةٌ. وَإِنْ جَنَى عَلَيْهِ جَانٍ آخَرُ، فَأَذْهَبَ كَلَامَهُ، فَفِيهِ الدِّيَةُ كَامِلَةً، كَمَا لَوْ جَنَى عَلَى عَيْنِهِ جَانٍ فَعَمِشَتْ، ثُمَّ جَنَى عَلَيْهَا آخَرُ، فَذَهَبَ بِبَصَرِهَا.
وَإِنْ أَذْهَبَ الْأَوَّلُ بَعْضَ الْحُرُوفِ، وَأَذْهَبَ الثَّانِي بَقِيَّةَ الْكَلَامِ، فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِقِسْطِهِ، كَمَا لَوْ ذَهَبَ الْأَوَّلُ بِبَصَرِ إحْدَى الْعَيْنَيْنِ، وَذَهَبَ الْآخَرُ بِبَصَرِ الْأُخْرَى. وَإِنْ كَانَ أَلْثَغَ مِنْ غَيْرِ جِنَايَةٍ عَلَيْهِ، فَذَهَبَ إنْسَانٌ بِكَلَامِهِ كُلِّهِ، فَإِنْ كَانَ مَأْيُوسًا مِنْ زَوَالِ لُثْغَتِهِ، فَفِيهِ بِقِسْطِ مَا ذَهَبَ مِنْ الْحُرُوفِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَأْيُوسٍ مِنْ زَوَالِهَا، كَالصَّبِيِّ، فَفِيهِ الدِّيَةُ كَامِلَةً؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ زَوَالُهَا. وَكَذَلِكَ الْكَبِيرُ إذَا أَمْكَنَ إزَالَةُ لُثْغَتِهِ بِالتَّعْلِيمِ.
[فَصْلٌ قَطَعَ بَعْض لِسَانِهِ فَذَهَبَ بَعْض كَلَامِهِ]
(٦٩٢٧) فَصْلٌ: إذَا قَطَعَ بَعْضَ لِسَانِهِ، فَذَهَبَ بَعْضُ كَلَامِهِ، فَإِنْ اسْتَوَيَا، مِثْلُ أَنْ يَقْطَعَ رُبْعَ لِسَانِهِ، فَيَذْهَبَ رُبْعُ كَلَامِهِ، وَجَبَ رُبْعُ الدِّيَةِ بِقَدْرِ الذَّاهِبِ مِنْهُمَا، كَمَا لَوْ قَلَعَ إحْدَى عَيْنَيْهِ فَذَهَبَ بَصَرُهَا. وَإِنْ ذَهَبَ مِنْ أَحَدِهِمَا أَكْثَرُ مِنْ الْآخَرِ، كَأَنْ قَطَعَ رُبْعَ لِسَانِهِ، فَذَهَبَ نِصْفُ كَلَامِهِ، أَوْ قَطَعَ نِصْفَ لِسَانِهِ، فَذَهَبَ رُبْعُ كَلَامِهِ، وَجَبَ بِقَدْرِ الْأَكْثَرِ، وَهُوَ نِصْفُ الدِّيَةِ فِي الْحَالَيْنِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ اللِّسَانِ وَالْكَلَامِ مَضْمُونٌ بِالدِّيَةِ مُنْفَرِدًا، فَإِذَا انْفَرَدَ نِصْفُهُ بِالذَّهَابِ، وَجَبَ النِّصْفُ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ ذَهَبَ نِصْفُ الْكَلَامِ، وَلَمْ يَذْهَبْ مِنْ اللِّسَانِ شَيْءٌ، وَجَبَ نِصْفُ الدِّيَةِ، وَلَوْ ذَهَبَ نِصْفُ اللِّسَانِ، وَلَمْ يَذْهَبْ مِنْ الْكَلَامِ شَيْءٌ، وَجَبَ نِصْفُ الدِّيَةِ.
وَإِنْ قَطَعَ رُبْعَ اللِّسَانِ، فَذَهَبَ نِصْفُ الْكَلَامِ، وَجَبَ نِصْفُ الدِّيَةِ، فَإِنْ قَطَعَ آخَرُ بَقِيَّةَ اللِّسَانِ، فَذَهَبَتْ بَقِيَّةُ الْكَلَامِ، فَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ؛ أَحَدُهَا عَلَيْهِ نِصْفُ الدِّيَةِ. هَذَا قَوْلُ الْقَاضِي. وَهُوَ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ لِأَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّ السَّالِمَ نِصْفُ اللِّسَانِ، وَبَاقِيَهُ أَشَلُّ، بِدَلِيلِ ذَهَابِ نِصْفِ الْكَلَامِ. وَالثَّانِي: عَلَيْهِ نِصْفُ الدِّيَةِ وَحُكُومَةٌ لِلرُّبْعِ الْأَشَلِّ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ جَمِيعُهُ أَشَلَّ، لَكَانَتْ فِيهِ حُكُومَةٌ أَوْ ثُلُثُ الدِّيَةِ، فَإِذَا كَانَ بَعْضُهُ أَشَلَّ، فَفِي ذَلِكَ الْبَعْضِ حُكُومَةٌ أَيْضًا. الثَّالِثُ: عَلَيْهِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الدِّيَةِ. وَهَذَا الْوَجْهُ الثَّانِي لِأَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّهُ قَطَعَ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ لِسَانِهِ، فَذَهَبَ رُبْعُ وَنِصْفُ كَلَامِهِ، فَوَجَبَتْ عَلَيْهِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الدِّيَةِ، كَمَا لَوْ قَطَعَهُ أَوَّلًا. وَلَا يَصِحُّ الْقَوْلُ بِأَنَّ بَعْضَهُ أَشَلُّ؛
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute