وَلِمُسْلِمٍ، قَالَ: ثُمَّ قَالَ: «إذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ، فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ، وَلْيَتَجَوَّزْ فِيهِمَا» وَهَذَا نَصٌّ.
وَلِأَنَّهُ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فِي غَيْرِ وَقْتِ النَّهْيِ عَنْ الصَّلَاةِ، فَسُنَّ لَهُ الرُّكُوعُ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا دَخَلَ أَحَدُكُمْ الْمَسْجِدَ، فَلَا يَجْلِسْ حَتَّى يَرْكَعَ رَكْعَتَيْنِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَحَدِيثُهُمْ قَضِيَّةٌ فِي عَيْنٍ، يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمَوْضِعُ يَضِيقُ عَنْ الصَّلَاةِ، أَوْ يَكُونَ فِي آخِرِ الْخُطْبَةِ، بِحَيْثُ لَوْ تَشَاغَلَ بِالصَّلَاةِ فَاتَتْهُ تَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّمَا أَمَرَهُ بِالْجُلُوسِ، لِيَكُفَّ أَذَاهُ عَنْ النَّاسِ، لِتَخَطِّيهِ إيَّاهُمْ
فَإِنْ كَانَ دُخُولُهُ فِي آخِرِ الْخُطْبَةِ، بِحَيْثُ إذَا تَشَاغَلَ بِالرُّكُوعِ فَاتَهُ أَوَّلُ الصَّلَاةِ، لَمْ يُسْتَحَبَّ لَهُ التَّشَاغُلُ بِالرُّكُوعِ.
[فَصْلٌ يَنْقَطِعُ التَّطَوُّعُ بِجُلُوسِ الْإِمَامِ عَلَى الْمِنْبَرِ]
(١٣٢٢) فَصْلٌ: وَيَنْقَطِعُ التَّطَوُّعُ بِجُلُوسِ الْإِمَامِ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَلَا يُصَلِّي أَحَدٌ غَيْرَ الدَّاخِلِ يُصَلِّي تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ، وَيَتَجَوَّزُ فِيهَا؛ لِمَا رَوَى ثَعْلَبَةُ بْنُ أَبِي مَالِكٍ، أَنَّهُمْ كَانُوا فِي زَمَنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ يُصَلُّونَ حَتَّى يَخْرُجَ عُمَرُ، فَإِذَا خَرَجَ عُمَرُ، وَجَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ، وَأَذَّنَ الْمُؤَذِّنُونَ، جَلَسُوا يَتَحَدَّثُونَ، حَتَّى إذَا سَكَتَ الْمُؤَذِّنُ وَقَامَ عُمَرُ سَكَتُوا، فَلَمْ يَتَكَلَّمْ أَحَدٌ.
وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى شُهْرَةِ الْأَمْرِ بَيْنَهُمْ.
[فَصْلٌ الْإِنْصَاتُ مِنْ حِينِ يَأْخُذُ الْإِمَامُ فِي الْخُطْبَةِ]
(١٣٢٣) فَصْلٌ: وَيَجِبُ الْإِنْصَاتُ مِنْ حِينِ يَأْخُذُ الْإِمَامُ فِي الْخُطْبَةِ، فَلَا يَجُوزُ الْكَلَامُ لِأَحَدٍ مِنْ الْحَاضِرِينَ، وَنَهَى عَنْ ذَلِكَ عُثْمَانُ وَابْنُ عُمَرَ وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: إذَا رَأَيْتَهُ يَتَكَلَّمُ، وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ، فَاقْرَعْ رَأْسَهُ بِالْعَصَا. وَكَرِهَ ذَلِكَ عَامَّةُ أَهْلِ الْعِلْمِ، مِنْهُمْ: مَالِكٌ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَالْأَوْزَاعِيُّ.
وَعَنْ أَحْمَدَ رِوَايَةٌ أُخْرَى؛ لَا يَحْرُمُ الْكَلَامُ وَكَانَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَالنَّخَعِيُّ، وَالشَّعْبِيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مُهَاجِرٍ، وَأَبُو بُرْدَةَ يَتَكَلَّمُونَ وَالْحَجَّاجُ يَخْطُبُ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّا لَمْ نُؤْمَرْ أَنْ نُنْصِتَ لِهَذَا وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلَانِ، كَالرِّوَايَتَيْنِ
وَاحْتَجَّ مَنْ أَجَازَ ذَلِكَ بِمَا رَوَى أَنَسٌ، قَالَ: «بَيْنَمَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، إذْ قَامَ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلَكَ الْكُرَاعُ وَهَلَكَ الشَّاءُ، فَادْعُ اللَّهَ أَنْ يَسْقِيَنَا. . وَذَكَرَ الْحَدِيثَ، إلَى أَنْ قَالَ: ثُمَّ دَخَلَ رَجُلٌ مِنْ ذَلِكَ الْبَابِ فِي الْجُمُعَةِ الْمُقْبِلَةِ، وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَائِمٌ يَخْطُبُ، فَاسْتَقْبَلَهُ قَائِمًا، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلَكَتْ الْأَمْوَالُ، وَانْقَطَعَتْ السُّبُلُ، فَادْعُ اللَّهَ يَرْفَعْهَا عَنَّا.» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَرُوِيَ «أَنَّ رَجُلًا قَامَ، وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَتَى السَّاعَةُ؟ فَأَعْرَضَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَوْمَأَ النَّاسُ إلَيْهِ بِالسُّكُوتِ، فَلَمْ يَقْبَلْ، وَأَعَادَ الْكَلَامَ، فَلَمَّا كَانَ فِي الثَّالِثَةِ، قَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: وَيْحَكَ، مَاذَا أَعْدَدْتَ لَهَا؟ قَالَ: حُبَّ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، قَالَ: إنَّكَ