للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهَذَا قَوْلُ شُرَيْحٍ، وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيِّ. وَقَالَ مَالِكٌ: لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الْعَجْمَاءُ جَرْحُهَا جُبَارٌ» . وَلِأَنَّهُ جِنَايَةُ بَهِيمَةٍ، فَلَمْ يَضْمَنْهَا، كَمَا لَوْ لَمْ تَكُنْ يَدُهُ عَلَيْهَا.

وَلَنَا، قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الرِّجْلُ جُبَارٌ» . رَوَاهُ سَعِيدٌ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ هُزَيْلِ بْنِ شُرَحْبِيلَ، عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَرُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَتَخْصِيصُ الرِّجْلِ بِكَوْنِهِ جُبَارًا، دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ الضَّمَانِ فِي جِنَايَةِ غَيْرِهَا، وَلِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ حِفْظُهَا عَنْ الْجِنَايَةِ إذَا كَانَ رَاكِبَهَا، أَوْ يَدُهُ عَلَيْهَا، بِخِلَافِ مَنْ لَا يَدَ لَهُ عَلَيْهَا، وَحَدِيثُهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ لَا يَدَ لَهُ عَلَيْهَا.

[مَسْأَلَةٌ قَالَ وَمَا جَنَتْ بِرِجْلِهَا]

(٧٣٩٨) : (وَمَا جَنَتْ بِرِجْلِهَا، فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ) وَبِهَذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ. وَعَنْ أَحْمَدَ، رِوَايَةٌ أُخْرَى، أَنَّهُ يَضْمَنُهَا. وَهُوَ قَوْلُ شُرَيْحٍ، وَالشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّهُ مِنْ جِنَايَةِ بَهِيمَةٍ، يَدُهُ عَلَيْهَا، فَيَضْمَنُهَا، كَجِنَايَةِ يَدِهِ. وَلَنَا، قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الرِّجْلُ جُبَارٌ» . وَلِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ حِفْظُ رِجْلِهَا عَنْ الْجِنَايَةِ، فَلَمْ يَضْمَنْهَا، كَمَا لَوْ لَمْ تَكُنْ يَدُهُ عَلَيْهَا.

فَأَمَّا إنْ كَانَتْ جِنَايَتُهَا بِفِعْلِهِ، مِثْلَ أَنْ كَبَحَهَا بِلِجَامِهَا، أَوْ ضَرَبَهَا فِي وَجْهِهَا، وَنَحْوِ ذَلِكَ، ضَمِنَ جِنَايَةَ رِجْلِهَا؛ لِأَنَّهُ السَّبَبُ فِي جِنَايَتِهَا، فَكَانَ ضَمَانُهَا عَلَيْهِ، وَلَوْ كَانَ السَّبَبَ فِي جِنَايَتِهَا غَيْرُهُ، مِثْلَ أَنْ نَخَسَهَا، أَوْ نَفَرَهَا، فَالضَّمَانُ عَلَى مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ، دُونَ رَاكِبِهَا وَسَائِقِهَا وَقَائِدِهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ السَّبَبُ فِي جِنَايَتِهَا.

[فَصْلٌ فَإِنْ كَانَ عَلَى الدَّابَّةِ رَاكِبَانِ]

(٧٣٩٩) : فَإِنْ كَانَ عَلَى الدَّابَّةِ رَاكِبَانِ، فَالضَّمَانُ عَلَى الْأَوَّلِ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّهُ الْمُتَصَرِّفُ فِيهَا، الْقَادِرُ عَلَى كَفِّهَا، إلَّا أَنْ يَكُونَ الْأَوَّلُ مِنْهُمَا صَغِيرًا أَوْ مَرِيضًا أَوْ نَحْوَهُمَا، وَيَكُونَ الثَّانِي الْمُتَوَلِّيَ لِتَدْبِيرِهَا فَيَكُونَ الضَّمَانُ عَلَيْهِ. وَإِنْ كَانَ مَعَ الدَّابَّةِ قَائِدٌ وَسَائِقٌ، فَالضَّمَانُ عَلَيْهِمَا؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ لَوْ انْفَرَدَ ضَمِنَ. فَإِذَا اجْتَمَعَا ضَمِنَا.

وَإِنْ كَانَ مَعَهُمَا أَوْ مَعَ أَحَدِهِمَا رَاكِبٌ، فَفِيهِ وَجْهَانِ؛ أَحَدُهُمَا، الضَّمَانُ عَلَيْهِمْ جَمِيعًا، لِذَلِكَ. وَالثَّانِي، عَلَى الرَّاكِبِ؛ لِأَنَّهُ أَقْوَى يَدًا وَتَصَرُّفًا. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عَلَى الْقَائِدِ؛ لِأَنَّهُ لَا حُكْمَ لِلرَّاكِبِ مَعَ الْقَائِدِ.

[فَصْلٌ وَالْجَمَلُ الْمَقْطُورُ عَلَى الْجَمَلِ الَّذِي عَلَيْهِ رَاكِبٌ]

(٧٤٠٠) : وَالْجَمَلُ الْمَقْطُورُ عَلَى الْجَمَلِ الَّذِي عَلَيْهِ رَاكِبٌ، يَضْمَنُ جِنَايَتَهُ؛ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْقَائِدِ، فَأَمَّا الْجَمَلُ الْمَقْطُورُ عَلَى الْجَمَلِ الثَّانِي، فَيَنْبَغِي أَنْ لَا تُضْمَنَ جِنَايَتُهُ، إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ سَائِقٌ؛ لِأَنَّ الرَّاكِبَ الْأَوَّلَ لَا يُمْكِنُهُ حِفْظُهُ عَنْ الْجِنَايَةِ. وَلَوْ كَانَ مَعَ الدَّابَّةِ وَلَدُهَا، لَمْ تُضْمَنْ جِنَايَتُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ حِفْظُهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>