للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذَلِكَ وَيُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَكُونَ ذَلِكَ مُجْحِفًا بِمَالِ ابْنَتِهِ، فَإِنْ كَانَ مُجْحِفًا بِمَالِهَا، لَمْ يَصِحَّ الشَّرْطُ، وَكَانَ الْجَمِيعُ لَهَا، كَمَا لَوْ اشْتَرَطَهُ سَائِرُ أَوْلِيَائِهَا. ذَكَرَهُ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ.

[فَصْلٌ شَرَطَ لِنَفْسِهِ جَمِيعَ الصَّدَاق]

(٥٥٨٢) فَصْلٌ: فَإِنْ شَرَطَ لِنَفْسِهِ جَمِيعَ الصَّدَاقِ، ثُمَّ طَلَّقَ قَبْلَ الدُّخُولِ بَعْدَ تَسْلِيمِ الصَّدَاقِ إلَيْهِ، رَجَعَ فِي نِصْفِ مَا أَعْطَى الْأَبَ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي فَرَضَهُ لَهَا، فَنَرْجِعُ فِي نِصْفِهِ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} [البقرة: ٢٣٧] وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهَا بِقَدْرِ نِصْفِهِ، وَيَكُونَ مَا أَخَذَهُ الْأَبُ لَهُ، لِأَنَّنَا قَدَّرْنَا أَنَّ الْجَمِيعَ صَارَ لَهَا، ثُمَّ أَخَذَهُ الْأَبُ مِنْهَا، فَتَصِيرُ كَأَنَّهَا قَبَضَتْهُ ثُمَّ أَخَذَهُ مِنْهَا. وَهَكَذَا لَوْ أَصْدَقَهَا أَلْفًا لَهَا وَأَلْفًا لِأَبِيهَا، ثُمَّ ارْتَدَّتْ قَبْلَ الدُّخُولِ، فَهَلْ يَرْجِعُ فِي الْأَلْفِ الَّذِي قَبَضَهُ الْأَبُ، أَوْ عَلَيْهَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ.

[مَسْأَلَة أَصْدَقَهَا عَبْدًا صَغِيرًا فَكَبِرَ]

(٥٥٨٣) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ وَإِذَا أَصْدَقَهَا عَبْدًا صَغِيرًا فَكَبِرَ، ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ، فَإِنْ شَاءَتْ دَفَعَتْ إلَيْهِ نِصْفَ قِيمَتِهِ يَوْمَ وَقَعَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ، أَوْ تَدْفَعُ إلَيْهِ نِصْفَهُ زَائِدًا، إلَّا أَنْ يَكُونَ يَصْلُحُ صَغِيرًا لِمَا لَا يَصْلُحُ لَهُ كَبِيرًا، فَيَكُونَ لَهُ عَلَيْهَا نِصْفُ قِيمَتِهِ يَوْمَ وَقَعَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ، إلَّا أَنْ يَشَاءَ أَخْذَ مَا بَذَلَتْهُ لَهُ مِنْ نِصْفِهِ. فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَحْكَامٌ؛ مِنْهَا أَنَّ الْمَرْأَةَ تَمْلِكُ الصَّدَاقَ بِالْعَقْدِ. وَهَذَا قَوْلُ عَامَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ، إلَّا أَنَّهُ حُكِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهَا لَا تَمْلِكُ إلَّا نِصْفَهُ. وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ.

وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: هَذَا مَوْضِعٌ اخْتَلَفَ فِيهِ السَّلَفُ وَالْآثَارُ، وَأَمَّا الْفُقَهَاءُ الْيَوْمَ فَعَلَى أَنَّهَا تَمْلِكُهُ. وَقَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنْ أَعْطَيْتهَا إزَارَك، جَلَسْت وَلَا إزَارَ لَك» دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الصَّدَاقَ كُلَّهُ لِلْمَرْأَةِ، لَا يَبْقَى لِلرَّجُلِ مِنْهُ شَيْءٌ؛ وَلِأَنَّهُ عَقْدٌ تَمْلِكُ بِهِ الْعِوَضَ بِالْعَقْدِ، فَمُلِكَ فِيهِ الْعِوَضُ كَامِلًا كَالْبَيْعِ وَسُقُوطُ نِصْفِهِ بِالطَّلَاقِ، لَا يَمْنَعُ وُجُوبَ جَمِيعِهِ بِالْعَقْدِ، أَلَا تَرَى أَنَّهَا لَوْ ارْتَدَّتْ، سَقَطَ جَمِيعُهُ، وَإِنْ كَانَتْ قَدْ مَلَكَتْ نِصْفَهُ. إذَا ثَبَتَ هَذَا فَإِنَّ نَمَاءَهُ وَزِيَادَتَهُ لَهَا، سَوَاءٌ قَبَضَتْهُ أَوْ لَمْ تَقْبِضْهُ، مُتَّصِلًا كَانَ أَوْ مُنْفَصِلًا، وَإِنْ كَانَ مَالًا زَكَاتِيًّا فَحَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ، فَزَكَاتُهُ عَلَيْهَا. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ وَإِنْ نَقَصَ بَعْدَ قَبْضِهَا لَهُ أَوْ تَلِفَ، فَهُوَ مِنْ ضَمَانِهَا وَلَوْ زَكَّتْهُ ثُمَّ طَلُقَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ، كَانَ ضَمَانُ الزَّكَاةِ كُلِّهَا عَلَيْهَا.

وَأَمَّا قَبْلَ الْقَبْضِ، فَهُوَ مِنْ ضَمَانِ الزَّوْجِ، إنْ كَانَ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا، وَإِنْ كَانَ غَيْرَهُمَا، فَإِنْ مَنَعَهَا مِنْهُ، وَلَمْ يُمَكِّنْهَا مِنْ قَبْضِهِ، فَهُوَ مِنْ ضَمَانِهِ؛ لِأَنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>