للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَيُبَاحُ عِنْدَهُ التَّزْوِيجُ فِي عِدَّةِ الْمُطَلَّقَاتِ، فَعَلَى قَوْلِهِ إذَا طَلَّقَ أَرْبَعًا، وَنَكَحَ أَرْبَعًا، فِي عَقْدٍ أَوْ عُقُودٍ، ثُمَّ مَاتَ مِنْ مَرَضِهِ فَالْمِيرَاثُ لِلْمَنْكُوحَاتِ

وَعَلَى قَوْلِهِ الْقَدِيمِ يُخَرَّجُ فِيهِ وَجْهَانِ؛ أَحَدُهُمَا، أَنَّ الْمِيرَاثَ بَيْنَ الثَّمَانِ. وَالثَّانِي، أَنَّ الْمِيرَاثَ لِلْمُطَلَّقَاتِ دُونَ الْمَنْكُوحَاتِ. فَإِنْ مَاتَ بَعْضُ الْمُطَلَّقَاتِ، أَوْ انْقَضَتْ عِدَّتُهُنَّ فَلِلْمَنْكُوحَاتِ مِيرَاثُ الْمَيِّتَاتِ. وَإِنْ مَاتَتْ وَاحِدَةٌ فَلِلزَّوْجَاتِ رُبُعُ مِيرَاثِ النِّسَاءِ. وَإِنْ مَاتَتْ اثْنَتَانِ فَلِلزَّوْجَاتِ نِصْفُ الْمِيرَاثِ. فَإِنْ مَاتَ ثَلَاثٌ، فَلَهُنَّ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْمِيرَاثِ إنْ كَانَ نِكَاحُهُنَّ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ

وَإِنْ كَانَ فِي عُقُودٍ مُتَفَرِّقَةٍ، فَإِذَا مَاتَتْ وَاحِدَةٌ مِنْ الْمُطَلَّقَاتِ، فَمِيرَاثُهَا لِلْأُولَى مِنْ الْمَنْكُوحَاتِ، وَمِيرَاثُ الثَّانِيَةِ لِلثَّانِيَةِ، وَمِيرَاثُ الثَّالِثَةِ لِلثَّالِثَةِ.

[فَصْلٌ قَالَ لِنِسَائِهِ إحْدَاكُنَّ طَالِقٌ]

(٤٩٩٠) فَصْلٌ: إذَا قَالَ الرَّجُلُ لِنِسَائِهِ: إحْدَاكُنَّ طَالِقٌ. يَعْنِي وَاحِدَةً بِعَيْنِهَا، طَلُقَتْ وَحْدَهَا، وَيُرْجَعُ إلَى تَعْيِينِهِ، وَيُؤْخَذُ بِنَفَقَتِهِنَّ كُلِّهِنَّ إلَى أَنْ تُعَيَّنَ. وَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا، مُنِعَ مِنْهُنَّ إلَى أَنْ يُعَيِّنَ. فَإِنْ قَالَ: أَرَدْت هَذِهِ. طَلُقَتْ وَحْدَهَا. وَإِنْ قَالَ: لَمْ أُرِدْ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَ. طَلُقَتْ الرَّابِعَةُ. وَإِنْ، عَادَ، فَقَالَ: أَخْطَأْت، إنَّمَا أَرَدْت هَذِهِ. طَلُقَتْ الْأُخْرَى

وَإِنْ مُتْنَ أَوْ إحْدَاهُنَّ قَبْلَ أَنْ يُبَيِّنَ رُجِعَ إلَى قَوْلِهِ، فَمَنْ أَقَرَّ بِطَلَاقِهَا حَرَمْنَاهُ مِيرَاثَهَا، وَأَحْلَفْنَاهُ، لِوَرَثَةِ مَنْ لَمْ يُعَيِّنْهَا.

وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ. - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَإِنْ لَمْ يَعْنِ بِذَلِكَ وَاحِدَةً بِعَيْنِهَا، أَوْ مَاتَ قَبْلَ التَّعْيِينِ، أُخْرِجَتْ بِالْقُرْعَةِ، وَكَذَلِكَ إنَّ طَلَّقَ وَاحِدَةً مِنْ نِسَائِهِ، بِعَيْنِهَا، فَأُنْسِيهَا، فَمَاتَ، أُخْرِجَتْ بِالْقُرْعَةِ، فَمَنْ تَقَعُ عَلَيْهَا الْقُرْعَةُ فَلَا مِيرَاثَ لَهَا. رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَهُوَ قَوْلُ أَبِي ثَوْرٍ. وَرَوَى عَطَاءٌ، عَنْ ابْن عَبَّاسٍ، أَنَّ رَجُلًا سَأَلَهُ فَقَالَ: إنَّ لِي ثَلَاثَ نِسْوَةٍ، وَإِنِّي طَلَّقْت إحْدَاهُنَّ فَبَتَتّ طَلَاقَهَا. فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: إنْ كُنْت نَوَيْت وَاحِدَةً مِنْهُنَّ بِعَيْنِهَا ثُمَّ أُنْسِيتهَا، فَقَدْ اشْتَرَكْنَ فِي الطَّلَاقِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ نَوَيْت وَاحِدَةً بِعَيْنِهَا، فَطَلِّقْ أَيَّتَهُنَّ شِئْت.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَأَهْلُ الْعِرَاقِ: يُرْجَعُ إلَى تَعْيِينِهِ فِي الْمَسَائِلِ كُلِّهَا. فَإِنْ وَطِئَ إحْدَاهُنَّ كَانَ تَعْيِينًا لَهَا بِالنِّكَاحِ، فِي قَوْلِ أَهْلِ الْعِرَاقِ، وَبَعْضِ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا يَكُونُ تَعْيِينًا. فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُبَيِّنَ فَالْمِيرَاثُ بَيْنَهُنَّ كُلِّهِنَّ، فِي قَوْل أَهْلِ الْعِرَاقِ

وَقَالَ مَالِكٌ: يُطَلَّقْنَ كُلُّهُنَّ، وَلَا مِيرَاثَ لَهُنَّ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يُوقَفُ مِيرَاثُهُنَّ، وَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ قَبْلَ الدُّخُولِ دَفَعَ إلَى كُلّ وَاحِدَةٍ نِصْفَ مَهْرٍ، وَوَقَفَ الْبَاقِيَ فِي مُهُورِهِنَّ. وَقَالَ دَاوُد: يَبْطُلُ حُكْمُ طَلَاقِهِنَّ؛ لِمَوْضِعِ الْجَهَالَةِ، وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مَهْرٌ كَامِلٌ، وَالْمِيرَاثُ بَيْنَهُنَّ. وَإِنْ مُتْنَ قَبْلَهُ، طَلُقَتْ الْآخِرَةُ، فِي قَوْلِ أَهْلِ الْعِرَاقِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يُرْجَعُ إلَى تَعْيِينِهِ، عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>