وَالثَّالِثَةُ، إنْ كَانَ صَوْمًا صَامَ كُلُّ وَاحِدٍ صَوْمًا تَامًّا، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ فَجَزَاءٌ وَاحِدٌ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا هَدْيٌ وَالْآخَرُ صَوْمٌ، فَعَلَى الْمُهْدِي بِحِصَّتِهِ، وَعَلَى الْآخَرِ صَوْمٌ تَامٌّ؛ لِأَنَّ الْجَزَاءَ لَيْسَ بِكَفَّارَةٍ، وَإِنَّمَا هُوَ بَدَلٌ، بِدَلِيلِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَطَفَ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةَ، فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} [المائدة: ٩٥] . وَالصَّوْمُ كَفَّارَةٌ، كَكَفَّارَةِ قَتْلِ الْآدَمِيِّ.
وَلَنَا، قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى {فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} [المائدة: ٩٥] . وَالْجَمَاعَةُ قَدْ قَتَلُوا صَيْدًا، فَيَلْزَمُهُمْ مِثْلُهُ، وَالزَّائِدُ خَارِجٌ عَنْ الْمِثْلِ، فَلَا يَجِبُ، وَمَتَى ثَبَتَ اتِّخَاذُ الْجَزَاءِ فِي الْهَدْيِ، وَجَبَ اتِّخَاذُهُ فِي الصِّيَامِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ {أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا} [المائدة: ٩٥] . وَالِاتِّفَاقُ حَاصِلٌ أَنَّهُ مَعْدُولٌ بِالْقِيمَةِ، إمَّا قِيمَةُ الْمُتْلَفِ، وَإِمَّا قِيمَةُ مِثْلِهِ، فَإِيجَابُ الزَّائِدِ عَلَى عَدْلِ الْقِيمَةِ خِلَافُ النَّصِّ، وَأَيْضًا مَا رُوِيَ عَمَّنْ سَمَّيْنَا مِنْ الصَّحَابَةِ أَنَّهُمْ قَالُوا كَمَذْهَبِنَا، وَلِأَنَّهُ جَزَاءٌ عَنْ مَقْتُولٍ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِهِ، فَكَانَ وَاحِدًا، كَالدِّيَةِ، أَوْ كَمَا لَوْ كَانَ الْقَاتِلُ وَاحِدًا، أَوْ بَدَلَ الْمَحِلِّ، فَاتَّحَدَتْ بِاتِّحَادِهِ الدِّيَةُ، وَكَفَّارَةُ الْآدَمِيِّ لَنَا فِيهَا مَنْعٌ، وَلَا يَتَبَعَّضُ فِي أَبْعَاضِهِ، وَلَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِهِ، فَلَا يَتَبَعَّضُ عَلَى الْجَمَاعَةِ، بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا.
(٢٦٩٠) فَصْلٌ: فَإِنْ كَانَ شَرِيكُ الْمُحْرِمِ حَلَالًا أَوْ سَبْعًا، فَلَا شَيْءَ عَلَى الْحَلَالِ، وَيُحْكَمُ عَلَى الْحَرَامِ. ثُمَّ إنْ كَانَ جَرْحُ أَحَدِهِمَا قَبْلَ صَاحِبِهِ، وَالسَّابِقُ الْحَلَالُ أَوْ السَّبْعُ، فَعَلَى الْمُحْرِمِ جَزَاؤُهُ مَجْرُوحًا، وَإِنْ كَانَ السَّابِقُ الْمُحْرِمُ، فَعَلَيْهِ جَزَاءُ جَرْحِهِ، عَلَى مَا مَضَى، وَإِنْ كَانَ جَرْحُهُمَا فِي حَالٍ وَاحِدَةٍ، فَفِيهِ وَجْهَانِ؛ أَحَدُهُمَا، عَلَى الْمُحْرِمِ بِقِسْطِهِ، كَمَا لَوْ كَانَ شَرِيكُهُ مُحْرِمًا؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَتْلَفَ الْبَعْضَ. وَالثَّانِي، عَلَيْهِ جَزَاءُ جَمِيعِهِ؛ لِأَنَّهُ تَعَذَّرَ إيجَابُ الْجَزَاءِ عَلَى شَرِيكِهِ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا دَالًّا وَالْآخَرُ مَدْلُولًا، أَوْ أَحَدُهُمَا مُمْسِكًا وَالْآخَرُ قَاتِلًا، فَإِنَّ الْجَزَاءَ عَلَى الْمُحْرِمِ أَيَّهُمَا كَانَ، لِتَعَذُّرِ إيجَابِ الْجَزَاءِ عَلَى الْآخَرِ.
(٢٦٩١) فَصْلٌ: وَإِنْ اشْتَرَكَ حَرَامٌ وَحَلَالٌ فِي صَيْدٍ حَرَمِيٍّ، فَالْجَزَاءُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ؛ لِأَنَّ الْإِتْلَافَ يُنْسَبُ إلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُهُ، وَلَا يَزْدَادُ الْوَاجِبُ عَلَى الْمُحْرِمِ بِاجْتِمَاعِ حُرْمَةِ الْإِحْرَامِ وَالْحَرَمِ، فَيَكُونُ الْوَاجِبُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا النِّصْفَ، وَهَذَا الِاشْتِرَاكُ الَّذِي هَذَا حُكْمُهُ هُوَ الَّذِي يَقَعُ بِهِ الْفِعْلُ مِنْهُمَا مَعًا، فَإِنْ سَبَقَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ، فَحُكْمُهُ مَا ذَكَرْنَاهُ فِيمَا مَا مَضَى.
[فَصْل أَحْرَمَ الرَّجُلُ وَفِي مِلْكِهِ صَيْدٌ]
(٢٦٩٢) فَصْلٌ: إذَا أَحْرَمَ الرَّجُلُ، وَفِي مِلْكِهِ صَيْدٌ، لَمْ يَزُلْ مِلْكُهُ عَنْهُ، وَلَا يَدُهُ الْحُكْمِيَّةُ، مِثْلُ أَنْ يَكُونَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute