كَانَ تَعْلِيقُهُ عَلَى مَوْتِهِ أَوْ مَوْتِهَا أَوْ مَوْتِ زَيْدٍ إيلَاءً، فَتَعْلِيقُهُ عَلَى حَبَلِهَا بِغَيْرِ وَطْءٍ أَوْلَى. وَإِنْ قَالَ: أَرَدْتُ بِقَوْلِي: حَتَّى تَحْبَلِي. السَّبَبِيَّةَ، وَلَمْ أُرِدْ الْغَايَةَ. وَمَعْنَاهُ لَا أَطَؤُكِ لِتَحْبَلِي. قُبِلَ مِنْهُ، وَلَمْ يَكُنْ مُولِيًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِحَالِفٍ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ، وَإِنَّمَا هُوَ حَالِفٌ عَلَى قَصْدِ تَرْكِ الْحَبَلِ بِهِ، فَإِنَّ حَتَّى تُسْتَعْمَلُ بِمَعْنَى السَّبَبِيَّةِ.
[فَصْلٌ عَلَّقَ الْإِيلَاء عَلَى غَيْرِ مُسْتَحِيلٍ]
(٦١٠٨) فَصْلٌ: وَإِنْ عَلَّقَهُ عَلَى غَيْرِ مُسْتَحِيلٍ، فَذَلِكَ عَلَى خَمْسَةِ أَضْرُبٍ: أَحَدُهَا، مَا يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا يُوجَدُ قَبْلَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، كَقِيَامِ السَّاعَةِ، فَإِنَّ لَهَا عَلَامَاتٍ تَسْبِقُهَا، فَلَا يُوجَدُ ذَلِكَ فِي أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ. وَكَذَلِكَ إنْ قَالَ: حَتَّى تَأْتِي الْهِنْدَ. أَوْ نَحْوَهُ. فَهَذَا مُولٍ؛ لِأَنَّ يَمِينَهُ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ. الثَّانِي، مَا الْغَالِبُ أَنَّهُ لَا يُوجَدُ فِي أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، كَخُرُوجِ الدَّجَّالِ، وَالدَّابَّةِ، وَغَيْرِهِمَا مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ، أَوْ يَقُولُ: حَتَّى أَمُوتَ. أَوْ: تَمُوتِي. أَوْ: يَمُوتَ وَلَدُك. أَوْ: زَيْدٌ. أَوْ: حَتَّى يَقْدَمَ زَيْدٌ مِنْ مَكَّةَ. وَالْعَادَةُ أَنَّهُ لَا يَقْدَمُ فِي أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، فَيَكُونُ مُولِيًا؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ ذَلِكَ لَا يُوجَدُ فِي أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُك فِي نِكَاحِي هَذَا. وَكَذَلِكَ لَوْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى مَرَضِهَا، أَوْ مَرَضِ إنْسَانٍ بِعَيْنِهِ. الثَّالِثُ - أَنْ يُعَلِّقَهُ عَلَى أَمْرٍ يَحْتَمِلُ الْوُجُودَ فِي أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يُوجَدَ، احْتِمَالًا مُتَسَاوِيًا، كَقُدُومِ زَيْدٍ مِنْ سَفَرٍ قَرِيبٍ، أَوْ مِنْ سَفَرٍ لَا يُعْلَمُ قَدْرُهُ، فَهَذَا لَيْسَ بِإِيلَاءٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ حَلِفُهُ عَلَى أَكْثَرِ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، وَلَا يُظَنُّ ذَلِكَ. الرَّابِعُ أَنْ يُعَلِّقَهُ عَلَى مَا يُعْلَمُ أَنَّهُ يُوجَدُ فِي أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، أَوْ يُظَنُّ ذَلِكَ، كَذُبُولِ بَقْلٍ، وَجَفَافِ ثَوْبٍ، وَمَجِيءِ الْمَطَرِ فِي أَوَانِهِ، وَقُدُومِ الْحَاجِّ فِي زَمَانِهِ. فَهَذَا لَا يَكُونُ مُولِيًا؛ لِمَا ذَكَرْنَاهُ، وَلِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ الْإِضْرَارَ بِتَرْكِ وَطْئِهَا أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُك شَهْرًا. الْخَامِسُ - أَنْ يُعَلِّقَهُ عَلَى فِعْلٍ مِنْهَا، هِيَ قَادِرَةٌ عَلَيْهِ، أَوْ فِعْلٍ مِنْ غَيْرِهَا. وَذَلِكَ يَنْقَسِمُ أَقْسَامًا ثَلَاثَةً: أَحَدُهَا، أَنْ يُعَلِّقَهُ عَلَى فِعْلٍ مُبَاحٍ لَا مَشَقَّةَ فِيهِ، كَقَوْلِهِ: وَاَللَّهِ لَا أَطَؤُكِ حَتَّى تَدْخُلِي الدَّارَ. أَوْ: تَلْبَسِي هَذَا الثَّوْبَ. أَوْ: حَتَّى أَتَنَفَّلُ بِصَوْمِ يَوْمٍ. أَوْ: حَتَّى أَكْسُوَك فَهَذَا لَيْسَ بِإِيلَاءٍ؛ لِأَنَّهُ مُمْكِنُ الْوُجُودِ بِغَيْرِ ضَرَرٍ عَلَيْهَا فِيهِ، فَأَشْبَهَ الَّذِي قَبْلَهُ. وَالثَّانِي، أَنْ يُعَلِّقَهُ عَلَى مُحَرَّمٍ، كَقَوْلِهِ: وَاَللَّهِ لَا أَطَؤُكِ حَتَّى تَشْرَبِي الْخَمْرَ. أَوْ: تَزْنِي. أَوْ: تُسْقِطِي وَلَدَك. أَوْ: تَتْرُكِي صَلَاةَ الْفَرْضِ. أَوْ: حَتَّى أَقْتُلَ زَيْدًا. أَوْ نَحْوَهُ. فَهَذَا إيلَاءٌ؛ لِأَنَّهُ عَلَّقَهُ بِمُمْتَنِعٍ شَرْعًا، فَأَشْبَهَ الْمُمْتَنِعَ حِسًّا. الثَّالِثُ، أَنْ يُعَلِّقَهُ عَلَى مَا عَلَى فَاعِلِهِ فِيهِ مَضَرَّةٌ، مِثْلُ أَنْ يَقُولَ: وَاَللَّهِ لَا أَطَؤُكِ حَتَّى تُسْقِطِي صَدَاقَك عَنِّي. أَوْ: حَتَّى تَكْفُلِي وَلَدِي. أَوْ: تَهَبِينِي دَارَك. أَوْ: حَتَّى يَبِيعَنِي أَبُوك دَارِهِ. أَوْ: نَحْوَ ذَلِكَ. فَهَذَا إيلَاءٌ؛ لِأَنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute