[فَصْلٌ الْمُسْتَحَبُّ أَنْ تُصَلِّيَ الْمَرْأَةُ فِي دِرْعٍ]
(٨٣٥) فَصْلٌ: وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ تُصَلِّي الْمَرْأَةُ فِي دِرْعٍ - وَهُوَ الْقَمِيصُ، لَكِنَّهُ سَابِغٌ يُغَطِّي قَدَمَيْهَا -، وَخِمَارٍ - يُغَطِّي رَأْسَهَا وَعُنُقَهَا -، وَجِلْبَابٍ - وَهُوَ الْمِلْحَفَةُ، تَلْتَحِفُ بِهِ مِنْ فَوْقِ الدِّرْعِ -؛ رُوِيَ نَحْوُ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ، وَابْنِهِ، وَعَائِشَةَ، وَعَبِيدَةَ السَّلْمَانِيِّ، وَعَطَاءٍ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ. قَالَ أَحْمَدُ: قَدْ اتَّفَقَ عَامَّتُهُمْ عَلَى الدِّرْعِ وَالْخِمَارِ، وَمَا زَادَ فَهُوَ خَيْرٌ وَأَسْتَرُ، وَلِأَنَّهُ إذَا كَانَ عَلَيْهَا جِلْبَابٌ، فَإِنَّهَا تُجَافِيهِ رَاكِعَةً وَسَاجِدَةً؛ لِئَلَّا تَصِفَهَا ثِيَابُهَا، فَتَبِينَ عَجِيزَتُهَا، وَمَوَاضِعُ عَوْرَاتِهَا الْمُغَلَّظَةِ.
[فَصْلٌ يُجَزِّئهَا مِنْ اللِّبَاسِ السَّتْرُ الْوَاجِبُ]
(٨٣٦) فَصْلٌ: وَيُجْزِئُهَا مِنْ اللِّبَاسِ السِّتْرُ الْوَاجِبُ عَلَى مَا بَيَّنَّا بِحَدِيثِ «أُمِّ سَلَمَةَ، أَنَّهَا سَأَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَتُصَلِّي الْمَرْأَةُ فِي دِرْعٍ وَخِمَارٍ، لَيْسَ عَلَيْهَا إزَارٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، إذَا كَانَ الدِّرْعُ سَابِغًا يُغَطِّي ظُهُورَ قَدَمَيْهَا» . وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَيْمُونَةَ، وَأُمِّ سَلَمَةَ، أَنَّهُمَا كَانَتَا تُصَلِّيَانِ فِي دِرْعٍ وَخِمَارٍ، لَيْسَ عَلَيْهِمَا إزَارٌ. رَوَاهُ مَالِكٌ، فِي الْمُوَطَّأِ. وَقَالَ أَحْمَدُ: قَدْ اتَّفَقَ عَامَّتُهُمْ عَلَى الدِّرْعِ وَالْخِمَارِ. وَلِأَنَّهَا سَتَرَتْ مَا يَجِبُ عَلَيْهَا سَتْرُهُ، فَأَجْزَأَتْهَا صَلَاتُهَا كَالرَّجُلِ.
[فَصْلٌ فَإِنْ انْكَشَفَ مِنْ الْمَرْأَةِ شَيْءٌ يَسِيرٌ مِنْ غَيْر الْوَجْه وَالْكَفَّيْنِ الصَّلَاة]
(٨٣٧) فَصْلٌ: فَإِنْ انْكَشَفَ مِنْ الْمَرْأَةِ شَيْءٌ يَسِيرٌ مِنْ غَيْرِ الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ فَلَا أَعْلَمُ فِيهَا قَوْلًا صَحِيحًا صَرِيحًا. وَظَاهِرُ قَوْلِ الْخِرَقِيِّ " إذَا انْكَشَفَ مِنْ الْمَرْأَةِ الْحُرَّةِ شَيْءٌ سِوَى وَجْهِهَا وَكَفَّيْهَا أَعَادَتْ " يَقْتَضِي بُطْلَانَ الصَّلَاةِ بِانْكِشَافِ الْيَسِيرِ؛ لِأَنَّهُ شَيْءٌ، يُمْكِنُ حَمْلُ ذَلِكَ عَلَى الْكَثِيرِ، لِمَا قَرَّرْنَا فِي عَوْرَةِ الرَّجُلِ أَنَّهُ يُعْفَى فِيهَا عَنْ الْيَسِيرِ. فَكَذَا هَاهُنَا. وَلِأَنَّهُ يَشُقُّ التَّحَرُّزُ مِنْ الْيَسِيرِ، فَعُفِيَ عَنْهُ قِيَاسًا عَلَى يَسِيرِ عَوْرَةِ الرَّجُلِ.
[فَصْلٌ يُكْرَهُ أَنْ تَنْتَقِبَ الْمَرْأَةُ وَهِيَ تُصَلِّي]
(٨٣٨) فَصْلٌ: وَيُكْرَهُ أَنْ تَنْتَقِبَ الْمَرْأَةُ وَهِيَ تُصَلِّي لِأَنَّهُ يُخِلُّ بِمُبَاشَرَةِ الْمُصَلَّى بِجَبْهَتِهَا وَأَنْفِهَا، وَيَجْرِي مَجْرَى تَغْطِيَةِ الْفَمِ لِلرَّجُلِ، وَقَدْ نَهَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْهُ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ عَلَى الْمَرْأَةِ أَنْ تَكْشِفَ وَجْهَهَا فِي الصَّلَاةِ وَالْإِحْرَامِ.
[فَصْلٌ صَلَاةُ الْأَمَةِ مَكْشُوفَةَ الرَّأْسِ]
(٨٣٩) فَصْلٌ: قَالَ: وَصَلَاةُ الْأَمَةِ مَكْشُوفَةَ الرَّأْسِ جَائِزَةٌ هَذَا قَوْلُ عَامَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ. لَا نَعْلَمُ أَحَدًا خَالَفَ فِي هَذَا إلَّا الْحَسَنَ، فَإِنَّهُ مِنْ بَيْنِ أَهْلِ الْعِلْمِ أَوْجَبَ عَلَيْهَا الْخِمَارَ إذَا تَزَوَّجَتْ، أَوْ اتَّخَذَهَا الرَّجُلُ لِنَفْسِهِ، وَاسْتَحَبَّ لَهَا عَطَاءٌ أَنْ تُقَنِّعَ إذَا صَلَّتْ، وَلَمْ يُوجِبْهُ. وَلَنَا، أَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ضَرَبَ أَمَةً لِآلِ أَنَسٍ رَآهَا مُتَقَنِّعَةً، وَقَالَ: اكْشِفِي رَأْسَكِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute