للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنْ أَسْلَمَ تَبَيَّنَّا أَنَّهُ أَجْزَأَهُ، وَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ تَبَيَّنَّا أَنَّهُ لَمْ يَصِحَّ مِنْهُ، كَسَائِرِ تَصَرُّفَاتِهِ.

[مَسْأَلَةٌ وَطِئَ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ بِكَفَّارَةِ الظِّهَار]

(٦٢٢٥) مَسْأَلَةٌ قَالَ: وَمَنْ وَطِئَ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ بِالْكَفَّارَةِ، كَانَ عَاصِيًا، وَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ الْمَذْكُورَةُ قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ الْمُظَاهِرَ يَحْرُمُ عَلَيْهِ وَطْءُ زَوْجَتِهِ قَبْلَ التَّكْفِيرِ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْعِتْقِ وَالصِّيَامِ: {مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} [المجادلة: ٣] . فَإِنْ وَطِئَ عَصَى رَبَّهُ لِمُخَالَفَةِ أَمْرِهِ، وَتَسْتَقِرُّ الْكَفَّارَةُ فِي ذِمَّتِهِ، فَلَا تَسْقُطُ بَعْدَ ذَلِكَ بِمَوْتٍ، وَلَا طَلَاقٍ، وَلَا غَيْرِهِ، وَتَحْرِيمُ زَوْجَتِهِ عَلَيْهِ بَاقٍ بِحَالِهِ، حَتَّى يُكَفِّرَ. هَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ. رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَعَطَاءٍ، وَطَاوُسٍ، وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، وَمُوَرِّقٍ الْعِجْلِيّ، وَأَبِي مِجْلَزٍ، وَالنَّخَعِيِّ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُذَيْنَةَ، وَمَالِكٍ، وَالثَّوْرِيِّ، وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَالشَّافِعِيِّ، وَإِسْحَاقَ، وَأَبِي ثَوْرٍ.

وَرَوَى الْخَلَّالُ عَنْ الصَّلْتِ بْنِ دِينَارٍ، قَالَ: سَأَلْتُ عَشَرَةً مِنْ الْفُقَهَاءِ عَنْ الْمُظَاهِرِ يُجَامِعُ قَبْلَ أَنْ يُكَفِّرَ؟ قَالُوا: لَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ. الْحَسَنُ، وَابْنُ سِيرِينَ، وَبَكْرُ الْمُزَنِيّ، وَمُوَرِّقُ الْعِجْلِيّ، وَعَطَاءٌ، وَطَاوُسٌ، وَمُجَاهِدٌ، وَعِكْرِمَةُ، وَقَتَادَةُ، وَقَالَ وَكِيعٌ: وَأَظُنُّ الْعَاشِرَ نَافِعًا. وَحُكِيَ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، أَنَّ عَلَيْهِ كَفَّارَتَيْنِ. وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ قَبِيصَةَ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَالزُّهْرِيِّ، وَقَتَادَةَ؛ لِأَنَّ الْوَطْءَ يُوجِبُ كَفَّارَةً، وَالظِّهَارُ مُوجِبٌ لِلْأُخْرَى. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا تَثْبُتُ الْكَفَّارَةُ فِي ذِمَّتِهِ، وَإِنَّمَا هِيَ شَرْطٌ لِلْإِبَاحَةِ بَعْدَ الْوَطْءِ. كَمَا كَانَتْ قَبْلَهُ.

وَحُكِيَ عَنْ بَعْضِ النَّاسِ أَنَّ الْكَفَّارَةَ تَسْقُطُ؛ لِأَنَّهُ فَاتَ وَقْتهَا؛ لِكَوْنِهَا وَجَبَتْ قَبْلَ الْمَسِيسِ. وَلَنَا حَدِيثُ «سَلَمَةَ بْنِ صَخْرٍ حِينَ ظَاهَرَ ثُمَّ وَطِئَ قَبْلَ التَّكْفِيرِ، فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِكَفَّارَةٍ وَاحِدَةٍ» . وَلِأَنَّهُ وُجِدَ الظِّهَارُ وَالْعَوْدُ، فَيَدْخُلُ فِي عُمُومِ قَوْله تَعَالَى: {ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [المجادلة: ٣] . فَأَمَّا قَوْلُهُمْ: فَاتَ وَقْتُهَا. فَيَبْطُلُ بِمَا ذَكَرْنَاهُ، وَبِالصَّلَاةِ، وَسَائِرُ الْعِبَادَاتِ يَجِبُ قَضَاؤُهَا بَعْدَ فَوَاتِ وَقْتِهَا.

[مَسْأَلَة قَالَتْ الْمَرْأَةُ لِزَوْجِهَا أَنْتَ عَلَيَّ كَظَهْرِ أَبِي]

(٦٢٢٦) مَسْأَلَةٌ قَالَ: وَإِذَا قَالَتْ الْمَرْأَةُ لِزَوْجِهَا: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أَبِي. لَمْ تَكُنْ مُظَاهِرَةً، وَلَزِمَتْهَا كَفَّارَةُ الظِّهَارِ؛ لِأَنَّهَا قَدْ أَتَتْ بِالْمُنْكَرِ مِنْ الْقَوْلِ وَالزُّورِ وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا قَالَتْ لِزَوْجِهَا: أَنْتَ عَلَيَّ كَظَهْرِ أَبِي. أَوْ قَالَتْ: إنْ تَزَوَّجْت فُلَانًا، فَهُوَ عَلَيَّ كَظَهْرِ أَبِي. فَلَيْسَ ذَلِكَ بِظِهَارٍ. قَالَ الْقَاضِي: لَا تَكُونُ مُظَاهِرَةً، رِوَايَةً وَاحِدَةً. وَهَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ؛ مِنْهُمْ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ. وَقَالَ الزُّهْرِيُّ، وَالْأَوْزَاعِيُّ: هُوَ ظِهَارٌ. وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ الْحَسَنِ، وَالنَّخَعِيِّ، إلَّا أَنَّ النَّخَعِيّ قَالَ: إذَا قَالَتْ ذَلِكَ بَعْدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>