وَإِنْ كَانَتْ الْمَقْطُوعَةُ ذَاتَ أَظْفَارٍ، إلَّا أَنَّهَا خَضْرَاءُ، أَوْ مُسْتَحْشِفَةٌ، أَخَذْنَا بِهَا السَّلِيمَةَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ عِلَّةٌ وَمَرَضٌ، وَالْمَرَضُ لَا يَمْنَعُ الْقِصَاصَ، بِدَلِيلِ أَنَّا نَأْخُذُ الصَّحِيحَ بِالسَّقِيمِ.
[مَسْأَلَةٌ كَانَ الْقَاطِعُ أَشَلَّ وَالْمَقْطُوعَةُ سَالِمَةً الْقِصَاصُ]
(٦٧٣٧) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَإِنْ كَانَ الْقَاطِعُ أَشَلَّ، وَالْمَقْطُوعَةُ سَالِمَةً، فَشَاءَ الْمَظْلُومُ أَخْذَهَا، فَذَلِكَ لَهُ، وَلَا شَيْءَ لَهُ غَيْرُهَا، وَإِنْ شَاءَ عَفَا، وَأَخَذَ دِيَةَ يَدِهِ) أَمَّا إذَا اخْتَارَ الدِّيَةَ، فَلَهُ دِيَةُ يَدِهِ، لَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا؛ لِأَنَّهُ عَجَزَ عَنْ اسْتِيفَاءِ حَقِّهِ عَلَى الْكَمَالِ بِالْقِصَاصِ، فَكَانَتْ لَهُ الدِّيَةُ، كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ لِلْقَاطِعِ يَدٌ. وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَمَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ. وَإِنْ اخْتَارَ الْقِصَاصَ، سُئِلَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ، فَإِنْ قَالُوا: إنَّهُ إذَا قُطِعَ لَمْ تَنْسَدَّ الْعُرُوقُ، وَدَخَلَ الْهَوَاءُ إلَى الْبَدَنِ فَأَفْسَدَهُ. سَقَطَ الْقِصَاصُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَخْذُ نَفْسٍ بِطَرَفٍ.
وَإِنْ أُمِنَ هَذَا، فَلَهُ الْقِصَاصُ؛ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِدُونِ حَقِّهِ، فَكَانَ لَهُ ذَلِكَ، كَمَا لَوْ رَضِيَ الْمُسْلِمُ بِالْقِصَاصِ مِنْ الذِّمِّيِّ، وَالرَّجُلُ مِنْ الْمَرْأَةِ، وَالْحُرُّ مِنْ الْعَبْدِ، وَلَيْسَ لَهُ مَعَ الْقِصَاصِ أَرْشٌ؛ لِأَنَّ الشَّلَّاءَ كَالصَّحِيحَةِ فِي الْخِلْقَةِ، وَإِنَّمَا نَقَصَتْ فِي الصِّفَةِ، فَلَمْ يَكُنْ لَهُ أَرْشٌ، كَالصُّوَرِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا. وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: عِنْدِي لَهُ أَرْشٌ مَعَ الْقِصَاصِ. عَلَى قِيَاسِ قَوْلِهِ فِي عَيْنِ الْأَعْوَرِ. وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ؛ فَإِنَّ إلْحَاقَ هَذَا الْفَرْعِ بِالْأُصُولِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهَا، أَوْلَى مِنْ إلْحَاقِهِ بِفَرْعٍ مُخْتَلَفٍ فِيهِ، خَارِجٍ عَنْ الْأُصُولِ، مُخَالِفٍ لِلْقِيَاسِ.
[فَصْلٌ تُؤْخَذُ الشَّلَّاءُ بِالشَّلَّاءِ الْقِصَاصُ]
(٦٧٣٨) فَصْلٌ: وَتُؤْخَذُ الشَّلَّاءُ بِالشَّلَّاءِ، إذَا أُمِنَ فِي الِاسْتِيفَاءِ الزِّيَادَةُ. وَقَالَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ، لَا تُؤْخَذُ بِهَا، فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ؛ لِأَنَّ الشَّلَلَ عِلَّةٌ، وَالْعِلَلُ يَخْتَلِفُ تَأْثِيرُهَا فِي الْبَدَن، فَلَا تَتَحَقَّقُ الْمُمَاثَلَةُ بَيْنَهُمَا. وَلَنَا، أَنَّهُمَا مُتَمَاثِلَانِ فِي ذَاتِ الْعُضْوِ وَصِفَتِهِ، فَجَازَ أَخْذُ إحْدَاهُمَا بِالْأُخْرَى، كَالصَّحِيحَةِ بِالصَّحِيحَةِ.
[فَصْلٌ تُؤْخَذُ فِي الْقِصَاصِ الْيَدُ النَّاقِصَةُ بِالنَّاقِصَةِ]
(٦٧٣٩) فَصْلٌ: وَتُؤْخَذُ النَّاقِصَةُ بِالنَّاقِصَةِ، إذَا تَسَاوَتَا فِيهِ، بِأَنْ يَكُونَ الْمَقْطُوعُ مِنْ يَدِ الْجَانِي كَالْمَقْطُوعِ مِنْ يَدِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُمَا تَسَاوَتَا فِي الذَّاتِ وَالصِّفَةِ. فَأَمَّا إنْ اخْتَلَفَا، فَكَانَ الْمَقْطُوعُ مِنْ يَدِ أَحَدِهِمَا الْإِبْهَامَ، وَمِنْ الْأُخْرَى إصْبَعَ غَيْرِهَا، لَمْ يَجُزْ الْقِصَاصُ؛ لِأَنَّ فِيهِ أَخْذَ إصْبَعٍ بِغَيْرِهَا. وَإِنْ كَانَتْ يَدُ أَحَدِهِمَا نَاقِصَةً إصْبَعًا، وَالْأُخْرَى نَاقِصَةً تِلْكَ الْإِصْبَعُ وَأُخْرَى، جَازَ أَخْذُ النَّاقِصَةِ إصْبَعَيْنِ بِالنَّاقِصَةِ إصْبَعًا. وَهَلْ لَهُ أَرْشُ إصْبَعِهِ الزَّائِدَةِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ. وَلَا يَجُوزُ أَخْذُ الْأُخْرَى بِهَا؛ لِأَنَّ الْكَامِلَةَ لَا تُؤْخَذُ بِالنَّاقِصَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute