ثُمَّ قَالَ: هَذِهِ لِهَؤُلَاءِ. ثُمَّ قَرَأَ {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى} [الحشر: ٧] حَتَّى بَلَغَ: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ} [الحشر: ١٠] . ثُمَّ قَالَ: هَذِهِ اسْتَوْعَبَتْ الْمُسْلِمِينَ عَامَّةً، وَلَئِنْ عِشْت لِيَأْتِيَنَّ الرَّاعِي وَهُوَ بِسَرْوِ حِمْيَرَ نَصِيبُهُ مِنْهَا، لَمْ يَعْرَقْ بِهِ جَبِينُهُ
(٥٠٧٣) فَصْلٌ: وَلَمْ تَكُنْ الْغَنَائِمُ تَحِلُّ لِمَنْ مَضَى مِنْ الْأُمَمِ وَإِنَّمَا عَلِمَ اللَّهُ ضَعْفَنَا، فَطَيَّبَهَا لَنَا، رَحْمَةً لَنَا، وَرَأْفَةً بِنَا، وَكَرَامَةً لِنَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ نَبِيٌّ قَبْلِي» . فَذَكَرَ فِيهَا: «أُحِلَّتْ لِي الْغَنَائِمُ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَقَالَ سَعِيدٌ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَمْ تَحِلَّ الْغَنَائِمُ لِقَوْمٍ سُودِ الرُّءُوسِ غَيْرِكُمْ، كَانَتْ تَنْزِلُ نَارٌ مِنْ السَّمَاءِ تَأْكُلُهَا» ثُمَّ كَانَتْ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
بِدَلِيلِ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنْفَالِ قُلِ الأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ} [الأنفال: ١] ثُمَّ صَارَ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهَا لِلْغَانِمِينَ، وَالْخُمُسُ لِغَيْرِهِمْ، بِدَلِيلِ قَوْله تَعَالَى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} [الأنفال: ٤١] . فَأَضَافَ الْغَنِيمَةَ إلَيْهِمْ، وَجَعَلَ الْخُمُسَ لِغَيْرِهِمْ، فَيَدُلُّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ سَائِرَهَا لَهُمْ، وَجَرَى ذَلِكَ مَجْرَى قَوْله تَعَالَى: {وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ} [النساء: ١١] . أَضَافَ مِيرَاثَهُ إلَيْهِمَا، ثُمَّ جَعَلَ لِلْأُمِّ مِنْهُ الثُّلُثَ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْبَاقِيَ لِلْأَبِ. وَقَالَ تَعَالَى: {فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلالا طَيِّبًا} [الأنفال: ٦٩] فَأَحَلَّهَا لَهُمْ.
[مَسْأَلَةٌ الْفَيْءُ مَا أُخِذَ مِنْ مَالِ مُشْرِكٍ بِحَالِ]
مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (فَالْفَيْءُ مَا أُخِذَ مِنْ مَالِ مُشْرِكٍ بِحَالٍ، وَلَمْ يُوجَفْ عَلَيْهِ بِخَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ. وَالْغَنِيمَةُ مَا أُوجِفَ عَلَيْهَا) الرِّكَابُ: الْإِبِلُ خَاصَّةً. وَالْإِيجَافُ أَصْلُهُ التَّحْرِيكُ، وَالْمُرَادُ هَا هُنَا الْحَرَكَةُ فِي السَّيْرِ إلَيْهِ. قَالَ قَتَادَةُ: {فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكَابٍ} [الحشر: ٦] مَا قَطَعْتُمْ وَادِيًا، وَلَا سَيَّرْتُمْ إلَيْهَا دَابَّةً، إنَّمَا كَانَتْ حَوَائِطَ بَنِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute