وَبِهَذَا قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَمَسْرُوقٌ وَالشَّافِعِيُّ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَذَكَرَ أَبُو عُبَيْدٍ أَنَّهُ مَذْهَبُ الثَّوْرِيِّ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَأَهْلِ الرَّأْيِ. وَقَالَ مَالِكٌ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ: يُسَوِّي بَيْنَ الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ فِي الْقَسْمِ؛ لِأَنَّهُمَا سَوَاءٌ فِي حُقُوقِ النِّكَاحِ؛ مِنْ النَّفَقَةِ، وَالسُّكْنَى، وَقَسْمُ الِابْتِدَاءِ، كَذَلِكَ هَاهُنَا.
وَلَنَا، مَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ كَانَ يَقُولَ: إذَا تَزَوَّجَ الْحُرَّةَ عَلَى الْأَمَةِ، قَسَمَ لِلْأَمَةِ لَيْلَةً وَلِلْحُرَّةِ لَيْلَتَيْنِ. رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ، وَاحْتَجَّ بِهِ أَحْمَدُ وَلِأَنَّ الْحُرَّةَ يَجِبُ تَسْلِيمُهَا لَيْلًا وَنَهَارًا، فَكَانَ حَظُّهَا أَكْثَرَ فِي الْإِيوَاءِ، وَيُخَالِفُ النَّفَقَةَ وَالسُّكْنَى، فَإِنَّهُ مُقَدَّرٌ بِالْحَاجَةِ، وَحَاجَتُهَا إلَى ذَلِكَ كَحَاجَةِ الْحُرَّةِ. وَأَمَّا قَسْمُ الِابْتِدَاءِ فَإِنَّمَا شُرِعَ لِيَزُولَ الِاحْتِشَامُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ صَاحِبِهِ، وَلَا يَخْتَلِفَانِ فِي ذَلِكَ، وَفِي مَسْأَلَتِنَا يَقْسِمُ لَهُمَا لِتَسَاوِي حَظِّهِمَا.
(٥٧٢١) فَصْلٌ: وَالْمُسْلِمَةُ وَالْكِتَابِيَّةُ سَوَاءٌ فِي الْقَسْمِ، فَلَوْ كَانَتْ لَهُ امْرَأَتَانِ، أَمَهٌ مُسْلِمَةٌ، وَحُرَّةٌ كِتَابِيَّةٌ، قَسَمَ لِلْأَمَةِ لَيْلَةً وَلِلْحُرَّةِ لَيْلَتَيْنِ، وَإِنْ كَانَتَا جَمِيعًا حُرَّتَيْنِ، فَلَيْلَةٌ وَلَيْلَةٌ. قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ أَجْمَعَ كُلُّ مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، عَلَى أَنَّ الْقَسْمَ بَيْنَ الْمُسْلِمَةِ وَالذِّمِّيَّةِ سَوَاءٌ. كَذَلِكَ قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَالْحَسَنُ وَالشَّعْبِيُّ وَالنَّخَعِيُّ وَالزُّهْرِيُّ وَالْحَكَمُ، وَحَمَّادُ، وَمَالِكٌ وَالثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْقَسْمَ مِنْ حُقُوقِ الزَّوْجِيَّةِ، فَاسْتَوَتْ فِيهِ الْمُسْلِمَةُ وَالْكِتَابِيَّةُ، كَالنَّفَقَةِ وَالسُّكْنَى.
وَيُفَارِقُ الْأَمَةَ؛ لِأَنَّ الْأَمَةَ لَا يَتِمُّ تَسْلِيمُهَا، وَلَا يَحْصُلُ لَهَا الْإِيوَاءُ التَّامُّ، بِخِلَافِ الْكِتَابِيَّةِ.
[فَصْلٌ أَعْتَقَتْ الْأَمَةُ فِي أَثْنَاءِ مُدَّتِهَا]
(٥٧٢٢) فَصْلٌ: فَإِنْ أُعْتِقَتْ الْأَمَةُ فِي أَثْنَاءِ مُدَّتِهَا، أَضَافَ إلَى لَيْلَتِهَا لَيْلَةً أُخْرَى، لِتُسَاوِي الْحُرَّةَ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّتِهَا، اُسْتُؤْنِفَ الْقَسْمُ مُتَسَاوِيًا، وَلَمْ يَقْضِ لَهَا مَا مَضَى؛ لِأَنَّ الْحُرِّيَّةَ حَصَلَتْ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ حَقِّهَا. وَإِنْ عَتَقَتْ، وَقَدْ قَسَمَ لِلْحُرَّةِ لَيْلَةً، لَمْ يَزِدْهَا عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمَا تَسَاوَيَا، فَيُسَوِّي بَيْنَهُمَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute