يُقْطَعْ بِهِ، كَالسَّرِقَةِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ.
وَقَالَ أَحْمَدُ: لَا يُقْطَعُ بِسَرِقَةِ سِتَارَةِ الْكَعْبَةِ الْخَارِجَةِ مِنْهَا. وَقَالَ الْقَاضِي: هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا لَيْسَتْ بِمَخِيطَةٍ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا تُحْرَزُ بِخِيَاطَتِهَا. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا قَطْعَ فِيهَا بِحَالٍ؛ لِمَا ذَكَرْنَا فِي الْبَابِ.
[فَصْلٌ أَجَّرَ دَارِهِ ثُمَّ سَرَقَ مِنْهَا مَالَ الْمُسْتَأْجِرِ]
(٧٢٦٤) فَصْلٌ: وَإِذَا أَجَّرَ دَارِهِ، ثُمَّ سَرَقَ مِنْهَا مَالِ الْمُسْتَأْجِرِ، فَعَلَيْهِ الْقَطْعُ. وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو حَنِيفَةَ. وَقَالَ صَاحِبَاهُ: لَا قَطْعَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ تَحْدُثُ فِي مِلْكِ الْآجِرِ، ثُمَّ تَنْتَقِلُ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ. وَلَنَا أَنَّهُ هَتَكَ حِرْزًا، وَسَرَقَ مِنْهُ نِصَابًا لَا شُبْهَةَ لَهُ، فَوَجَبَ الْقَطْعُ، كَمَا لَوْ سَرَقَ مِنْ مِلْكِ الْمُسْتَأْجِرِ. وَمَا قَالَاهُ لَا نُسَلِّمُهُ. وَلَوْ اسْتَعَارَ دَارًا فَنَقَبَهَا الْمُعِيرُ، وَسَرَقَ مَالَ الْمُسْتَعِيرِ مِنْهَا، قُطِعَ أَيْضًا. وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ، فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا قَطْعَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ مِلْكٌ لَهُ، فَمَا هَتَكَ حِرْزَ غَيْرِهِ؛ وَلِأَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ مَتَى شَاءَ، وَهَذَا يَكُونُ رُجُوعًا.
وَلَنَا مَا تَقَدَّمَ فِي الَّتِي قَبْلَهَا، وَلَا يَصِحُّ مَا ذَكَرَهُ، لِأَنَّ هَذَا قَدْ صَارَ حِرْزًا لِمَالِ غَيْرِهِ، لَا يَجُوزُ لَهُ الدُّخُولُ إلَيْهِ، وَإِنَّمَا يَجُوزُ لَهُ الرُّجُوعُ فِي الْعَارِيَّةِ، وَالْمُطَالَبَةُ بِرَدِّهِ إلَيْهِ.
[فَصْلٌ غَصَبَ بَيْتًا فَأَحْرَزَ فِيهِ مَالَهُ فَسَرَقَهُ مِنْهُ أَجْنَبِيٌّ أَوْ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ]
(٧٢٦٥) فَصْلٌ: وَإِنْ غَصَبَ بَيْتًا، فَأَحْرَزَ فِيهِ مَالَهُ، فَسَرَقَهُ مِنْهُ أَجْنَبِيٌّ، أَوْ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ، فَلَا قَطْعَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا حُكْمَ بِحِرْزِهِ إذَا كَانَ مُتَعَدِّيًا بِهِ، ظَالِمًا فِيهِ.
[فَصْلٌ سَرَقَ الضَّيْفُ مِنْ مَالِ مُضِيفِهِ شَيْئًا نَظَرْت]
فَصْلٌ: وَإِذَا سَرَقَ الضَّيْفُ مِنْ مَالِ مُضِيفِهِ شَيْئًا، نَظَرْت، فَإِنْ سَرَقَهُ مِنْ الْمَوْضِعِ الَّذِي أَنْزَلَهُ فِيهِ، أَوْ مَوْضِعٍ لَمْ يُحْرِزْهُ عَنْهُ، لَمْ يُقْطَعْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْرِقْ مِنْ حِرْزٍ، وَإِنْ سَرَقَ مِنْ مَوْضِعٍ مُحْرَزٍ دُونَهُ، نَظَرْت؛ فَإِنْ كَانَ مَنَعَهُ قِرَاهُ، فَسَرَقَ بِقَدْرِهِ، فَلَا قَطْعَ عَلَيْهِ أَيْضًا، وَإِنْ لَمْ يَمْنَعْهُ قِرَاهُ، فَعَلَيْهِ الْقَطْعُ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ لَا قَطْعَ عَلَى الضَّيْفِ. وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى إحْدَى الْحَالَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا قَطْعَ عَلَيْهِ بِحَالٍ؛ لِأَنَّ الْمُضِيفَ بَسَطَهُ فِي بَيْتِهِ وَمَالِهِ، فَأَشْبَهَ ابْنَهُ.
وَلَنَا أَنَّهُ سَرَقَ مَالًا مُحْرَزًا عَنْهُ، لَا شُبْهَةَ لَهُ فِيهِ، فَلَزِمَهُ الْقَطْعُ، كَالْأَجْنَبِيِّ. وَقَوْلُهُ: إنَّهُ بَسَطَهُ فِيهِ. لَا يَصِحُّ، فَإِنَّهُ أَحْرَزَ عَنْهُ هَذَا الْمَالَ، وَلَمْ يَبْسُطْهُ فِيهِ، وَتَبَسُّطُهُ فِي غَيْرِهِ لَا يُوجِبُ تَبَسُّطَهُ فِيهِ، كَمَا لَوْ تَصَدَّقَ عَلَى مِسْكِينٍ بِصَدَقَةٍ، أَوْ أَهْدَى إلَى صَدِيقِهِ هَدِيَّةً، فَإِنَّهُ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ الْقَطْعُ بِالسَّرِقَةِ مِنْ غَيْرِ مَا تَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْهِ، أَوْ أَهْدَى إلَيْهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute