للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْلٌ قَالَ لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ كَبِيرٌ]

(٣٨٤٠) فَصْلٌ: وَإِنْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ كَبِيرٌ. لَزِمَهُ دِرْهَمٌ مِنْ دَرَاهِمِ الْإِسْلَامِ؛ لِأَنَّهُ كَبِيرٌ فِي الْعُرْفِ.

وَإِنْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ دُرَيْهِمٌ. فَهُوَ كَمَا لَوْ قَالَ: دِرْهَمٌ؛ لِأَنَّ التَّصْغِيرَ قَدْ يَكُونُ لِصِغَرِهِ فِي ذَاتِهِ، أَوْ لِقِلَّةِ قَدْرِهِ عِنْدَهُ وَتَحْقِيرِهِ، وَقَدْ يَكُون لِمَحَبَّتِهِ كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:

بِذَيَّالِك الْوَادِي أَهِيمُ وَلَمْ أَقُلْ ... بِذَيَّالِك الْوَادِي وَذُيَّاكَ مِنْ زُهْدِ

وَلَكِنْ إذَا مَا حُبَّ شَيْءٌ تَوَلَّعَتْ ... بِهِ أَحْرُفُ التَّصْغِيرِ مِنْ شِدَّةِ الْوَجْدِ

وَإِنْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ عَدَدًا. لَزِمَتْهُ عَشْرَةٌ مَعْدُودَةٌ وَازِنَةٌ؛ لِأَنَّ إطْلَاقَ الدَّرَاهِمِ يَقْتَضِي وَازِنَةً، وَذِكْرُ الْعَدَدِ لَا يُنَافِيهَا، فَوَجَبَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا.

فَإِنْ كَانَ فِي بَلَدٍ يَتَعَامَلُونَ بِهَا عَدَدًا مِنْ غَيْرِ وَزْنٍ، فَحُكْمُهُ حُكْمُ مَا لَوْ أَقَرَّ بِهَا فِي بَلَدٍ أَوْزَانُهُمْ نَاقِصَةٌ، أَوْ دَرَاهِمُهُمْ مَغْشُوشَةٌ، عَلَى مَا فُصِّلَ فِيهِ.

[فَصْلٌ أَقَرَّ بِدِرْهَمِ ثُمَّ أَقَرَّ بِدِرْهَمِ]

(٣٨٤١) فَصْلٌ: وَإِذَا أَقَرَّ بِدِرْهَمٍ، ثُمَّ أَقَرَّ بِدِرْهَمٍ، لَزِمَهُ دِرْهَمٌ وَاحِدٌ. وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يَلْزَمُهُ دِرْهَمَانِ، كَمَا لَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ وَدِرْهَمٌ. وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْإِقْرَارُ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ أَوْ فِي أَوْقَاتٍ، أَوْ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ أَوْ مَجَالِسَ. وَلَنَا، أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَدْ كَرَّرَ الْخَبَرَ عَنْ الْأَوَّلِ، كَمَا كَرَّرَ اللَّهُ تَعَالَى الْخَبَرَ عَنْ إرْسَالِهِ نُوحًا وَهُودًا وَصَالِحًا وَلُوطًا وَشُعَيْبًا وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى، وَلَمْ يَكُنْ الْمَذْكُورُ فِي قِصَّةٍ غَيْرَ الْمَذْكُورِ فِي أُخْرَى، كَذَا هَاهُنَا. فَإِنْ وَصَفَ أَحَدَهُمَا وَأَطْلَقَ الْآخَرَ، فَكَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُطْلَقُ هُوَ الْمَوْصُوفَ، أَطْلَقَهُ فِي حَالٍ وَوَصَفَهُ فِي حَالٍ.

وَإِنْ وَصَفَهُ بِصِفَةٍ وَاحِدَةٍ فِي الْمَرَّتَيْنِ، كَانَ تَأْكِيدًا لِمَا ذَكَرْنَا، وَإِنْ وَصَفَهُ فِي إحْدَى الْمَرَّتَيْنِ بِغَيْرِ مَا وَصَفَهُ فِي الْأُخْرَى، فَقَالَ: دِرْهَمٌ مِنْ ثَمَنِ مَبِيعٍ. ثُمَّ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ مِنْ قَرْضٍ، أَوْ دِرْهَمٌ مِنْ ثَمَنِ ثَوْبٍ. ثُمَّ قَالَ: دِرْهَمٌ مِنْ ثَمَنِ عَبْدٍ. أَوْ قَالَ: دِرْهَمٌ أَبْيَضُ، ثُمَّ قَالَ: دِرْهَمٌ أَسْوَدُ. فَهُمَا دِرْهَمَانِ؛ لِأَنَّهُمَا مُتَغَايِرَانِ.

[فَصْل قَالَ لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ وَدِرْهَمٌ أَوْ دِرْهَمٌ فَدِرْهَمٌ أَوْ دِرْهَمٌ ثُمَّ دِرْهَمٌ]

(٣٨٤٢) فَصْلٌ: وَإِنْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ وَدِرْهَمٌ أَوْ دِرْهَمٌ ثُمَّ دِرْهَمٌ أَوْ دِرْهَمٌ فَدِرْهَمٌ. أَوْ دِرْهَمٌ ثُمَّ دِرْهَمٌ. لَزِمَهُ دِرْهَمَانِ. وَبِهَذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ. وَذَكَرَ الْقَاضِي وَجْهًا، فِيمَا إذَا قَالَ: دِرْهَمٌ فَدِرْهَمٌ. وَقَالَ: أَرَدْت: دِرْهَمٌ فَدِرْهَمٌ لَازِمٌ لِي. أَنَّهُ يُقْبَلُ مِنْهُ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ الصِّفَةَ.

وَلَنَا، أَنَّ الْفَاءَ أَحَدُ حُرُوفِ الْعَطْفِ الثَّلَاثَةِ، فَأَشْبَهَتْ الْوَاوَ وَثُمَّ، وَلِأَنَّهُ عَطَفَ شَيْئًا عَلَى شَيْءٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>