وَحُكِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ: إنْ انْتَقَلَتْ مِنْ بَلَدٍ إلَى قَرْيَةٍ، فَالْأَبُ أَحَقُّ، وَإِنْ انْتَقَلَتْ إلَى بَلَدٍ آخَرَ، فَهِيَ أَحَقُّ؛ لِأَنَّ فِي الْبَلَدِ يُمْكِنُ تَعْلِيمُهُ وَتَخْرِيجُهُ وَلَنَا، أَنَّهُ اخْتَلَفَ مَسْكَنُ الْأَبَوَيْنِ، فَكَانَ الْأَبُ أَحَقَّ، كَمَا لَوْ انْتَقَلَتْ مِنْ بَلَدٍ إلَى قَرْيَةٍ، أَوْ إلَى بَلَدٍ لَمْ يَكُنْ فِيهِ أَصْلُ النِّكَاحِ، وَمَا ذَكَرُوهُ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْأَبَ فِي الْعَادَةِ هُوَ الَّذِي يَقُومُ بِتَأْدِيبِ ابْنِهِ وَتَخْرِيجِهِ وَحِفْظِ نَسَبِهِ، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِي بَلَدِهِ ضَاعَ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ كَانَ فِي قَرْيَةٍ
وَإِنْ انْتَقَلَا جَمِيعًا إلَى بَلَدٍ وَاحِدٍ، فَالْأُمُّ بَاقِيَةٌ عَلَى حَضَانَتِهَا وَكَذَلِكَ إنْ أَخَذَهُ الْأَبُ لِافْتِرَاقِ الْبَلَدَيْنِ، ثُمَّ اجْتَمَعَا، عَادَتْ إلَى الْأُمِّ حَضَانَتُهَا وَغَيْرُ الْأُمِّ مِمَّنْ لَهُ الْحَضَانَةُ مِنْ النِّسَاءِ، يَقُومُ مَقَامَهَا، وَغَيْرُ الْأَبِ مِنْ عَصَبَاتِ الْوَلَدِ، يَقُومُ مَقَامَهُ، عِنْدَ عَدَمِهِمَا، أَوْ كَوْنِهِمَا مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الْحَضَانَةِ.
[مَسْأَلَةٌ لَمْ تَكُنْ أُمٌّ أَوْ تَزَوَّجَتْ الْأُمُّ عَلَى مَنْ الْحَضَانَةُ]
(٦٥٤٥) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (فَإِنْ لَمْ تَكُنْ أُمٌّ، أَوْ تَزَوَّجَتْ الْأُمُّ، فَأُمُّ الْأَبِ أَحَقُّ مِنْ الْخَالَةِ) فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ: فَصْلَانِ: (٦٥٤٦) الْفَصْلُ الْأَوَّلُ: أَنَّ الْأُمَّ إذَا تَزَوَّجَتْ، سَقَطَتْ حَضَانَتُهَا قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ عَلَى هَذَا كُلُّ مَنْ أَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ قَضَى بِهِ شُرَيْحٌ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ وَحُكِيَ عَنْ الْحَسَنِ، أَنَّهَا لَا تَسْقُطُ بِالتَّزْوِيجِ وَنَقَلَ مُهَنَّا عَنْ أَحْمَدَ: إذَا تَزَوَّجَتْ الْأُمُّ، وَابْنُهَا صَغِيرٌ، أُخِذَ مِنْهَا قِيلَ لَهُ: فَالْجَارِيَةُ مِثْلُ الصَّبِيِّ؟ قَالَ: لَا، الْجَارِيَةُ تَكُونُ مَعَهَا إلَى سَبْعِ سِنِينَ فَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ لَمْ يَزُلْ الْحَضَانَةَ عَنْ الْجَارِيَةِ لِتَزْوِيجِ أُمِّهَا، وَأَزَالَهَا عَنْ الْغُلَامِ وَوَجْهُ ذَلِكَ مَا رُوِيَ، أَنَّ عَلِيًّا وَجَعْفَرًا وَزَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ، تَنَازَعُوا فِي حَضَانَةِ ابْنَةِ حَمْزَةَ، فَقَالَ عَلِيٌّ: ابْنَةُ عَمِّي، وَأَنَا أَخَذْتُهَا
وَقَالَ زَيْدٌ: بِنْتُ أَخِي؛ لِأَنَّ «رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - آخَى بَيْنَ زَيْدٍ وَحَمْزَةَ وَقَالَ جَعْفَرٌ: بِنْتُ عَمِّي، وَعِنْدِي خَالَتُهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: الْخَالَةُ أُمٌّ» وَسَلَّمَهَا إلَى جَعْفَرٍ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِنَحْوِ هَذَا الْمَعْنَى، فَجَعَلَ لَهَا الْحَضَانَةَ وَهِيَ مُزَوَّجَةٌ وَالرِّوَايَةُ الْأُولَى هِيَ الصَّحِيحَةُ قَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى: وَعَلَيْهَا الْعَمَلُ؛ «لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْمَرْأَةِ: أَنْتِ أَحَقُّ بِهِ، مَا لَمْ تَنْكِحِي» وَلِأَنَّهَا إذَا تَزَوَّجَتْ، اشْتَغَلَتْ حُقُوقُ الزَّوْجِ عَنْ الْحَضَانَةِ، فَكَانَ الْأَبُ أَحْظَ لَهُ، وَلِأَنَّ مَنَافِعَهَا تَكُونُ مَمْلُوكَةً لِغَيْرِهَا، فَأَشْبَهْت الْمَمْلُوكَةَ
فَأَمَّا بِنْتُ حَمْزَةَ، فَإِنَّمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute