للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَنَا، أَنَّهُ مَعْنًى يُوجِبُ الْقَضَاءَ، فَاسْتَوَتْ فِيهِ الْأَحْوَالُ كُلُّهَا كَالْفَوَاتِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَا بَعْدَ يَوْمِ النَّحْرِ أَوْ قَبْلَهُ؛ لِأَنَّهُ وَطِئَ قَبْلَ التَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ، فَفَسَدَ حَجُّهُ، كَمَا لَوْ وَطِئَ يَوْمَ النَّحْرِ. (٢٦٢١) الْفَصْلُ الثَّانِي، أَنَّهُ يَلْزَمُهُ بَدَنَةٌ. وَبِهَذَا قَالَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إنْ وَطِئَ قَبْلَ الْوُقُوفِ فَسَدَ حَجُّهُ وَعَلَيْهِ شَاةٌ، وَإِنْ وَطِئَ بَعْدَهُ لَمْ يَفْسُدْ حَجُّهُ، وَعَلَيْهِ بَدَنَةٌ؛ لِأَنَّ الْوَطْءَ قَبْلَ الْوُقُوفِ مَعْنًى يَتَعَلَّقُ بِهِ وُجُوبُ الْقَضَاءِ، فَلَمْ يُوجِبْ بَدَنَةً، كَالْفَوَاتِ. وَلَنَا، أَنَّهُ قَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلُ قَوْلِنَا، وَلِأَنَّهُ وَطْءٌ صَادَفَ إحْرَامًا تَامًّا، فَأَوْجَبَ الْبَدَنَةَ، كَمَا بَعْدَ الْوُقُوفِ، وَلِأَنَّ مَا يُفْسِدُ الْحَجَّ الْجِنَايَةُ بِهِ أَعْظَمُ، فَكَفَّارَتُهُ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ أَغْلَظَ.

وَأَمَّا الْفَوَاتُ، فَإِنَّهُمْ يُوجِبُونَ بِهِ بَدَنَةً، فَكَيْفَ يَصِحُّ الْقِيَاسُ عَلَيْهِ؟ الْفَصْلُ الثَّالِثُ، أَنَّهُ لَا دَمَ عَلَيْهَا فِي حَالِ الْإِكْرَاهِ. وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ، وَمَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَإِسْحَاقَ، وَأَبِي ثَوْرٍ.

وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: عَلَيْهَا دَمٌ آخَرُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ فَسَدَ حَجُّهَا، فَوَجَبَتْ الْبَدَنَةُ، كَمَا لَوْ طَاوَعَتْ. وَلَنَا، أَنَّهَا كَفَّارَةٌ تَجِبُ بِالْجِمَاعِ، فَلَمْ تَجِبْ عَلَى الْمَرْأَةِ فِي حَالِ الْإِكْرَاهِ، كَمَا لَوْ وَطِئَ فِي الصَّوْمِ.

[فَصْل الْوَطْء قَبْلَ التَّحَلُّلِ مِنْ الْعُمْرَةِ]

(٢٦٢٣) فَصْلٌ: وَمَنْ وَطِئَ قَبْلَ التَّحَلُّلِ مِنْ الْعُمْرَةِ، فَسَدَتْ عُمْرَتُهُ، وَعَلَيْهِ شَاةٌ مَعَ الْقَضَاءِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: عَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَبَدَنَةٌ؛ لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ تَشْتَمِلُ عَلَى طَوَافٍ وَسَعْيٍ، فَأَشْبَهَتْ الْحَجَّ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إنْ وَطِئَ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ أَرْبَعَةَ أَشْوَاطٍ كَقَوْلِنَا، وَإِنْ وَطِئَ بَعْدَ ذَلِكَ فَعَلَيْهِ شَاةٌ، وَلَا تَفْسُدُ عُمْرَتُهُ.

وَلَنَا عَلَى الشَّافِعِيِّ، أَنَّهَا عِبَادَةٌ لَا وُقُوفَ فِيهَا، فَلَمْ يَجِبْ فِيهَا بَدَنَةٌ، كَمَا لَوْ قَرَنَهَا بِالْحَجِّ، وَلِأَنَّ الْعُمْرَةَ دُونَ الْحَجِّ، فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ حُكْمُهَا دُونَ حُكْمِهِ، وَبِهَذَا يَخْرُجُ الْحَجُّ.

وَلَنَا عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ، أَنَّ الْجِمَاعَ مِنْ مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ، فَاسْتَوَى فِيهِ مَا قَبْلَ الطَّوَافِ وَبَعْدَهُ، كَسَائِرِ الْمَحْظُورَاتِ، وَلِأَنَّهُ وَطْءٌ صَادَفَ إحْرَامًا تَامًّا فَأَفْسَدَهُ، كَمَا قَبْلَ الطَّوَافِ.

[فَصْل أَفْسَدَ الْقَارِنُ وَالْمُتَمَتِّعُ نُسُكَهُمَا]

(٢٦٢٤) فَصْلٌ: إذَا أَفْسَدَ الْقَارِنُ وَالْمُتَمَتِّعُ نُسُكَهُمَا، لَمْ يَسْقُطْ الدَّمُ عَنْهُمَا. وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يَسْقُطُ. وَعَنْ أَحْمَدَ مِثْلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ التَّرَفُّهُ بِسُقُوطِ أَحَدِ السَّفَرَيْنِ.

وَلَنَا، أَنَّ مَا وَجَبَ فِي النُّسُكِ الصَّحِيحِ وَجَبَ فِي الْفَاسِدِ، كَالْأَفْعَالِ، وَلِأَنَّهُ دَمٌ وَجَبَ عَلَيْهِ، فَلَا يَسْقُطُ بِالْإِفْسَادِ، كَالدَّمِ الْوَاجِبِ لِتَرْكِ الْمِيقَاتِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>