فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى، وَفِي الرَّكْعَةِ الْآخِرَةِ: إذَا جَاءَك الْمُنَافِقُونَ. فَلَمَّا قَضَى أَبُو هُرَيْرَةَ الصَّلَاةَ أَدْرَكْتُهُ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، إنَّكَ قَرَأْتَ بِسُورَتَيْنِ كَانَ عَلِيٌّ يَقْرَأُ بِهِمَا بِالْكُوفَةِ. قَالَ: إنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقْرَأُ بِهِمَا فِي الْجُمُعَةِ.» أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ. وَإِنْ قَرَأَ فِي الثَّانِيَةِ بِالْغَاشِيَةِ، فَحَسَنٌ؛ فَإِنَّ الضَّحَّاكَ بْنَ قَيْسٍ سَأَلَ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ: «مَاذَا كَانَ يَقْرَؤُهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ الْجُمُعَةِ، عَلَى إثْرِ سُورَةِ الْجُمُعَةِ فَقَالَ: كَانَ يَقْرَأُ بِ هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ» أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ. وَإِنْ قَرَأَ فِي الْأُولَى بِ (سَبِّحْ) وَفِي الثَّانِيَةِ بِالْغَاشِيَةِ، فَحَسَنٌ؛ فَإِنَّ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقْرَأُ فِي الْعِيدَيْنِ، وَفِي الْجُمُعَةِ، بِ " سَبِّحْ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى "، وَ " هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ " فَإِذَا اجْتَمَعَ الْعِيدُ وَالْجُمُعَةُ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ، قَرَأَ بِهِمَا أَيْضًا فِي الصَّلَاتَيْنِ» . أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ. وَرَوَى سَمُرَةُ بْنُ جُنْدُبٍ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقْرَأُ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ بِ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى} [الأعلى: ١] وَ {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ} [الغاشية: ١] مَعًا» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَالنَّسَائِيُّ
وَقَالَ مَالِكٌ: أَمَّا الَّذِي جَاءَ بِهِ الْحَدِيثُ (هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ) مَعَ سُورَةِ الْجُمُعَةِ، وَاَلَّذِي أَدْرَكْتُ عَلَيْهِ النَّاسَ بِ (سَبِّحْ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى) وَحُكِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ عَبْدِ الْعَزِيزِ، أَنَّهُ كَانَ يَسْتَحِبُّ أَنْ يَقْرَأَ فِي الثَّانِيَةِ (سَبِّحْ) ، وَلَعَلَّهُ صَارَ إلَى مَا حَكَاهُ مَالِكٌ أَنَّهُ أَدْرَكَ النَّاسَ عَلَيْهِ،
وَاتِّبَاعُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَحْسَنُ. وَمَهْمَا قَرَأَ فَهُوَ جَائِزٌ حَسَنٌ، إلَّا أَنَّ الِاقْتِدَاءَ بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَحْسَنُ، وَلِأَنَّ سُورَةَ الْجُمُعَةِ تَلِيقُ بِالْجُمُعَةِ؛ لِمَا فِيهَا مِنْ ذِكْرِهَا، وَالْأَمْرِ بِهَا، وَالْحَثِّ عَلَيْهَا.
[مَسْأَلَةٌ أَدْرَكَ مَعَ الْإِمَامِ رَكْعَةً بِسَجْدَتَيْهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ]
(١٣١٠) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَمَنْ أَدْرَكَ مَعَ الْإِمَامِ مِنْهَا رَكْعَةً بِسَجْدَتَيْهَا، أَضَافَ إلَيْهَا أُخْرَى، وَكَانَتْ لَهُ جُمُعَةً) أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ يَرَوْنَ أَنَّ مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الْجُمُعَةِ مَعَ الْإِمَامِ، فَهُوَ مُدْرِكٌ لَهَا، يُضِيفُ إلَيْهَا أُخْرَى، وَيُجْزِئُهُ. وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عُمَرَ، وَأَنَسٍ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَالْحَسَنِ، وَعَلْقَمَةَ، وَالْأَسْوَدِ، وَعُرْوَةَ، وَالزُّهْرِيِّ، وَالنَّخَعِيِّ، وَمَالِكٍ، وَالثَّوْرِيِّ، وَالشَّافِعِيِّ، وَإِسْحَاقَ، وَأَبِي ثَوْرٍ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ.
وَقَالَ عَطَاءٌ، وَطَاوُسٌ، وَمُجَاهِدٌ، وَمَكْحُولٌ: مَنْ لَمْ يُدْرِكْ الْخُطْبَةَ صَلَّى أَرْبَعًا؛ لِأَنَّ الْخُطْبَةَ شَرْطٌ لِلْجُمُعَةِ، فَلَا تَكُونُ جُمُعَةً فِي حَقِّ مَنْ لَمْ يُوجَدْ فِي حَقِّهِ شَرْطُهَا.
وَلَنَا، مَا رَوَى الزُّهْرِيُّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ أَدْرَكَ مِنْ الْجُمُعَةِ رَكْعَةً، فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ» . رَوَاهُ الْأَثْرَمُ، وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، وَلَفْظُهُ: " فَلْيَصِلْ إلَيْهَا أُخْرَى " وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الصَّلَاةِ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَلِأَنَّهُ قَوْلُ مَنْ سَمَّيْنَا مِنْ الصَّحَابَةِ، وَلَا مُخَالِفَ لَهُمْ فِي عَصْرِهِمْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute