بَيْنَهُنَّ مَجْرَى الْأَخَوَاتِ الْمُفْتَرِقَاتِ، وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي الْعَمَّاتِ الْمُفْتَرِقَاتِ فَإِنْ قُلْنَا بِتَقْدِيمِ الْخَالَاتِ، فَإِذَا انْقَرَضْنَ فَالْعَمَّاتُ بَعْدَهُنَّ، وَإِنْ قُلْنَا بِتَقْدِيمِ الْعَمَّاتِ، فَالْخَالَاتُ بَعْدَهُنَّ، فَإِذَا عُدِمْنَ، انْتَقَلَتْ إلَى خَالَاتِ الْأَبِ، عَلَى قَوْلِ الْخِرَقِيِّ، وَعَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ، إلَى خَالَاتِ الْأُمِّ وَهَلْ يُقَدَّمُ خَالَاتُ الْأَبِ عَلَى عَمَّاتِهِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ: بِنَاءً عَلَى مَا ذَكَرْنَا فِي الْخَالَاتِ وَالْعَمَّاتِ فَأَمَّا عَمَّاتُ الْأُمِّ، فَلَا حَضَانَةَ لَهُنَّ؛ لِأَنَّهُنَّ يُدْلِينَ بِأَبِي الْأُمِّ، وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ، لَا حَضَانَةَ لَهُ، وَلَا لِمَنْ أَدْلَى بِهِ.
[فَصْلٌ وَلِلرِّجَالِ مِنْ الْعَصَبَاتِ مَدْخَلٌ فِي الْحَضَانَةِ]
(٦٥٥١) فَصْلٌ: وَلِلرِّجَالِ مِنْ الْعَصَبَاتِ مَدْخَلٌ فِي الْحَضَانَةِ، وَأَوْلَاهُمْ الْأَبُ، ثُمَّ الْجَدُّ أَبُو الْأَبِ وَإِنْ عَلَا، ثُمَّ الْأَخُ مِنْ الْأَبَوَيْنِ، ثُمَّ الْأَخُ مِنْ الْأَبِ، ثُمَّ بَنُوهُمْ وَإِنْ سَفَلُوا، عَلَى تَرْتِيبِ الْمِيرَاثِ، ثُمَّ الْعُمُومَةُ، ثُمَّ بَنُوهُمْ كَذَلِكَ، ثُمَّ عُمُومَةُ الْأَبِ، ثُمَّ بَنُوهُمْ وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ: لَا حَضَانَةَ لِغَيْرِ الْآبَاءِ وَالْأَجْدَادِ؛ لِأَنَّهُمْ لَا مَعْرِفَةَ لَهُمْ بِالْحَضَانَةِ، وَلَا لَهُمْ وِلَايَةٌ بِأَنْفُسِهِمْ، فَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ حَضَانَةٌ، كَالْأَجَانِبِ وَلَنَا، أَنَّ عَلِيًّا وَجَعْفَرًا اخْتَصَمَا فِي حَضَانَةِ ابْنَةِ حَمْزَةَ، فَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِمْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ادِّعَاءَ الْحَضَانَةِ
وَلِأَنَّ لَهُمْ وِلَايَةً وَتَعْصِيبًا بِالْقَرَابَةِ، فَتَثْبُتُ لَهُمْ الْحَضَانَةُ، كَالْأَبِ وَالْجَدِّ، وَفَارَقَ الْأَجَانِبَ؛ فَإِنَّهُمْ لَيْسَتْ لَهُمْ قَرَابَةٌ وَلَا شَفَقَةٌ، وَلِأَنَّ الْأَجَانِبَ تَسَاوَوْا فِي عَدَمِ الْقَرَابَةِ، فَلَيْسَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ أَوْلَى بِالتَّقْدِيمِ مِنْ الْآخَرِ، وَالْعَصَبَاتِ لَهُمْ قَرَابَةٌ يَمْتَازُونَ بِهَا، وَأَحَقُّهُمْ بِالْحَضَانَةِ أَحَقُّهُمْ بِالْمِيرَاثِ بَعْدَ الْآبَاءِ وَالْأَجْدَادِ، وَيَقُومُونَ مَقَامَ الْأَبِ فِي التَّخْيِيرِ لِلصَّبِيِّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأُمِّ، أَوْ غَيْرِهِمَا مِمَّنْ لَهُ الْحَضَانَةُ مِنْ النِّسَاءِ، وَيَكُونُونَ أَحَقَّ بِالْجَارِيَةِ إذَا بَلَغَتْ سَبْعًا، إلَّا ابْنَ الْعَمِّ فَإِنَّ الْجَارِيَةَ لَا تُسَلَّمُ إلَيْهِ إذَا بَلَغَتْ سَبْعًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَحْرَمٍ لَهَا.
[فَصْلٌ الرِّجَالُ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ لَا حَضَانَةَ لَهُمْ مَعَ وُجُودِ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْحَضَانَةِ سِوَاهُمْ]
(٦٥٥٢) فَصْلٌ: فَأَمَّا الرِّجَالُ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ، كَالْخَالِ، وَالْأَخِ مِنْ الْأُمِّ، وَأَبِي الْأُمِّ، وَابْنِ الْأُخْتِ، فَلَا حَضَانَةَ لَهُمْ مَعَ وُجُودِ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْحَضَانَةِ سِوَاهُمْ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِامْرَأَةٍ يَتَوَلَّى الْحَضَانَةَ، وَلَا لَهُ قُوَّةُ قَرَابَةٍ كَالْعَصَبَاتِ، وَلَا حَضَانَةَ إلَّا يُدْلِي بِهِمْ، كَأُمِّ أَبِي الْأُمِّ، وَابْنَةِ الْخَالِ، وَابْنَةِ الْأَخِ مِنْ الْأُمِّ؛ لِأَنَّهُنَّ يُدْلِينَ بِمَنْ لَا حَضَانَةَ لَهُ، فَإِذَا لَمْ تَثْبُتْ لِلْمُدْلِي، فَلِلْمُدْلِينَ بِهِ أَوْلَى فَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ غَيْرُهُمْ، احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا:، هُمْ أَوْلَى؛ لِأَنَّ لَهُمْ رَحِمًا وَقَرَابَةً يَرِثُونَ بِهَا عِنْدَ عَدَمِ مَنْ هُوَ أَوْلَى مِنْهُمْ، كَذَلِكَ الْحَضَانَةُ تَكُونُ لَهُمْ عِنْدَ عَدَمِ مَنْ هُوَ أَوْلَى بِهَا مِنْهُمْ وَالثَّانِي، لَا حَقَّ لَهُمْ فِي الْحَضَانَةِ، وَيَنْتَقِلُ الْأَمْرُ إلَى الْحَاكِمِ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute