للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْل وَقْتَ وُجُوبِ الصَّوْمِ عَلَى الْمُتَمَتِّع]

(٢٦١٢) فَصْلٌ: وَوَقْتُ وُجُوبِ الصَّوْمِ وَقْتُ وُجُوبِ الْهَدْيِ؛ لِأَنَّهُ بَدَلٌ، فَكَانَ وَقْتُ وُجُوبِهِ وَقْتَ وُجُوبِ الْمُبْدَلِ، كَسَائِرِ الْأَبْدَالِ. فَإِنْ قِيلَ: فَكَيْفَ جَوَّزْتُمْ الِانْتِقَالَ إلَى الصَّوْمِ قَبْلَ زَمَانِ وُجُوبِ الْمُبْدَلِ، وَلَمْ يَتَحَقَّقْ الْعَجْزُ عَنْ الْمُبْدَلِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَتَحَقَّقُ الْمُجَوَّزُ لِلِانْتِقَالِ إلَى الْبَدَلِ زَمَنَ الْوُجُوبِ، وَكَيْفَ جَوَّزْتُمْ الصَّوْمَ قَبْلَ وُجُوبِهِ؟ قُلْنَا: إنَّا جَوَّزْنَا لَهُ الِانْتِقَالَ إلَى الْبَدَلِ، بِنَاءً عَلَى الْعَجْزِ الظَّاهِرِ، فَإِنَّ الظَّاهِرَ مِنْ الْمُعَسِّر اسْتِمْرَارُ إعْسَارِهِ وَعَجْزِهِ، كَمَا جَوَّزْنَا التَّكْفِيرَ بِالْبَدَلِ قَبْلَ وُجُوبِ الْمُبْدَلِ. وَأَمَّا تَجْوِيزُ الصَّوْمِ قَبْلَ وُجُوبِهِ، فَقَدْ ذَكَرْنَاهُ.

[مَسْأَلَة دَخَلَ فِي الصِّيَامِ ثُمَّ قَدَرَ عَلَى الْهَدْيِ]

(٢٦١٣) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَمَنْ دَخَلَ فِي الصِّيَامِ، ثُمَّ قَدَرَ عَلَى الْهَدْيِ، لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ الْخُرُوجُ مِنْ الصَّوْمِ إلَى الْهَدْيِ، إلَّا أَنْ يَشَاءَ) وَبِهَذَا قَالَ الْحَسَنُ، وَقَتَادَةُ، وَمَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ.

وَقَالَ ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ، وَحَمَّادٌ، وَالثَّوْرِيُّ: إنْ أَيْسَرَ قَبْلَ أَنْ تَكْمُلَ الثَّلَاثَةُ، فَعَلَيْهِ الْهَدْيُ، وَإِنْ أَكْمَلَ الثَّلَاثَةَ صَامَ السَّبْعَةَ. وَقِيلَ: مَتَى قَدَرَ عَلَى الْهَدْيِ قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ، انْتَقَلَ إلَيْهِ، صَامَ أَوْ لَمْ يَصُمْ. وَإِنْ وَجَدَهُ بَعْدَ أَنْ مَضَتْ أَيَّامُ النَّحْرِ أَجْزَأَهُ الصِّيَامُ، قَدَرَ عَلَى الْهَدْيِ أَوْ لَمْ يَقْدِرْ؛ لِأَنَّهُ قَدَرَ عَلَى الْمُبْدَلِ فِي زَمَنِ وُجُوبِهِ، فَلَمْ يُجْزِئْهُ الْبَدَلُ، كَمَا لَوْ لَمْ يَصُمْ.

وَلَنَا، أَنَّهُ صَوْمٌ دَخَلَ فِيهِ لِعَدَمِ الْهَدْيِ، لَمْ يَلْزَمْهُ الْخُرُوجُ إلَيْهِ، كَصَوْمِ السَّبْعَةِ، وَعَلَى هَذَا يُخَرَّجُ الْأَصْلُ الَّذِي قَاسُوا عَلَيْهِ، وَإِنَّهُ مَا شُرِعَ فِي الصِّيَامِ.

[فَصْل وَجَبَ عَلَيْهِ الصَّوْمُ فَلَمْ يَشْرَعْ حَتَّى قَدَرَ عَلَى الْهَدْيِ]

(٢٦١٤) فَصْلٌ: وَإِنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الصَّوْمُ، فَلَمْ يَشْرَعْ حَتَّى قَدَرَ عَلَى الْهَدْيِ، فَفِيهِ رِوَايَتَانِ: إحْدَاهُمَا، لَا يَلْزَمُهُ الِانْتِقَالُ إلَيْهِ. قَالَ فِي رِوَايَةِ الْمَرُّوذِيِّ: إذَا لَمْ يَصُمْ فِي الْحَجِّ فَلْيَصُمْ إذَا رَجَعَ. وَلَا يَرْجِعُ إلَى الدَّمِ، وَقَدْ انْتَقَلَ فَرْضُهُ إلَى الصِّيَامِ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ الصِّيَامَ اسْتَقَرَّ فِي ذِمَّتِهِ، لِوُجُوبِهِ حَالَ وُجُودِ السَّبَبِ الْمُتَّصِلِ بِشَرْطِهِ، وَهُوَ عَدَمُ الْهَدْيِ. وَالثَّانِيَةُ، يَلْزَمُهُ الِانْتِقَالُ إلَيْهِ. قَالَ يَعْقُوبُ: سَأَلْت أَحْمَدَ عَنْ الْمُتَمَتِّعِ إذَا لَمْ يَصُمْ قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ؟ قَالَ: عَلَيْهِ هَدْيَانِ، يَبْعَثُ بِهِمَا إلَى مَكَّةَ. أُوجِبُ عَلَيْهِ الْهَدْيَ الْأَصْلِيَّ، وَهَدْيًا لِتَأْخِيرِهِ الصَّوْمَ عَنْ وَقْتِهِ؛ وَلِأَنَّهُ قَدَرَ عَلَى الْمُبْدَلِ قَبْلَ شُرُوعِهِ فِي الْبَدَلِ، فَلَزِمَهُ الِانْتِقَالُ إلَيْهِ، كَالْمُتَيَمِّمِ إذَا وَجَدَ الْمَاءَ.

[فَصْل لَزِمَهُ صَوْمُ الْمُتْعَةِ فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ بِهِ لِعُذْرِ مَنَعَهُ عَنْ الصَّوْمَ]

(٢٦١٥) فَصْلٌ: وَمَنْ لَزِمَهُ صَوْمُ الْمُتْعَةِ، فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ بِهِ لِعُذْرٍ مَنَعَهُ عَنْ الصَّوْمَ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. وَإِنْ كَانَ لِغَيْرِ عُذْرٍ، أَطْعَمَ عَنْهُ، كَمَا يُطْعِمُ عَنْ صَوْمِ أَيَّامِ رَمَضَانَ. وَلِأَنَّهُ صَوْمٌ وَجَبَ بِأَصْلِ الشَّرْعِ، أَشْبَهَ صَوْمَ رَمَضَانَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>