أَجَازَ لَهُ أَحَدُهُمَا وَحْدَهُ، فَلَهُ ثُلُثَاهُ، وَإِنْ أَجَازَا لَهُ نِصْفَ الْعَبْدِ، فَلَهُ نِصْفُهُ، وَلَهُمَا نِصْفُهُ، وَإِنْ أَجَازَا أَحَدُهُمَا لَهُ نِصْفَ نَصِيبِهِ، وَرَدَّ الْآخَرُ، فَلَهُ النِّصْفُ كَامِلًا؛ الثُّلُثُ نَصِيبُهُ، وَالسُّدُسُ مِنْ نَصِيبِ الْمُجِيزِ، وَإِنْ أَجَازَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَهُ نِصْفَ نَصِيبِهِ، كَمَّلَ لَهُ الثُّلُثَانِ، وَإِنْ أَجَازَ لَهُ أَحَدُهُمَا نِصْفَ نَصِيبِهِ، وَالْآخَرُ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ نَصِيبِهِ، كَمَّلَ لَهُ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ الْعَبْدِ. وَإِنْ وَصَّى بِالْعَبْدِ لِاثْنَيْنِ مِنْهُمَا، فَلِلثَّالِثِ أَنْ يُجِيزَ لَهُمَا، أَوْ يَرُدَّ عَلَيْهِمَا، أَوْ يُجِيزَ لَهُمَا بَعْضَ وَصِيَّتِهِمَا، إنْ شَاءَ مُتَسَاوِيًا، وَإِنْ شَاءَ مُتَفَاضِلًا، أَوْ يَرُدَّ عَلَى أَحَدِهِمَا، وَيُجِيزَ لِلْآخَرِ وَصِيَّتَهُ كُلَّهَا أَوْ بَعْضَهَا، أَوْ يُجِيزَ لِأَحَدِهِمَا جَمِيعَ وَصِيَّتِهِ، وَلِلْآخَرِ بَعْضَهَا، فَكُلُّ ذَلِكَ جَائِزٌ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ، فَكَيْفَمَا شَاءَ فَعَلَ فِيهِ.
[مَسْأَلَةٌ أَوْصَى لِغَيْرِ وَارِثٍ بِأَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ]
(٤٦٠٥) مَسْأَلَةٌ قَالَ: (وَمَنْ أَوْصَى لِغَيْرِ وَارِثٍ بِأَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ، فَأَجَازَ ذَلِكَ الْوَرَثَةُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي، جَازَ، وَإِنْ لَمْ يُجِيزُوا، رُدَّ إلَى الثُّلُثِ) وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ الْوَصِيَّةَ لِغَيْرِ الْوَارِثِ تَلْزَمُ فِي الثُّلُثِ مِنْ غَيْرِ إجَازَةٍ، وَمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ يَقِفُ عَلَى إجَازَتِهِمْ، فَإِنْ أَجَازُوهُ جَازَ، وَإِنْ رَدُّوهُ بَطَلَ. فِي قَوْلِ جَمِيعِ الْعُلَمَاءِ. وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ «قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِسَعْدٍ حِينَ قَالَ: أُوصِي بِمَالِي كُلِّهِ؟ قَالَ: لَا. قَالَ فَبِالثُّلُثَيْنِ؟ قَالَ: لَا. قَالَ: فَبِالنِّصْفِ؟ قَالَ: لَا. قَالَ: فَبِالثُّلُثِ؟ قَالَ: الثُّلُثُ، وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ» . وَقَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «إنَّ اللَّهَ تَصَدَّقَ عَلَيْكُمْ بِثُلُثِ أَمْوَالِكُمْ عِنْدَ مَمَاتِكُمْ» . يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا شَيْءَ لَهُ فِي الزَّائِدِ عَلَيْهِ. وَحَدِيثُ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ فِي الْمَمْلُوكِينَ الَّذِينَ أَعْتَقَهُمْ الْمَرِيضُ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ سِوَاهُمْ، فَدَعَا بِهِمْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَجَزَّأَهُمْ ثَلَاثَةَ أَجْزَاءٍ، وَأَقْرَعَ بَيْنَهُمْ، فَأَعْتَقَ اثْنَيْنِ، وَأَرَقَّ أَرْبَعَةً، وَقَالَ لَهُ قَوْلًا شَدِيدًا، يَدُلُّ أَيْضًا عَلَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ فِيمَا عَدَا الثُّلُثَ، إذَا لَمْ يُجِزْ الْوَرَثَةُ، وَيَجُوزُ بِإِجَازَتِهِمْ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمْ. وَالْقَوْلُ فِي بُطْلَانِ الْوَصِيَّةِ بِالزَّائِدِ عَنْ الثُّلُثِ، كَالْقَوْلِ فِي الْوَصِيَّةِ لِلْوَارِثِ، عَلَى مَا ذَكَرْنَا. وَهَلْ إجَازَتُهُمْ تَنْفِيذٌ أَوْ عَطِيَّةٌ مُبْتَدَأَةٌ؟ فِيهِ اخْتِلَافٌ ذَكَرْنَاهُ فِي الْوَصِيَّةِ لِلْوَارِثِ. وَالْخِلَافُ فِيهِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْوَصِيَّةَ بِهِ، أَوْ الْعَطِيَّةَ لَهُ، فِي مَرَضِ الْمَوْتِ الْمَخُوفِ، صَحِيحَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى الْإِجَازَةِ، أَوْ بَاطِلَةٌ؟ فَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَنَّهَا صَحِيحَةٌ، وَأَنَّ الْإِجَازَةَ تَنْفِيذٌ مُجَرَّدٌ، لَا يَكْفِي فِيهِ قَوْلُ الْمُجِيزِ: أَجَزْت ذَلِكَ. أَوْ أَنْفَذْتُهُ.
أَوْ نَحْوَهُ مِنْ الْكَلَامِ، وَلَا يُفْتَقَرُ إلَى شُرُوطِ الْهِبَةِ. وَيَتَفَرَّعُ عَنْ هَذَا الْخِلَافِ أَنَّهُ لَوْ أَعْتَقَ عَبْدًا لَا مَالَ سِوَاهُ فِي مَرَضِهِ، أَوْ وَصَّى بِإِعْتَاقِهِ، فَأَعْتَقُوهُ بِوَصِيَّتِهِ، فَقَدْ نَفَذَ الْعِتْقُ فِي ثُلُثِهِ وَوَقَفَ عِتْقُ بَاقِيهِ عَلَى إجَازَةِ الْوَرَثَةِ، فَإِنْ أَجَازُوهُ، عَتَقَ جَمِيعُهُ، وَاخْتَصَّ عُصُبَاتُ الْمَيِّتِ بِوَلَائِهِ كُلِّهِ، إذَا قُلْنَا بِصِحَّةِ إعْتَاقِهِ وَوَصِيَّتِهِ. وَإِنْ قُلْنَا: هِيَ بَاطِلَةٌ، وَالْإِجَازَةُ عَطِيَّةٌ مُبْتَدَأَةٌ. اخْتَصَّ عُصُبَاتُ الْمَيِّتِ بِثُلُثِ وَلَائِهِ، وَكَانَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute