للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْلٌ إذَا أَحْرَمَ الْخُنْثَى الْمُشْكِلُ لَمْ يَلْزَمْهُ اجْتِنَابُ الْمَخِيطِ]

(٢٣٨٠) فَصْلٌ: إذَا أَحْرَمَ الْخُنْثَى الْمُشْكِلُ، لَمْ يَلْزَمْهُ اجْتِنَابُ الْمَخِيطِ؛ لِأَنَّنَا لَا نَتَيَقَّنُ الذُّكُورِيَّةَ الْمُوجِبَةَ لِذَلِكَ. وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: يُغَطِّي رَأْسَهُ وَيُكَفِّرُ. وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْكَفَّارَةَ لَا تَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهَا، فَلَا نُوجِبُهَا بِالشَّكِّ.

وَإِنْ غَطَّى وَجْهَهُ وَحْدَهُ، لَمْ يَلْزَمْهُ فِدْيَةٌ لِذَلِكَ. وَإِنْ جَمَعَ بَيْنَ تَغْطِيَةِ وَجْهِهِ بِنِقَابٍ أَوْ بُرْقُعٍ، وَبَيْنَ تَغْطِيَةِ رَأْسِهِ أَوْ لُبْسِ الْمَخِيطِ عَلَى بَدَنِهِ لَزِمَتْهُ الْفِدْيَةُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً.

[فَصْلٌ يُسْتَحَبُّ لِلْمَرْأَةِ الطَّوَافُ لَيْلًا]

(٢٣٨١) فَصْلٌ: وَيُسْتَحَبُّ لِلْمَرْأَةِ الطَّوَافُ لَيْلًا؛ لِأَنَّهُ أُسْتَرُ لَهَا، وَأَقَلُّ لِلزِّحَامِ، فَيُمْكِنُهَا أَنْ تَدْنُوَ مِنْ الْبَيْتِ، وَتَسْتَلِمَ الْحَجَرَ. وَقَدْ رَوَى حَنْبَلٌ، فِي (الْمَنَاسِكِ) بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، أَنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ تَطُوفُ بَعْدَ الْعِشَاءَ أُسْبُوعًا أَوْ أُسْبُوعَيْنِ، وَتُرْسِلُ إلَى أَهْلِ الْمَجَالِسِ فِي الْمَسْجِدِ: ارْتَفِعُوا إلَى أَهْلَيْكُمْ، فَإِنَّ لَهُمْ عَلَيْكُمْ حَقًّا.

وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ بْنِ بَرَكَةَ، عَنْ أُمِّهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا أَرْسَلَتْ إلَى أَصْحَابِ الْمَصَابِيحِ، أَنْ يُطْفِئُوهَا، فَأَطْفَئُوهَا، فَطُفْت مَعَهَا فِي سِتْرٍ أَوْ حِجَابٍ، فَكَانَتْ كُلَّمَا فَرَغَتْ مِنْ أُسْبُوعٍ اسْتَلَمَتْ الرُّكْنَ الْأَسْوَدَ، وَتَعَوَّذَتْ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْبَابِ، حَتَّى إذَا فَرَغَتْ مِنْ ثَلَاثَةِ أَسَابِيعَ، ذَهَبَتْ إلَى دُبُرِ سِقَايَةِ زَمْزَمِ، مِمَّا يَلِي النَّاسَ، فَصَلَّتْ سِتَّ رَكَعَاتٍ، كُلَّمَا رَكَعَتْ رَكْعَتَيْنِ انْحَرَفَتْ إلَى النِّسَاءِ، فَكَلَّمَتْهُنَّ، تَفْصِلُ بِذَلِكَ صَلَاتَهَا، حَتَّى فَرَغَتْ.

[مَسْأَلَة لَا يَتَزَوَّجُ الْمُحْرِمُ وَلَا يُزَوِّجُ]

(٢٣٨٢) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَلَا يَتَزَوَّجُ الْمُحْرِمُ، وَلَا يُزَوِّجُ، فَإِنْ فَعَلَ، فَالنِّكَاحُ بَاطِلٌ) قَوْلُهُ: (لَا يَتَزَوَّج) أَيْ لَا يَقْبَلُ النِّكَاحَ لِنَفْسِهِ، (وَلَا يُزَوِّجُ) أَيْ لَا يَكُونُ وَلِيَّا فِي النِّكَاحِ وَلَا وَكِيلًا فِيهِ. وَلَا يَجُوزُ تَزْوِيجُ الْمُحْرِمَةِ أَيْضًا.

رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ، وَابْنِهِ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وَبِهِ قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ، وَالزُّهْرِيُّ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَمَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ. وَأَجَازَ ذَلِكَ كُلَّهُ ابْنُ عَبَّاسٍ. وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِمَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «تَزَوَّجَ مَيْمُونَةَ وَهُوَ مُحْرِمٌ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَلِأَنَّهُ عَقْدٌ يَمْلِكُ بِهِ الِاسْتِمْتَاعَ، فَلَا يُحَرِّمُهُ الْإِحْرَامُ، كَشِرَاءِ الْإِمَاءِ.

وَلَنَا، مَا رَوَى أَبَانُ بْنُ عُثْمَانَ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا يَنْكِحُ الْمُحْرِمُ، وَلَا يُنْكِحُ، وَلَا يَخْطُبُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَلِأَنَّ الْإِحْرَامَ يُحَرِّمُ الطِّيبَ، فَيُحَرِّمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>