للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التَّلَفَ حَصَلَ مِنْ فِعْلِهِمَا. وَإِنْ كَانَ الْوَاقِفُ مُتَعَدِّيًا بِوُقُوفِهِ، مِثْلَ أَنْ يَقِفَ فِي طَرِيقٍ ضَيِّقٍ، فَالضَّمَانُ عَلَيْهِ دُونَ السَّائِرِ؛ لِأَنَّ التَّلَفَ حَصَلَ بِتَعَدِّيهِ، فَكَانَ الضَّمَانُ عَلَيْهِ، كَمَا لَوْ وَضَعَ حَجَرًا فِي الطَّرِيقِ، أَوْ جَلَسَ فِي طَرِيقٍ ضَيِّقٍ، فَعَثَرَ بِهِ إنْسَانٌ.

[مَسْأَلَةٌ قَالَ وَإِنْ تَصَادَمَ نَفْسَانِ يَمْشِيَانِ، فَمَاتَا]

(٧٤٠٥) : (وَإِنْ تَصَادَمَ نَفْسَانِ يَمْشِيَانِ، فَمَاتَا، فَعَلَى عَاقِلَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا دِيَةُ الْآخَرِ) . رُوِيَ هَذَا عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَالْخِلَافُ هَاهُنَا فِي الضَّمَانِ كَالْخِلَافِ فِيمَا إذَا اصْطَدَمَ الْفَارِسَانِ، إلَّا أَنَّهُ لَا تَقَاصَّ هَاهُنَا فِي الضَّمَانِ؛ لِأَنَّهُ عَلَى غَيْرِ مَنْ لَهُ الْحَقُّ؛ لِكَوْنِ الضَّمَانِ عَلَى عَاقِلَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا. وَإِنْ اتَّفَقَ أَنْ يَكُونَ الضَّمَانُ عَلَى مَنْ لَهُ الْحَقُّ، مِثْلَ أَنْ تَكُونَ الْعَاقِلَةُ هِيَ الْوَارِثَةَ، أَوْ يَكُونَ الضَّمَانُ عَلَى الْمُتَصَادِمَيْنِ، تَقَاصَّا.

وَلَا يَجِبُ الْقِصَاصُ، سَوَاءٌ كَانَ اصْطِدَامُهُمَا عَمْدًا أَوْ خَطَأً؛ لِأَنَّ الصَّدْمَةَ لَا تَقْتُلُ غَالِبًا، فَالْقَتْلُ الْحَاصِلُ بِهَا مَعَ الْعَمْدِ عَمْدُ الْخَطَأِ. وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْبَصِيرَيْنِ وَالْأَعْمَيَيْنِ، وَالْبَصِيرِ وَالْأَعْمَى، فَإِنْ كَانَتَا امْرَأَتَيْنِ حَامِلَتَيْنِ، فَهُمَا كَالرَّجُلَيْنِ، فَإِنْ أَسْقَطَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا جَنِينًا، فَعَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ نِصْفُ ضَمَانِ جَنِينِهَا وَنِصْفُ ضَمَانِ جَنِينِ صَاحِبَتِهَا؛ لِأَنَّهُمَا اشْتَرَكَتَا فِي قَتْلِهِ، وَعَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا عِتْقُ ثَلَاثِ رِقَابٍ؛ وَاحِدَةٌ لِقَتْلِ صَاحِبَتِهَا، وَاثْنَتَانِ لِمُشَارَكَتِهَا فِي الْجَنِينِ. وَإِنْ أَسْقَطَتْ إحْدَاهُمَا دُونَ الْأُخْرَى، اشْتَرَكَتَا فِي ضَمَانِهِ، وَعَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ عِتْقُ رَقَبَتَيْنِ.

وَإِنْ أَسْقَطَتَا مَعًا، وَلَمْ تَمُتْ الْمَرْأَتَانِ، فَفِي مَالِ كُلِّ وَاحِدَةٍ ضَمَانُ نِصْفِ الْجَنِينَيْنِ بِغُرَّةٍ، إذَا سَقَطَا مَيِّتَيْنِ، وَعِتْقُ رَقَبَتَيْنِ. وَإِنْ اصْطَدَمَ رَاكِبٌ وَمَاشٍ، فَهُوَ كَمَا لَوْ كَانَا مَاشِيَيْنِ. وَإِنْ اصْطَدَمَ رَاكِبَانِ فَمَاتَا، فَهُوَ كَمَا لَوْ كَانَا مَاشِيَيْنِ. (٧٤٠٦) فَصْلٌ: وَإِنْ اصْطَدَمَ عَبْدَانِ فَمَاتَا، هُدِرَتْ قِيمَتُهُمَا؛ لِأَنَّ قِيمَةَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا تَعَلَّقَتْ بِرَقَبَةِ الْآخَرِ، فَسَقَطَتْ بِتَلَفِهِ. وَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا، تَعَلَّقَتْ قِيمَتُهُ بِرَقَبَةِ الْحَيِّ، فَإِنْ هَلَكَ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الْقِيمَةِ، سَقَطَتْ لِفَوَاتِ مَحَلِّهَا.

وَإِنْ تَصَادَمَ حُرٌّ وَعَبْدٌ، فَمَاتَا، تَعَلَّقَتْ دِيَةُ الْحُرِّ بِرَقَبَةِ الْعَبْدِ، ثُمَّ انْتَقَلَتْ إلَى قِيمَةِ الْعَبْدِ، وَوَجَبَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ فِي تَرِكَةِ الْحُرِّ فَيَتَقَاصَّانِ، فَإِنْ كَانَتْ دِيَةُ الْحُرِّ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ، سَقَطَتْ الزِّيَادَةُ؛ لِأَنَّهَا لَا مُتَعَلِّقَ لَهَا، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ أَكْثَرَ، أَخَذَ الْفَضْلَ مِنْ تَرِكَةِ الْجَانِي، وَفِي مَالِ الْحُرِّ عِتْقُ رَقَبَةٍ، وَلَا شَيْءَ عَلَى الْعَبْدِ؛ لِأَنَّ تَكْفِيرَهُ بِالصَّوْمِ، فَيَفُوتُ بِفَوَاتِهِ. وَإِنْ مَاتَ الْعَبْدُ وَحْدَهُ، فَقِيمَتُهُ فِي ذِمَّةِ الْحُرِّ؛ لِأَنَّ الْعَاقِلَةَ لَا تَحْمِلُ الْعَبْدِ. وَإِنْ مَاتَ الْحُرُّ وَحْدَهُ، تَعَلَّقَتْ دِيَتُهُ بِرَقَبَةِ الْعَبْدِ، وَعَلَيْهِ صِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ.

وَإِنْ مَاتَ الْعَبْدُ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الدِّيَةِ، سَقَطَتْ. وَإِنْ قَتَلَهُ أَجْنَبِيٌّ، فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ، وَيَتَحَوَّلُ مَا كَانَ مُتَعَلِّقًا بِرَقَبَتِهِ إلَى قِيمَتِهِ؛ لِأَنَّهَا بَدَلُهُ، وَقَائِمَةٌ مَقَامَهُ، وَتُسْتَوْفَى مِمَّنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>