للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَيَانٌ لِلْغَسْلِ الْمَأْمُورِ بِهِ فِي الْآيَةِ، فَإِنَّ " إلَى " تُسْتَعْمَلُ بِمَعْنَى مَعَ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ} [هود: ٥٢] . أَيْ مَعَ قُوَّتِكُمْ، {وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ} [النساء: ٢] ، وَ {مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ} [آل عمران: ٥٢] . فَكَانَ فِعْلُهُ مُبَيِّنًا. وَقَوْلُهُمْ: إنَّ " إلَى " لِلْغَايَةِ. قُلْنَا: وَقَدْ تَكُونُ بِمَعْنَى مَعَ، قَالَ الْمُبَرِّدُ: إذَا كَانَ الْحَدُّ مِنْ جِنْسِ الْمَحْدُودِ دَخَلَ فِيهِ، كَقَوْلِهِمْ: بِعْت هَذَا الثَّوْبَ مِنْ هَذَا الطَّرَفِ إلَى هَذَا الطَّرَفِ.

[فَصْل خُلِقَ لَهُ إصْبَعٌ زَائِدَةٌ أَوْ يَدٌ زَائِدَةٌ فِي مَحَلِّ الْفَرْضِ]

(١٦١) فَصْلٌ: وَإِنْ خُلِقَ لَهُ إصْبَعٌ زَائِدَةٌ، أَوْ يَدٌ زَائِدَةٌ فِي مَحَلِّ الْفَرْضِ، وَجَبَ غَسْلُهَا مَعَ الْأَصْلِيَّةِ؛ لِأَنَّهَا نَابِتَةٌ فِيهِ، أَشْبَهَتْ الثُّؤْلُولَ، وَإِنْ كَانَتْ نَابِتَةً فِي غَيْرِ مَحَلِّ الْفَرْضِ كَالْعَضُدِ أَوْ الْمَنْكِبِ، لَمْ يَجِبْ غَسْلُهَا، سَوَاءٌ كَانَتْ قَصِيرَةً أَوْ طَوِيلَةً؛ لِأَنَّهَا فِي غَيْرِ مَحَلِّ الْفَرْضِ، فَأَشْبَهَتْ شَعْرَ الرَّأْسِ إذَا نَزَلَ عَنْ الْوَجْهِ، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ حَامِدٍ وَابْنِ عَقِيلٍ وَقَالَ الْقَاضِي: إنْ كَانَ بَعْضُهَا يُحَاذِي مَحَلَّ الْفَرْضِ غَسَلَ مَا يُحَاذِيهِ مِنْهَا. وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ. وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ فِي ذَلِكَ، كَنَحْوٍ مِمَّا ذَكَرْنَا.

وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْأَصْلِيَّةَ مِنْهُمَا وَجَبَ غَسْلُهُمَا جَمِيعًا؛ لِأَنَّ غَسْلَ إحْدَاهُمَا وَاجِبٌ، وَلَا يَخْرُجُ عَنْ عُهْدَةِ الْوَاجِبِ يَقِينًا إلَّا بِغَسْلِهِمَا، فَوَجَبَ غَسْلُهُمَا، كَمَا لَوْ تَنَجَّسَتْ إحْدَى يَدَيْهِ وَلَمْ يَعْلَمْ عَيْنَهَا.

[فَصْل وُضُوء مِنْ تَعَلَّقَتْ جِلْدَةٌ مِنْ غَيْرِ مَحَلِّ الْفَرْضِ حَتَّى تَدَلَّتْ مِنْ مَحَلِّ الْفَرْضِ]

(١٦٢) فَصْلٌ: وَإِنْ انْقَلَعَتْ جِلْدَةٌ مِنْ غَيْرِ مَحَلِّ الْفَرْضِ، حَتَّى تَدَلَّتْ مِنْ مَحَلِّ الْفَرْضِ، وَجَبَ غَسْلُهَا؛ لِأَنَّ أَصْلَهَا فِي مَحَلِّ الْفَرْضِ، فَأَشْبَهَتْ الْإِصْبَعَ الزَّائِدَةَ، وَإِنْ تَقَلَّعَتْ مِنْ مَحَلِّ الْفَرْضِ حَتَّى صَارَتْ مُتَدَلِّيَةً مِنْ غَيْرِ مَحَلِّ الْفَرْضِ، لَمْ يَجِبْ غَسْلُهَا؛ قَصِيرَةً كَانَتْ أَوْ طَوِيلَةً بِلَا خِلَافٍ؛ لِأَنَّهَا فِي غَيْرِ مَحَلِّ الْفَرْضِ وَإِنْ تَعَلَّقَتْ مِنْ أَحَدِ الْمَحَلَّيْنِ، فَالْتَحَمَ رَأْسُهَا فِي الْآخَرِ، وَبَقِيَ وَسَطُهَا مُتَجَافِيًا، صَارَتْ كَالنَّابِتَةِ فِي الْمَحَلَّيْنِ، يَجِبُ غَسْلُ مَا حَاذَى مَحَلَّ الْفَرْضِ مِنْهَا مِنْ ظَاهِرِهَا وَبَاطِنِهَا، وَغَسْلُ مَا تَحْتَهَا مِنْ مَحَلِّ الْفَرْضِ.

[فَصْل حُكْم الْوُضُوء لِمَنْ قُطِعَتْ يَدُهُ مِنْ دُونِ الْمِرْفَقِ]

(١٦٣) فَصْلٌ: وَإِنْ قُطِعَتْ يَدُهُ مِنْ دُونِ الْمِرْفَقِ، غَسَلَ مَا بَقِيَ مِنْ مَحَلِّ الْفَرْضِ. وَإِنْ قُطِعَتْ مِنْ الْمِرْفَقِ غَسَلَ الْعَظْمَ الَّذِي هُوَ طَرَفُ الْعَضُدِ؛ لِأَنَّ غَسْلَ الْعَظْمَيْنِ الْمُتَلَاقِيَيْنِ مِنْ الذِّرَاعِ وَالْعَضُدِ وَاجِبٌ، فَإِذَا زَالَ أَحَدُهُمَا غَسَلَ الْآخَرَ. وَإِنْ كَانَ مِنْ فَوْقِ الْمِرْفَقَيْنِ سَقَطَ الْغَسْلُ لِعَدَمِ مَحَلِّهِ.

فَإِنْ كَانَ أَقْطَعَ الْيَدَيْنِ فَوَجَدَ مَنْ يُوَضِّئُهُ مُتَبَرِّعًا لَزِمَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَيْهِ. وَإِنْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يُوَضِّئُهُ إلَّا بِأَجْرٍ يَقْدِرُ عَلَيْهِ، لَزِمَهُ أَيْضًا كَمَا يَلْزَمُهُ شِرَاءُ الْمَاءِ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ يَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَلْزَمَهُ، كَمَا لَوْ عَجَزَ عَنْ الْقِيَامِ فِي الصَّلَاةِ لَمْ يَلْزَمْهُ اسْتِئْجَارُ مَنْ يُقِيمُهُ وَيَعْتَمِدُ عَلَيْهِ. وَإِنْ عَجَزَ عَنْ الْأَجْرِ، أَوْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى مَنْ يَسْتَأْجِرُهُ، صَلَّى عَلَى حَسَبِ حَالِهِ، كَعَادِمِ الْمَاءِ وَالتُّرَابِ. وَإِنْ وَجَدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>