عَلَى كُلِّ حَالٍ؛ لِمَا رَوَى ابْنُ مَسْعُودٍ «، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَجْلِسُ فِي وَسَطِ الصَّلَاةِ وَآخِرِهَا مُتَوَرِّكًا» .
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: إنْ كَانَ مُتَوَسِّطًا كَقَوْلِنَا، وَإِنْ كَانَ آخِرَ صَلَاتِهِ كَقَوْلِ مَالِكٍ. وَلَنَا، حَدِيثُ أَبِي حُمَيْدٍ «، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَلَسَ - يَعْنِي لِلتَّشَهُّدِ - فَافْتَرَشَ رِجْلَهُ الْيُسْرَى، وَأَقْبَلَ بِصَدْرِ الْيُمْنَى عَلَى قِبْلَتِهِ.» وَقَالَ وَائِلُ بْنُ حُجْرٍ: قُلْت: لَأَنْظُرَنَّ إلَى صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. «فَلَمَّا جَلَسَ - يَعْنِي لِلتَّشَهُّدِ - افْتَرَشَ رِجْلَهُ الْيُسْرَى، وَوَضَعَ يَدَهُ الْيُسْرَى عَلَى فَخِذِهِ الْيُسْرَى، وَنَصَبَ رِجْلَهُ الْيُمْنَى» . وَهَذَانِ حَدِيثَانِ صَحِيحَانِ حَسَنَانِ، يَتَعَيَّنُ الْأَخْذُ بِهِمَا، وَتَقْدِيمُهُمَا عَلَى حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ؛ لِصِحَّتِهِمَا وَكَثْرَةِ رُوَاتِهِمَا، فَإِنَّ أَبَا حُمَيْدٍ ذَكَرَ حَدِيثَهُ فِي عَشَرَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ فَصَدَّقُوهُ، وَهُمَا مُتَأَخِّرَانِ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ
، وَإِنَّمَا يُؤْخَذُ بِالْآخِرِ فَالْآخِرِ مِنْ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ بَيَّنَ أَبُو حُمَيْدٍ فِي حَدِيثِهِ الْفَرْقَ بَيْنَ التَّشَهُّدَيْنِ، فَتَكُونُ زِيَادَةً، وَالْأَخْذُ بِالزِّيَادَةِ وَاجِبٌ.
[مَسْأَلَة الْمُصَلِّي إذَا جَلَسَ لِلتَّشَهُّدِ]
(٧٤٤) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (ثُمَّ يَبْسُطُ كَفَّهُ الْيُسْرَى عَلَى فَخِذِهِ الْيُسْرَى، وَيَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى فَخِذِهِ الْيُمْنَى، وَيُحَلِّقُ الْإِبْهَامَ مَعَ الْوُسْطَى؛ وَيُشِيرُ بِالسَّبَّابَةِ) وَجُمْلَتُهُ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْمُصَلِّي إذَا جَلَسَ لِلتَّشَهُّدِ وَضْعُ الْيَدِ الْيُسْرَى عَلَى فَخِذِ الْيُسْرَى، مَبْسُوطَةً مَضْمُومَةَ الْأَصَابِعِ، مُسْتَقْبِلًا بِجَمِيعِ أَطْرَافِ أَصَابِعِهَا الْقِبْلَةَ، وَيَضَعُ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى فَخِذِهِ الْيُمْنَى، يَقْبِضُ مِنْهَا الْخِنْصَرَ وَالْبِنْصِرَ، وَيُحَلِّقُ الْإِبْهَامَ مَعَ الْوُسْطَى، وَيُشِيرُ بِالسَّبَّابَةِ، وَهِيَ الْإِصْبَعُ الَّتِي تَلِي الْإِبْهَامَ؛ لِمَا رَوَى وَائِلُ بْنُ حُجْرٌ «، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَضَعَ مَرْفِقَهُ الْأَيْمَنَ عَلَى فَخِذِهِ الْيُمْنَى، ثُمَّ عَقَدَ مِنْ أَصَابِعِهِ الْخِنْصَرَ وَاَلَّتِي تَلِيهَا، وَحَلَّقَ حَلْقَةً بِإِصْبَعِهِ الْوُسْطَى وَالْإِبْهَامِ، وَرَفَعَ السَّبَّابَةَ مُشِيرًا بِهَا» .
قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الْآمِدِيُّ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ يَجْمَعُ أَصَابِعَهُ الثَّلَاثَ، وَيَعْقِدُ الْإِبْهَامَ كَعَقْدِ الْخَمْسِينَ؛ لِمَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ، «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى رُكْبَتِهِ الْيُمْنَى، وَعَقَدَ ثَلَاثًا وَخَمْسِينَ، وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَقَالَ الْآمِدِيُّ: وَرُوِيَ أَنَّهُ يَبْسُطُ الْخِنْصَرَ وَالْبِنْصِرَ؛ لِيَكُونَ مُسْتَقْبِلًا بِهِمَا الْقِبْلَةَ.
وَالْأَوَّلُ أَوْلَى؛ اقْتِدَاءً بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَيُشِيرُ بِالسَّبَّابَةِ، يَرْفَعُهَا عِنْدَ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى فِي تَشَهُّدِهِ؛ لِمَا رَوَيْنَا، وَلَا يُحَرِّكُهَا؛ لِمَا رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ «، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُشِيرُ بِإِصْبَعِهِ وَلَا يُحَرِّكُهَا» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد. وَفِي لَفْظٍ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا قَعَدَ - يَدْعُو - وَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى فَخِذِهِ الْيُمْنَى، وَيَدَهُ الْيُسْرَى عَلَى فَخِذِهِ الْيُسْرَى، وَأَشَارَ بِإِصْبَعِهِ.»
[مَسْأَلَة أَفْضَلُ التَّشَهُّدِ]
(٧٤٥) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَيَتَشَهَّدُ، فَيَقُولُ: «التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ، وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ، السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute