قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ الْتَقَطَ دِرْهَمًا، أَوْ حَبْلًا، أَوْ شِبْهَ ذَلِكَ، فَلْيُعَرِّفْهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَإِنْ كَانَ فَوْقَ ذَلِكَ، فَلْيُعَرِّفْهُ سَبْعَةَ أَيَّامٍ.»
وَلَنَا: حَدِيثُ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الصَّحِيحُ فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَهُ بِعَامٍ وَاحِدٍ، وَلِأَنَّ السَّنَةَ لَا تَتَأَخَّرُ عَنْهَا الْقَوَافِلُ، وَيَمْضِي فِيهَا الزَّمَانُ الَّذِي تُقْصَدُ فِيهِ الْبِلَادُ، مِنْ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ وَالِاعْتِدَالِ، فَصَلُحَتْ قَدْرًا كَمُدَّةِ أَجَلِ الْعَيْنِ. وَأَمَّا حَدِيثُ أُبَيٍّ، فَقَدْ قَالَ الرَّاوِي: لَا أَدْرِي ثَلَاثَةَ أَعْوَام أَوْ عَامًا وَاحِدًا قَالَ أَبُو دَاوُد: شَكَّ الرَّاوِي فِي ذَلِكَ. وَحَدِيثُ يَعْلَى لَمْ يَقُلْ بِهِ قَائِلٌ عَلَى وَجْهِهِ، وَحَدِيثُ زَيْدٍ وَأُبَيُّ أَصَحُّ مِنْهُ وَأَوْلَى. إذَا ثَبَتَ هَذَا، فَإِنَّهُ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ السَّنَةُ تَلِي الِالْتِقَاطَ، وَتَكُونَ مُتَوَالِيَةً فِي نَفْسِهَا
لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ بِتَعْرِيفِهَا حِينَ سُئِلَ عَنْهَا، وَالْأَمْرُ يَقْتَضِي الْفَوْرَ، وَلِأَنَّ الْقَصْدَ بِالتَّعْرِيفِ وُصُولُ الْخَبَرِ إلَى صَاحِبِهَا، وَذَلِكَ يَحْصُلُ بِالتَّعْرِيفِ عَقِيبَ ضَيَاعِهَا مُتَوَالِيًا؛ لِأَنَّ صَاحِبَهَا فِي الْغَالِبِ إنَّمَا يَتَوَقَّعُهَا وَيَطْلُبُهَا عَقِيبَ ضَيَاعِهَا، فَيَجِبُ تَخْصِيصُ التَّعْرِيفِ بِهِ.
[الْفَصْلُ الثَّالِث زَمَان تَعْرِيف اللُّقَطَةِ]
الْفَصْلُ الثَّالِثُ: فِي زَمَانِهِ وَهُوَ النَّهَارُ دُونَ اللَّيْلِ؛ لِأَنَّ النَّهَارَ مَجْمَعُ النَّاسِ وَمُلْتَقَاهُمْ دُونَ اللَّيْلِ، وَيَكُونُ ذَلِكَ فِي الْيَوْمِ الَّذِي وَجَدَهَا، وَالْأُسْبُوعُ أَكْثَرُ؛ لِأَنَّ الطَّلَبَ فِيهِ أَكْثَرُ، وَلَا يَجِبُ فِيمَا بَعْدَ ذَلِكَ مُتَوَالِيًا. وَقَدْ رَوَى الْجُوزَجَانِيُّ بِإِسْنَادِهِ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ زَيْدٍ الْجُهَنِيِّ، قَالَ: نَزَلْنَا مُنَاخَ رَكْبٍ، فَوَجَدْت خِرْقَةً فِيهَا قَرِيبٌ مِنْ مِائَةِ دِينَارٍ، فَجِئْت بِهَا إلَى عُمَرَ، فَقَالَ: عَرِّفْهَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ، ثُمَّ أَمْسِكْهَا حَتَّى قَرْنِ السَّنَةِ، وَلَا يَفِدُ مِنْ رَكْبٍ إلَّا نَشَدْتهَا، وَقُلْت: الذَّهَبُ بِطَرِيقِ الشَّامِ ثُمَّ شَأْنَك بِهَا.
[الْفَصْلُ الرَّابِع مَكَان تَعْرِيف اللُّقَطَةِ]
(٤٤٩٧) الْفَصْلُ الرَّابِعُ: فِي مَكَانِهِ، وَهُوَ الْأَسْوَاقُ، وَأَبْوَابُ الْمَسَاجِدِ وَالْجَوَامِعِ، فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَجْتَمِعُونَ فِيهِ، كَأَدْبَارِ الصَّلَوَاتِ فِي الْمَسَاجِدِ، وَكَذَلِكَ فِي مَجَامِعِ النَّاسِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ إشَاعَةُ ذِكْرِهَا، وَإِظْهَارُهَا، لِيَظْهَرَ عَلَيْهَا صَاحِبُهَا، فَيَجِبُ تَحَرِّي مَجَامِعِ النَّاسِ، وَلَا يَنْشُدُهَا فِي الْمَسْجِدِ؛ لِأَنَّ الْمَسْجِدَ لَمْ يُبْنَ لِهَذَا. وَقَدْ رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ، عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ سَمِعَ رَجُلًا يَنْشُدُ ضَالَّةً فِي الْمَسْجِدِ، فَلْيَقُلْ: لَا رَدَّهَا اللَّهُ إلَيْك، فَإِنَّ الْمَسَاجِدَ لَمْ تُبْنَ لِهَذَا» . وَأَمَرَ عُمَرُ وَاجِدَ اللُّقَطَةِ بِتَعْرِيفِهَا عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ.
[الْفَصْلُ الْخَامِس فِيمَنْ يَتَوَلَّاهُ تَعْرِيف اللُّقَطَةِ]
(٤٤٩٨) الْفَصْلُ الْخَامِسُ: فِيمَنْ يَتَوَلَّاهُ، وَلِلْمُلْتَقِطِ أَنْ يَتَوَلَّى ذَلِكَ بِنَفْسِهِ، وَلَهُ أَنْ يَسْتَنِيبَ فِيهِ، فَإِنْ وَجَدَ مُتَبَرِّعًا بِذَلِكَ، وَإِلَّا إنْ احْتَاجَ إلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute