مَسْحِ وَجْهِهِ، وَكَيْفَمَا مَسَحَ بَعْدَ اسْتِيعَابِ مَحَلِّ الْفَرْضِ أَجْزَأَهُ، سَوَاءٌ كَانَ بِضَرْبَةٍ، أَوْ ضَرْبَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ، أَوْ أَكْثَرَ.
[فَصْل تَيَمَّمَ بِضَرْبَتَيْنِ لِلْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ إلَى الْمِرْفَقَيْنِ]
(٣٦٣) فَصْلٌ: وَإِنْ تَيَمَّمَ بِضَرْبَتَيْنِ لِلْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ إلَى الْمِرْفَقَيْنِ، فَإِنَّهُ يَمْسَحُ بِالْأُولَى وَجْهَهُ، وَيَمْسَحُ بِالثَّانِيَةِ يَدَيْهِ، فَيَضَعُ بُطُونَ أَصَابِعِ يَدِهِ الْيُسْرَى عَلَى ظُهُورِ أَصَابِعِ يَدِهِ الْيُمْنَى، وَيُمِرُّهَا عَلَى ظَهْرِ الْكَفِّ، فَإِذَا بَلَغَ الْكُوعَ قَبَضَ أَطْرَافَ أَصَابِعِهِ عَلَى حَرْفِ الذِّرَاعِ، وَيُمِرُّهَا إلَى مِرْفَقِهِ، ثُمَّ يُدِيرُ بَطْنَ كَفِّهِ إلَى بَطْنِ الذِّرَاعِ، وَيُمِرُّهَا عَلَيْهِ، وَيَرْفَعُ إبْهَامَهُ، فَإِذَا بَلَغَ الْكُوعَ أَمَرَّ الْإِبْهَامَ عَلَى ظَهْرِ إبْهَامِ يَدِهِ الْيُمْنَى، وَيَمْسَحُ بِيَدِهِ الْيُمْنَى يَدَهُ الْيُسْرَى كَذَلِكَ، وَيَمْسَحُ إحْدَى الرَّاحَتَيْنِ بِالْأُخْرَى، وَيُخَلِّلُ بَيْنَ أَصَابِعِهِمَا، وَلَوْ مَسَحَ إلَى الْمِرْفَقَيْنِ بِضَرْبَةٍ وَاحِدَةٍ، أَوْ ثَلَاثٍ، أَوْ أَكْثَرَ جَازَ؛ لِأَنَّهُ مَسَحَ مَحَلَّ التَّيَمُّمِ بِالْغُبَارِ، فَجَازَ كَمَا لَوْ مَسَحَهُ بِضَرْبَتَيْنِ.
[فَصْل بَقِيَ مِنْ مَحَلِّ الْفَرْضِ شَيْءٌ لَمْ يَصِلْهُ التُّرَابُ]
فَصْلٌ: فَإِنْ بَقِيَ مِنْ مَحَلِّ الْفَرْضِ شَيْءٌ لَمْ يَصِلْهُ التُّرَابُ، أَمَرَّ يَدَهُ عَلَيْهِمَا، مَا لَمْ يَفْصِلْ رَاحَتَهُ، فَإِنْ فَصَلَ رَاحَتَهُ، وَكَانَ قَدْ بَقِيَ عَلَيْهَا غُبَارٌ، جَازَ أَنْ يَمْسَحَ بِهَا. وَإِنْ لَمْ يَبْقَ عَلَيْهَا غُبَارٌ، احْتَاجَ إلَى ضَرْبَةٍ أُخْرَى. وَإِنْ كَانَ الْمَتْرُوكُ مِنْ الْوَجْهِ مَسَحَهُ، وَأَعَادَ مَسْحَ يَدَيْهِ، لِيَحْصُلَ التَّرْتِيبُ. وَإِنْ تَطَاوَلَ الْفَصْلُ بَيْنَهُمَا، وَقُلْنَا بِوُجُوبِ الْمُوَالَاةِ، اسْتَأْنَفَ التَّيَمُّمَ، لِتَحْصُلَ الْمُوَالَاةُ. وَيُرْجَعُ فِي طُولِ الْفَصْلِ وَقِصَرِهِ إلَى الْقَدْرِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي الطَّهَارَةِ؛ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ فَرْعٌ عَلَيْهَا. وَالْحُكْمُ فِي التَّسْمِيَةِ كَالْحُكْمِ فِي التَّسْمِيَةِ فِي الْوُضُوءِ، مَا مَضَى مِنْ الْخِلَافِ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ بَدَلٌ مِنْهُ.
[فَصْل مَسْحُ الْيَدَيْنِ إلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي يُقْطَعُ مِنْهُ السَّارِقُ]
(٣٦٥) فَصْلٌ: وَيَجِبُ مَسْحُ الْيَدَيْنِ إلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي يُقْطَعُ مِنْهُ السَّارِقُ، أَوْمَأَ أَحْمَدُ إلَى هَذَا لَمَّا سُئِلَ عَنْ التَّيَمُّمِ، فَأَوْمَأَ إلَى كَفِّهِ وَلَمْ يُجَاوِزْهُ، وَقَالَ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: ٣٨] . مِنْ أَيْنَ تُقْطَعُ يَدُ السَّارِقِ؟ أَلَيْسَ مِنْ هَاهُنَا؟ وَأَشَارَ إلَى الرُّسْغِ. وَقَدْ رَوَيْنَا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ نَحْوَ هَذَا، فَعَلَى هَذَا، إنْ كَانَ أَقْطَعَ مِنْ فَوْقِ الرُّسْغِ سَقَطَ مَسْحُ الْيَدَيْنِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ دُونِهِ مَسَحَ مَا بَقِيَ، وَإِنْ كَانَ مِنْ الْمِفْصَلِ، فَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: يَمْسَحُ مَوْضِعَ الْقَطْعِ. قَالَ: وَنَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ؛ لِأَنَّ الرُّسْغَيْنِ فِي التَّيَمُّمِ كَالْمِرْفَقَيْنِ فِي الْوُضُوءِ، فَكَمَا أَنَّهُ إذَا قُطِعَ مِنْ الْمِرْفَقَيْنِ فِي الْوُضُوءِ، غَسَلَ مَا بَقِيَ، كَذَا هَاهُنَا يَمْسَحُ الْعَظْمَ الْبَاقِيَ.
وَقَالَ الْقَاضِي: يَسْقُطُ الْفَرْضُ؛ لِأَنَّ مَحَلَّهُ الْكَفُّ الَّذِي يُؤْخَذُ فِي السَّرِقَةِ، وَقَدْ ذَهَبَ، لَكِنْ يُسْتَحَبُّ إمْرَارُ التُّرَابِ عَلَيْهِ. وَمَسْحُ الْعَظْمِ الْبَاقِي مَعَ بَقَاءِ الْكَفِّ إنَّمَا كَانَ ضَرُورَةَ اسْتِيعَابِ الْوَاجِبِ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ لَا يَتِمُّ إلَّا بِهِ، فَإِذَا زَالَ الْأَصْلُ الْمَأْمُورُ بِهِ، سَقَطَ مَا وَجَبَ لِضَرُورَتِهِ، كَمَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute